عنف الشرطة في تونس يثير قلقا أمميا

المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تعتبر أن الانتهاكات المتكررة منذ بداية العام تكشف عن خلل مستمر في أجهزة الأمن الداخلي التونسية، داعية الحكومة إلى الالتزام بالمعايير الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان
مفوضية حقوق الإنسان تلقت معلومات عن انتهاكات خطيرة تورط فيها أمنيون
صور صادمة لعملية سحل شاب وتعريته واعتداءات على محتجين تهز تونس
تونس عالقة في انسداد سياسي ارتد انفلاتا على أكثر من صعيد
إدارة رئيس الحكومة لوزارة الداخلية بالنيابة تكشف عن خلل في إدارة الأجهزة الأمنية

تونس - تعيش تونس على وقع أزمة جديدة، حيث تواجه قوات الأمن انتقادات عنيفة محليا ودوليا بعد انتشار صور ومقاطع فيديو صادمة تظهر تعاملا عنيفا لعناصر الشرطة مع متظاهرين من بينها تلك التي ظهروا فيها وهم يجردون قاصرا من كل ملابسه ويسحلونه عاريا تماما وأخرى تظهرهم وهم جاثمين على محتج أو وهم يعتدون على امرأة في شارع الحبيب بورقيبة الشارع الذي له رمزية كونه كان شاهدا على سقوط نظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2011.

وأعلن مكتب تونس للمفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة اليوم الاثنين عن قلقه البالغ من الادعاءات المتكررة عن تورط الشرطة في انتهاكات خطيرة ضد حقوق الإنسان.

وقال المكتب في بيان نشره الاثنين، إنه تلقى معلومات مفصلة خلال النصف الأول من العام الحالي ترتبط بعدة حوادث خطيرة تورطت فيها عناصر من قوات الأمن الداخلي، أفضت إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

ويأتي بيان المنظمة في أعقاب احتجاجات حي سيدي حسين الشعبي القريب من العاصمة منذ أيام امتدت لاحقا إلى أحياء أخرى احتجاجا على وفاة شاب في مركز للإيقاف ومن ثمة انتشار مقطع فيديو يتضمن تعنيف قوات الشرطة لشاب عار وسحله بعد نزعهم لسرواله في الشارع وفي وضح النهار.

وهذه أحدث أعمال عنف تكون الشرطة طرفا فيها، ما أثار احتجاجات وانتقادات لاذعة ضد وزارة الداخلية التي يقودها رئيس الحكومة هشام المشيشي بالنيابة بعد إقالته وزير الداخلية السابق توفيق شرف الدين.

وخلال النصف الأول من العالم الحالي وثقت منظمات حقوقية من بينها رابطة حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، انتهاكات واسعة النطاق في مراكز الإيقاف في تونس على الرغم من مرور نحو عقد على الانتقال الديمقراطي في البلاد.

وفي مارس/اذار الماضي توفي الشاب عبدالسلام الزيان المصاب بداء السكري في مركز للإيقاف بصفاقس بعد تأخره في تناول جرعات الأنسولين، وواجهت الشرطة اتهامات بالإهمال والتقصير في ما حصل.

وقبلها فقد الشاب أحمد قم خصيته بسبب العنف المبرح على أيدي عناصر من الشرطة في مركز الإيقاف في المنستير أثناء الاحتجاجات الاجتماعية التي اجتاحت عدة مدن تونسية في يناير/كانون الثاني الماضي وأدت إلى توقيف حوالي 1500 شخص من بينهم عدد كبير من الأطفال القصر.

وقال مكتب المفوضية في بيانه "تكشف الانتهاكات المتكررة منذ بداية العام عن خلل مستمر في أجهزة الأمن الداخلي ما يتطلب إرادة ثابتة من السلطات القضائية والتنفيذية بهدف المحاسبة طبقا للقانون الذي يتطلع إليه التونسيون".

وحثت المفوضية السلطات بالشروع في أو إنهاء تحقيقات إدارية وقضائية شفافة ومستقلة وسريعة في كل هذه الادعاءات.

كما طالبت الحكومة التونسية "بمضاعفة جهودها من أجل ترجمة التزامها المتكرر باحترام المعايير الوطنية والدولية في مجال حقوق الإنسان، إلى أفعال ملموسة من الضمان الفعلي للحقوق والحريات الأساسية والأمن للأفراد".

ويواجه رئيس الوزراء التونسي انتقادات حادة وحملته أحزاب ومنظمات المجتمع المدني المسؤولية عن تلك الانتهاكات بصفتيه: رئيسا للحكومة ووزيرا للداخلية بالنيابة.

وتقول الداخلية التونسية إن تلك الانتهاكات حالات فردية معزولة، إلا أن تكرارها نفى عنها صفة الفردية.

ويقول حقوقيون إن ممارسات التعذيب والانتهاكات المتكررة بحق موقوفين أو محتجين هي ممارسات ممنهجة وأن رئيس الحكومة لم يتحرك لردعها حفاظا على حزامه السياسي الذي تشكله أساسا النهضة الإسلامية.