عن الدور الايراني في المنطقة

لم يعد أتباع إيران في المنطقة يكتفون بدور الطابور الخامس. صاروا يريدون أن يكونوا كل شيء.

ليس الحديث عن الدور الايراني في المنطقة كأي حديث آخر يمكن تناوله والخوض فيه. فهو حديث متشعب وذو شجون له جوانب متباينة ويفتح الكثير من الابواب وإن أخطر ما فيه هو إنه ولمدى ومستوى خطورته الفائقة فقد طغى على كافة الادوار الاخرى المهددة والمٶثرة على الامن القومي لبلدان المنطقة وهو ما يمكن ملاحظته عربيا وإسلاميا ودوليا بمنتهى الوضوح وصار كأمر واقع يفرض نفسه.

أقوى وأخطر ما في الدور الايراني، هو إنه يقوم بالتحرك وتنفيذ المخططات والاجندة الخاصة به بالانابة أو بالوكالة، خصوصا بعد أن إستطاع توظيف العامل الطائفي لصالحه والتمويه على الشيعة العرب بشكل ملفت للنظر. وليس من الغريب والعجيب أن نجد أن معظم العمليات والنشاطات الارهابية التي قام بها في العقد الثامن من القرن الماضي ومهاجمته لقواعد وقوات أميركية أو إغتيالات غير عادية نظير الذي تم التخطيط له في الكويت، إنما كانت بأيادي شيعة عرب تم تجنيدهم من قبل هذا النظام.

الدور الايراني لم يقتصر على إستخدام الشيعة العرب ضد بلدان عربية أخرى أو ضد قوات وقواعد أميركية فقط بل وحتى ضد شعوبهم وأوطانهم، وهذا أخطر ما في الدور الايراني ولاسيما وإنه قد إستطاع لفت الانظار من العدو الخارجي المتربص ببلدان المنطقة والاخطار والتهديدات الاخرى بإتجاه عدو داخلي مفتعل ومصطنع، وبدلا من الانصراف بالعدو الخارجي صارت بلدان المنطقة مشغولة بطابور خامس مزروع داخلها ويمثل خطرا جديا عليها.

الزيارة الحالية التي يقوم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للمنطقة وما قد أعلن خلالها عن النية لعقد قمة دولية تبحث ملفي إيران والشرق الأوسط يومي 13 و14 فبراير/شباط في بولندا، تسلط الاضواء مرة أخرى على الدور الايراني الذي يسعى لجعل "طوابيره الخامسة" في بلدان المنطقة كأمر واقع يجب القبول رغم إن هذه الطوابير تقوم بتنفيذ مخططات ونشاطات متناقضة ولا تتفق مع الخط العام لسياسات ونهج هذه الدول، وبتعبير أكثر وضوحا ودقة فإنها تقوم بتنفيذ مخططات وأمور تخدم إيران وتصب في مصلحتها. ويبدو إن تركيز واشنطن مٶخرا على دور هذه الطوابير المتمثلة في الميليشيات والاحزاب التابعة لطهران، لم يأت إعتباطا خصوصا بعد أن باتت تتمادى في تبعيتها لإيران وحتى إن بعض منها قد أعلنت بأنها ستقف الى جانب القوات الايرانية في حال شن أي هجوم دولي على إيران. كما إن بعضا آخر من هذه الميليشيات قد أعلنت بأنها ستهاجم القوات الاميركية وهاهي تثير صخبا وضجة مطالبة بإخراج ما تصفه بالقوات الاجنبية ولكنها تستثني قوات الحرس الثوري منها رغم إن الاخيرة متورطة من قمة رأسها الى أخمص قدميها بالنشاطات الارهابية.

ومن هنا فإنه من الضروري جدا أن يكون هناك تفرغ دولي وإقليمي لهذا الدور وضرورة التصدي له بما يدرأ خطره وتهديده ويعيده الى حجمه الذي يجب أن يكون فيه، ونعتقد بأن أحد مقومات وأساسيات ردع طهران والتأثير عليها هو ضرورة إدخال العامل الايراني في مواجهتها وليس الاكتفاء بتحالف دولي ـ إقليمي موجه ضدها، وبمقدور هذا العامل أن يسبب الكثير من الارباك لطهران ويجعلها في موقف حرج قد يجعلها في معرض الانهيار كما فعلت الانتفاضة الاخيرة.