عون يدعو إلى حكومة تكنوقراط بعد استقالة الحريري

حزب الله يسعى للتقليل من وقع استقالة سعد الحريري في وقت تقرر فيه مصارف لبنان إعادة فتح أبوابها.

بيروت - دعا الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس إلى تشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط وذلك بعد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري إثر أسابيع من الاحتجاجات على مستوى البلاد على النخبة السياسية الطائفية التي يتهمها المتظاهرون بإساءة إدارة اقتصاد البلاد.
واستقال الحريري يوم الثلاثاء على وقع موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات. وقد تمهد تصريحات عون الطريق للتوصل لحل وسط بشأن تشكيل حكومة جديدة مطلوبة لتنفيذ إصلاحات عاجلة لإبعاد لبنان عن حافة هاوية اقتصادية عميقة.
وقال عون في خطاب بثه التلفزيون "يجب أن يتم اختيار الوزراء والوزيرات وفق كفاءاتهم وخبراتهم وليس وفق الولاءات السياسية أو استرضاء للزعامات؛ فلبنان على مفترق خطير خصوصا من الناحية الاقتصادية وهو بأمس الحاجة إلى حكومة منسجمة قادرة على الإنتاج لا تعرقلها الصراعات السياسية والمناكفات ومدعومة من شعبها".

وقال مسؤول بارز مطلع إن الحريري مستعد لتولي رئاسة الوزراء في حكومة لبنانية جديدة بشرط أن تضم خبراء قادرين على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بسرعة لتجنب انهيار اقتصادي.
كما دعا عون في خطابه إلى إنهاء النظام السياسي الطائفي وتأسيس حكم مدني وهو مطلب أساسي للمحتجين الذين طالبوا أيضا بأن يحل تكنوقراط محل القيادات التي يتهمونها بالفساد.
وحاولت الكتلة البرلمانية لجماعة حزب الله اللبنانية الخميس التقليل من وقع استقالة الحريري مشيرة بان الاستقالة مضيعة لمزيد من الوقت اللازم للإصلاحات التي تعتبر على نطاق واسع ضرورية لإخراج لبنان من الأزمة الاقتصادية.
وقالت الكتلة النيابية لحزب الله في بيان بثه التلفزيون "هذه الاستقالة سوف تسهم في هدر الوقت المتاح لتنفيذ الاصلاحات". واتهمت كتلة الوفاء للمقاومة الولايات المتحدة بالتدخل في شؤونها الداخلية لنشر الفوضى.
ودائما ما يتهم حزب الله جهات خارجية بالتسبب في الاحتجاجات التي يشنها اللبنانيون بمختلف تيارات وطوائفهم في وقت يجمع فيه كل المحللين على ان سياسات حزب الله اوصلت لبنان الى طريق مسدود وساهمت في تازيم وضعه الاقتصادي.
ودعت فرنسا، التي تدعم الحريري، إلى سرعة تشكيل حكومة جديدة بمقدورها تنفيذ إصلاحات ملحة.
وقالت كتلة حزب الله النيابية في البيان "تدعو الكتلة حاكمية المصرف المركزي"إلى اتخاذ كل التدابير والإجراءات الآيلة إلى ضمان عدم تفلت الوضع النقدي في البلاد وخصوصا إبان هذه المرحلة الدقيقة والصعبة".
واعادت البنوك اللبنانية الجمعة فتح ابوابها لتوفير الحاجات "الملحة" مثل الرواتب حيث ناشدت جمعية مصارف لبنان العملاء أن يضعوا في اعتبارهم "مصلحة البلد" وسط مخاوف من أن يسارع الكثيرون بسحب ودائعهم أو تحويلها للخارج.

بنوك لبنان
مخاوف من سحب الودائع عقب فتح البنوك اللبنانية ابوابها

وقال بيان صادر عن الجمعية الخميس إنها تأمل بأن "يتفهم العملاء الوضع القائم وأن يتجاوبوا إيجابيا لخدمة مصالحهم ومصالح البلد في هذه المرحلة الاستثنائية".

وياتي القرار رغم المخاوف من سحب هائل للودائع قد يؤثر بشكل سلبي على الحالة الاقتصادية في البلاد.
وقبل استقالة الحريري، أعلنت الحكومة سلسلة من الخطط الإصلاحية لكن دون خطوات ملموسة ولم تنجح في تهدئة المحتجين أو طمأنة المقرضين بما يكفي لحملهم على صرف مساعدات تبلغ 11 مليار دولار تقريبا لبنان في أمس الحاجة إليها كانوا قد تعهدوا بها في مؤتمر في باريس العام الماضي.
وانحسرت المظاهرات الحاشدة التي اندلعت قبل أسبوعين احتجاجا على النخبة الحاكمة بعد استقالة الحريري، لكن المتظاهرين خرجوا إلى الشوارع مرة أخرى مساء أمس الأربعاء واليوم الخميس وطالب كثيرون منهم باستقالة مزيد من المسؤولين.
وفي بيان منفصل، ذكر تلفزيون المنار نقلا عن حزب الله أن الجماعة استهدفت طائرة مسيرة فوق جنوب لبنان "بالأسلحة المناسبة" مما أجبرها على مغادرة المجال الجوي اليوم الخميس.
وقال الجيش الإسرائيلي إن صاروخا مضادا للطائرات أطلق من الأراضي اللبنانية الخميس باتجاه إحدى طائراته المسيرة لكنه لم يصبها.
وتعهد حزب الله في أغسطس/آب بإسقاط أي طائرات مسيرة إسرائيلية في المجال الجوي اللبناني بعد أن قامت ما يشتبه في أنها طائرة مسيرة إسرائيلية باستهداف منشأة تابعة للجماعة في ضاحية بيروت.

الاحتجاجات في لبنان
اللبنانيون يعتبرون احتجاجاتهم السلمية الوسيلة الافضل للتغيير

وارتفعت سندات لبنان الدولارية للمرة الأولى في عشر جلسات اليوم الخميس مع نشر قوات الجيش وأفراد شرطة مكافحة الشغب لإعادة فتح طرق أغلقها محتجون واستعداد البنوك لاستئناف العمليات واستقبال العملاء غدا الجمعة.
وصعد إصدار استحقاق 2021 بمقدار 0.8 سنت، وهو أكبر ارتفاع في ستة أسابيع، إلى 68.5 سنت في الدولار، بينما ارتفعت سندات استحقاق 2037 بمقدار 0.6 سنت إلى 54.9 سنت في الدولار، حسبما أظهرت بيانات تريدويب.
وتعرضت السندات لضغوط بيع هائلة في الأيام القليلة الماضية بسبب الاحتجاجات المستمرة ضد الحكومة منذ أسبوعين والتي أدت إلى إغلاق البنوك وتأجيج مخاوف إزاء قدرة الحكومة على الوفاء بالتزامات الديون.
وطلب الرئيس من الحكومة رسميا الاستمرار في تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة وفقا لنظام الحكم في لبنان.
وفي محاولة لاستعادة مظاهر الحياة الطبيعية الخميس أزال الجنود مكبات قمامة وسيارات وخياما كانت تغلق طريقا سريعا يربط العاصمة بشمال لبنان.
وقال سايمون نعمة المحتج على جسر الرينغ في بيروت "نحن قاعدين بالطريق صار لنا 14 / 15 يوم"، مضيفا أن السياسيين "مرتاحين كأن ما عندنا شي... وبعد استشارات أسبوعين عم يماطلوا فينا ليزهقونا ويقولوا لنا اطلعوا من الشارع".
وقالت قيادة الجيش اللبناني إن حق التظاهر السلمي مكفول بموجب القانون لكنها قالت إنه ينطبق على "الساحات العامة فقط". وأطلق الجنود الغاز المسيل للدموع بعد اشتباك مع محتجين كانوا يسدون طريق في منطقة عكار الليلة الماضية.
ودعا وزير التعليم المدارس والجامعات لفتح أبوابها لكن شهودا  قالوا إن أغلب المدارس ظلت مغلقة الخميس في العاصمة كما في أجزاء من شمال البلاد وجنوبه.