غارات أميركية على طالبان دفاعا عن القوات الأفغانية

اتفاق السلام بين الولايات المتحدة والحركة المتشددة لم ينه موجة عنف في أفغانستان حيث يواصل المتمردون شن هجمات دموية على القوات الأفغانية للتفاوض من موقع قوة مع كابول.
هلمند تتعرض لهجمات عنيفة على الرغم من مفاوضات سلام بين كابول وطالبان
هلمند واحدة من المناطق القليلة التي لم تنجح طالبان في إحكام السيطرة عليها
الرئيس الأفغاني يحذر من أن استمرار هجمات طالبان يهدد بنسف لجهود السلام
قائد القوات الأميركية في أفغانستان يدعو طالبان لوقف هجماتها فورا

قندهار (أفغانستان)- أعلنت القوات الأميركية الاثنين تنفيذها عدة ضربات جوية على مسلحي طالبان الذين ينفذون هجوما على مدينة أساسية في جنوب أفغانستان، فيما يتدهور الوضع الأمني في البلاد رغم المفاوضات الجارية بين المتمردين وكابول في قطر.

واندلعت معارك عنيفة نهاية الأسبوع في ضواحي لشكركاه عاصمة ولاية هلمند وهي واحدة من المناطق القليلة التي لم تتمكن طالبان حتى الآن من السيطرة عليها، بعدما هاجم متمردو الحركة عدة قواعد متقدمة لقوات الأمن الأفغانية في المنطقة.

وكتب الكولونيل سوني ليغيت المتحدث باسم القوات الأميركية في أفغانستان في تغريدة على حسابه بتويتر أن الولايات المتحدة "شنت عدة هجمات موجهة في هلمند للدفاع عن القوات الأفغانية التي تعرضت لهجوم من طالبان".

ووقعت الولايات المتحدة وطالبان في فبراير/شباط اتفاقا في الدوحة، تعهدت بموجبه واشنطن بسحب القوات الأجنبية من أفغانستان بحلول منتصف عام 2021، بينما وافق المتمردون على عدة بنود أمنية منها عدم مهاجمة المدن.

وأعلن قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال سكوت ميلر أنه "يتعين على طالبان وقف أنشطتها الهجومية فورا في ولاية هلمند وخفض العنف في كافة أنحاء البلاد"، مضيفا في بيان "لا ينسجم هذا مع الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان ويقوض محادثات السلام الجارية".

وتخوض الحكومة الأفغانية وطالبان منذ سبتمبر/أيلول محادثات سلام في الدوحة، لكنها تتقدم ببطء شديد ويواصل المتمردون استخدام العنف كوسيلة للضغط والتفاوض من موقع قوة وتحسين شروط المفاوضات لصالحهم.

موجة العنف في أفغانستان تهدد بنسف محادثات الدوحة
موجة العنف في أفغانستان تهدد بنسف محادثات الدوحة

وامتنعت حركة طالبان إلى حد كبير عن مهاجمة المراكز المدنية لأشهر، لكنها كثفت مضايقاتها لقوات الأمن الأفغانية.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء الماضي أنه يريد إعادة كافة القوات الأميركية في أفغانستان إلى بلادهم "بحلول عيد الميلاد".

ولقي 5 أشخاص حتفهم وأصيب 7 آخرون بجروح جراء سقوط صاروخ على منزل في ولاية قندوز شمالي أفغانستان.

وأفادت وزارة الدفاع الأفغانية في بيان الاثنين، بأن حركة طالبان أطلقت صاروخا سقط على منزل في منطقة شورابي قيشلاق بولاية قندوز، مضيفة أن الحادثة أسفرت عن مقتل 5 مدنيين وإصابة 7 آخرين بجروح.

وأعلن مسؤولون في الحكومة الأفغانية اليوم الاثنين أن المئات من الأسر نزحت بسبب الاشتباكات الدائرة في إقليم هلمند بجنوب أفغانستان. وقال العضو بمجلس الإقليم عبدالمجيد اخوند زادا إن المدنيين فروا من ضواحي عاصمة الإقليم لشكركاه جاه إلى وسط المدينة.

وأكدّ أن المتمردين المتشددين يسيطرون حاليا على المنطقة الشرطية الرابعة من الاقليم، في الوقت الذي تواصلت فيه الاشتباكات في المنطقة الثالثة.

وبحسب المصدر ذاته اضطر رجال الشرطة في بعض نقاط التفتيش إلى ترك مواقعهم دون مقاومة في تراجع تكتيكي لتجنب وقوع خسائر بين المدنيين.

وردا على تدهور الأوضاع في هلمند، قال الرئيس الأفغاني أشرف غني في محادثة هاتفية مع حاكم الإقليم إن هجمات "الأعداء على هلمند سوف تكلفهم الكثير".

وقال المتحدث باسم القصر الرئاسي صديق صديقي إنه في حال استمرت حركة طالبان في القتال، فإنها بذلك تقضي على أي احتمالية للسلام.

وقال في مؤتمر صحفي" نطالب حركة طالبان  بالتوقف عن القتال والاستمرار في المفاوضات في الدوحة ومناقشة القضايا مع وفد الجمهورية الإسلامية الأفغانية".

وتأتي هذه الاشتباكات في الوقت الذي لم يحرز فيه فريقا التفاوض من الحكومة الأفغانية وحركة طالبان أي تقدم منذ بدء مباحثات السلام في منتصف سبتمبر/ايلول في قطر. وقد تؤثر موجة العنف أيضا على قرار واشنطن سحب قواتها من أفغانستان في الموعد الذي حدده الرئيس الاميركي. 

وقد أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي الجنرال مارك ميلي في مقابلة بثّت الاثنين أن سحب الولايات المتحدة لمزيد من الجنود من أفغانستان يتوقّف على خفض منسوب العنف وشروط أخرى تم الاتفاق بشأنها مع طالبان.

الانسحاب الأميركي من أفغانستان رهين بتنفيذ عدة شروط
الانسحاب الأميركي من أفغانستان رهين بتنفيذ عدة شروط

وبعد مرور خمسة أيام على إعلان الرئيس الأميركي أنه يريد عودة القوات الأميركية "بحلول عيد الميلاد"، شدد الجنرال ميلي في مقابلة أجرتها معه محطة "ان بي آر" الإذاعية على أن سحب الدفعة الأخيرة من القوات الأميركية وقوامها 4500 جندي يتوقف على التزام طالبان بالحد من هجماتها والمضي قدما في محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية.

وقال الجنرال الأميركي في المقابلة إن تنفيذ "كامل الاتفاق وكل خطط سحب الجنود له شروط".

وتابع "النقطة الأساسية هنا هي أننا نحاول إنهاء حرب بحس من المسؤولية وتروّ وأن ننجز ذلك بشروط تضمن سلامة المصالح الحيوية للأمن القومي الأميركي والتي هي على المحك في أفغانستان".

وأشار ميلي إلى أن عديد القوات الأميركية الذي كان يقدّر بـ12 ألفا انخفض بالفعل منذ توقيع الاتفاق في فبراير/شباط والذي تطلّب مفاوضات بين طالبان وكابول وخفضا كبيرا لوتيرة أعمال العنف.

وقال ميلي "لطالما كان الاتفاق على هذا النحو. قرر الرئيس أن تكون للانسحاب شروط".

وأوضح أن منسوب أعمال العنف أدنى بأشواط مما كان عليه قبل سنوات، لكن الانخفاض في الأشهر الأربعة أو الخمسة الأخيرة "طفيف".

وبحسب جدول الانسحاب يفترض أن ينخفض عديد القوات الأميركية في أفغانستان إلى 4500 عنصر بحلول نوفمبر/تشرين الثاني، لكن البنتاغون يعتزم إبقاء هذا العدد حتى العام 2021 لمراقبة كيفية تقدّم المفاوضات في الدوحة، لكن واشنطن تصدر في هذا الخصوص إشارات ملتبسة.

والأسبوع الماضي قال مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين إن عديد القوات الأميركية سينخفض إلى 2500 عنصر في أوائل العام المقبل.

إلا أن ترامب أطلق الأربعاء تغريدة تعهّد فيها بإعادة كل الجنود الأميركيين من أفغانستان بحلول 25 ديسمبر/كانون الأول.

وجاء تعهّد ترامب في سياق تنشيط حملته الانتخابية وزيادة حظوظه للفوز في استحقاق الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، لكن انسحابا كاملا في مهلة زمنية قصيرة يُعد أمرا غير عملي لوجستيا، من شأنه إضعاف كابول في محادثات السلام.

ورفض ميلي إعطاء أرقام محددة، مكتفيا بالقول إن عمليات الانسحاب المستقبلية "سيحددها الرئيس". وقال "نحن العسكريون نقدّم أفضل ما لدينا من نصائح حول الشروط لكي يتسنى للرئيس اتّخاذ قرار مدروس بتروّ ومسؤولية".

ومن بين الشروط التي نص عليها الاتفاق بين واشنطن وطالبان، أن يمتنع المتمردون عن مهاجمة المناطق السكنية.