غريفيث: الإمارات قوة دفع للسلام في اليمن

المبعوث الأممي لليمن يرى نهاية قريبة للأزمة اليمنية محذرا في الوقت ذاته من أن عملية السلام ما زالت عرضة "للتفجير" بسبب هجمات الحوثيين على منشآت سعودية والتي يمكن أن تفتح الباب أمام صراع إقليمي.

السلام في اليمن أولوية بالنسبة للإمارات
غريفيث يرى تقدما كبيرا على طريق حل الأزمة اليمنية
لا مؤشرات على الأرض تشير إلى نهاية قريبة للأزمة في اليمن
الانتهاكات الحوثية تدفع اتفاق ستوكهولم  لحافة الانهيار
غريفيث في إعلان مغرق في التفاؤل يتوقع حلا وشيكا لحرب اليمن

جنيف - اعتبر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث الثلاثاء أنّ عملية إعادة الانتشار التي نفّذتها القوات الإماراتية في اليمن تشكّل "قوة دفع باتجاه السلام" في البلد الغارق في الحرب.

والإمارات عضو رئيسي في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن منذ مارس/اذار 2015 دعما لقوات الحكومة في مواجهة المتمردين الحوثيين المقرّبين من إيران.

أكدت اليوم الثلاثاء أنّها ليست بصدد مغادرة البلد الغارق في نزاع مسلّح، رغم عملية إعادة الانتشار التي تنفّذها قواتها.

في موازاة ذلك، قال المتمردون إنّهم مستعدون لوقف هجماتهم الصاروخية ضد السعودية والانخراط في حوار معها، لكن بشروط.

وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في مقال رأي في صحيفة واشنطن بوست الأميركية الثلاثاء "فقط لتوضيح الأمر، الإمارات وبقية التحالف لا تغادر اليمن"، مضيفا "سنعمل بشكل مختلف و حضورنا العسكري باق. وبما يتوافق مع القانون الدولي، سنواصل تقديم المشورة ومساعدة القوات اليمنية المحلية".

وكانت الإمارات أعلنت بداية الشهر الجاري عن خفض في قواتها في عدة مناطق في اليمن ضمن خطة إعادة انتشار لأسباب "إستراتيجية وتكتيكية".

وأكد قرقاش أنه يتوجب على المتمردين الحوثيين أن ينظروا إلى الخطوة الإماراتية على أنها "إجراء لبناء الثقة من أجل خلق زخم جديد لإنهاء الصراع".

وقال في المقال "بينما تقوم الإمارات العربية المتحدة بتخفيض وإعادة نشر قواتها في اليمن، فإننا نقوم بذلك بنفس الطريقة التي بدأنا بها-- بأعين مفتوحة".

وتابع "لم يكن هناك نصر سهل ولن يكون هناك سلام سهل"، لكنه أكد أن "الوقت الآن هو لمضاعفة التركيز على العملية السياسية".

وفي صنعاء التقى مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى السلطة السياسية لدى المتمردين، روبرت مالي رئيس مركز "مجموعة الأزمات الدولية" ومستشار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. وهي زيارة نادرة لأميركي ورئيس مركز أبحاث إلى العاصمة الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وأكّد المشاط خلال اللقاء بحسب ما نقلت وكالة "سبأ" المتحدثة باسم المتمردين "الاستعداد الكامل لوقف الهجمات الصاروخية والجوية مقابل نفس الخطوات من قبل العدوان وتسهيل وصول المساعدات الأساسية عبر الموانئ البحرية ومن ثم الولوج في عملية سياسية في ظل أجواء هادئة".

وتابع "لا يوجد لدينا مانع في إمكانية إطلاق حوار يمني سعودي بما يحقق السلام العادل للجميع"، مدعيا أن الحوثيين لا يتبعون إيران كما تقول السعودية والولايات المتحدة والإمارات.

وقال "لا توجد أي تبعية لإيران نحن شعب لدينا من التاريخ والعظمة ما يمنعنا أن نكون تابعين لأي أحد".

وقال المبعوث الأممي إلى اليمن اليوم الثلاثاء إنه من الممكن وقف الحرب في اليمن لأن الطرفين المتحاربين ما زالا يدعمان اتفاق سلام توسطت فيه الأمم المتحدة في ستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول 2018.

وتبدو تصريحات غريفيث مغرقة في التفاؤل في ظل انعدام مؤشرات على أرض الواقع تشير إلى التزام ميليشيا الحوثي بما تضمنه اتفاق ستوكهولم حول الانسحاب من الحديدة وموانئها.

وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن الحوثيين انسحبوا من ثلاثة موانئ في الحديدة وسلموها إلى قوات محلية محايدة، لكن الحكومة اليمنية أكدت لاحقا أن القوة التي تسلمت الموانئ موالية للمتمردين.

كما انتهكت الميليشيا الانقلابية اتفاق ستوكهولم مرارا بما في ذلك عرقلتها لوصول المساعدات الاغاثية لمستحقيها وإصرارها على أن تكون هي الطرف الأساسي في توزيع المساعدات.

واتهم برنامج الأغذية العالمي في الفترة الماضية الحوثيين بمحاولة الاستيلاء على المساعدات واشتكى من مضايقات مستمرة لموظفيه المشرفين على توزيع تلك المساعدات.

وتتناقض هذه المعطيات مع حديث غريفيث عن حل وشيك يبشر بنهاية الحرب اليمنية حتى وإن استند إلى دعم الطرفين لاتفاق ستوكهولم.

الحوثيون انتهكوا مرارا اتفاق ستوكهولم بما في ذلك البنود المتعلقة بميناء الحديدة
الحوثيون انتهكوا مرارا اتفاق ستوكهولم بما في ذلك البنود المتعلقة بميناء الحديدة

وقال الوسيط الأممي للصحفيين في جنيف "أعتقد أن هذه الحرب في اليمن قابلة للحل على نحو وشيك"، مضيفا "الطرفان كلاهما يصر على رغبته في حل سياسي والحل العسكري غير وارد، ما زالا على التزامهما باتفاق ستوكهولم بكافة جوانبه المختلفة".

وأشار إلى أنه بينما يستغرق تطبيق اتفاق ستوكهولم بعض الوقت، يرى كل من الطرفين أن الاتفاق مدخل إلى إجراء مفاوضات بشأن حل سياسي كما يدعم المجتمع الدولي الاتفاق.

والإشارة الأخيرة من غريفيث لا تأتي بجديد في مسار الأزمة التي تزداد تعقيدا باستمرار الحوثيين في انتهاكاتهم وجرائمهم، فالحديث عن اتفاق السويد بوصفه مدخلا للتفاوض على حل سياسي من المسلمات السياسية ومن حتمية الدفع إلى الحوار.

وفي الأسبوع الماضي حقق اجتماع عقده الطرفان المتحاربان في مكان محايد تمثل في سفينة تابعة للأمم المتحدة في البحر الأحمر تقدما كبيرا مفاجئا عندما اتفقا على الجوانب الفنية لاتفاق لوقف إطلاق النار في مدينة الحديدة.

وقال غريفيث إن تلك المحادثات حققت تقدما أكبر مما كان يتوقع وتوصلت إلى اتفاقات حول خطط انسحاب القوات بمقتضى اتفاق ستوكهولم الذي يقضي بأن يتولى فريق تسانده الأمم المتحدة إدارة الميناء بينما تنسحب قوات الطرفين.

وأضاف المبعوث الدولي أن هناك عدة مسائل لا تزال عالقة من بينها كيفية التعامل مع عائدات الميناء وكيفية التعامل مع قوات الأمن المحلية. وقال إنه يشعر بارتياح أيضا لخروج قوات تابعة للتحالف من اليمن.

والمعضلة التي تواجهها الأمم المتحدة ليس في اتفاق طرفي النزاع بقدر آلية تنفيذ الاتفاق والالتزام به وهو الحلقة المفقودة منذ ابرام اتفاق ستوكهولم في نهاية العام الماضي.

وكانت الحكومة اليمنية وأيضا السعودية والإمارات قد أكدت دعمها لاتفاق ستوكهولم، إلا أنها اشتكت مرارا من انتهاك الحوثيين للاتفاق ونقض تعهداتهم.

وقال غريفيث إن عملية السلام ما زالت عرضة "للتفجير" بسبب أشياء مثل الهجمات على منشآت سعودية والتي يمكن أن تفتح الباب أمام صراع إقليمي، مضيفا أنه يحاول منع تصعيد الأمور قبل أن تصل إلى تلك المرحلة.

وكثّف المتمردون الحوثيون في الفترة الأخيرة من اعتداءاتهم الإرهابية بصواريخ وطائرات مسيرة إيرانية الصنع على أهداف مدنية في السعودية بينها مطاري أبها وجازان اضافة إلى منشآت نفطية.

وينظر لهذا التصعيد الحوثي على أنه محاولة لتخفيف الضغوط على إيران فيما يتزامن مع تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن في الخليج.