غموض 'المختفي' يشد المشاهدين إلى الشاشات

المسلسل المغربي يفكك خيوط البحث عن الحقيقة داخل عالم مظلم في لوحة درامية تجمع بين الخيانة والمؤامرات والشكوك، ويستعرض تفاصيل أحداث غامضة تستخدم لخلق تجربة مشوقة ومثيرة تأسر المشاهدين.

الرباط - تدور أحداث مسلسل "المختفي" للمخرجة زكية الطاهري والسيناريست محمد الميسي، في جو من الغموض والإثارة، إذ تحقق أربع صديقات في اختفاء غامض لزوج إحداهن، مما يدفعهن إلى عالم من الخيانة والادعاءات الكاذبة.

ويشارك في بطولة المسلسل كل من جيهان كيداري، وهاجر عدنان، وإيمان مشرافي، وطاهرة، وعبدالله ديدان، ويوسف الجندي وعبدالإله رشيد، وزينب العلمي، وماجدة بنكيران.

تنطلق بداية المسلسل بمشهد مشرق يجسد شغف أربع نساء يمارسن رياضة الجري على شاطئ البحر، ويتميز هذا الإطار بتبادل حوارات عفوية حول مواضيع الحب والعلاقات الغرامية، ويُسَلَّط الضوء على حديث شخصية "سهام" التي تؤدي دورها الممثلة هاجر عدنان والتي تجسد فتاة خرقاء تقع ضحية للنصب في علاقاتها المؤقتة مع الرجال.

وفي سياق آخر يُظهر المسلسل حوارات متداخلة أخرى، كاستراحة الفتيات الأربع في مقهى قريب من البحر ويتحدثن في هذه اللحظة عن حفل خيري لجمع تبرعات ويتناولن علاقاتهن مع أزواجهن، إذ تبدأ القصة في التطور الدرامي حيث يتسارع الإيقاع بسلاسة مع تقدم المشاهد كاشفًا عن خيوط الحكاية تدريجيًا.

تشهد شخصية "زينب" التي أدت دورها الممثلة جيهان كيداري، تحولًا كبيرًا في القصة إذ تظهر "زينب" كامرأة متزوجة من الصحافي الشهير "المهدي" الذي يؤدي دورًا محوريًا  يكمن في اختفائه فجأة، مما يؤثر على تطور الأحداث بأكملها.

وتستخدم المخرجة زكية الطاهري نمطًا محددًا من الصور، إذ تقوم ببناء مدخل في مخيلة المتفرج يتمثل في الإيقاع البسيط الذي يتناغم مع الحوارات بين الشخصيات بالإضافة إلى ترتيب العناصر البصرية داخل الإطار، كما تستخدم زوايا التصوير المنخفضة والعالية بشكل متقن مما يضيف أبعادًا جديدة وإثارة إلى السياق البصري للمسلسل.

ويعكس هذا النمط من تكوين اللقطات كيف يمكن للسرد أن يتبنى وجهة نظر معينة وينظم الأحداث وفقًا لمتطلبات تشويق الجمهور المغربي، وخاصةً عندما يكون ترتيب المشاهد متناغمًا في مجمله، إذ نجحت المخرجة في استخدام اللقطات الرافعة بشكل لافت في الحلقات الأولى حيث أبرزت جمالية المناطق البورجوازية في الدار البيضاء.

وتستخدم المخرجة طريقة فذة في إضفاء صبغة درامية على هذا الحوار خاصةً في نمط اللقطات التي تركز على لقطة القطع المثيرة في بداية المسلسل، فمثلا في بعض المشاهد تراوح بين أسلوب لقطة رد الفعل في حوار معين ولقطة الصمت والنظرات التي توحي بالاطمئنان والشك في الوقت ذاته في نفس الحوار، حيث تُخلق جوًا من الإثارة، وخاصة لقاء المفتش "بزينب".

وتبرز مشاهد أخرى تمنح العمل طابعًا كوميديًا، أحدها عندما يقوم الدكتور "نبيل" الذي جسده الممثل عبدالله ديدان وزوجته "فتيحة" التي جسدت دورها الممثلة طاهرة بتقديم صورة لزوجين غير متفاهمين ولكن يجمعهما الحب في تناغم خفي يظهر في الغيرة وفي التصرفات الطفولية بينهما سواء في بيتهما أو في مقر عملهما المشترك.

ويُظهر التشكيل الداخلي الذي يُصوّر من خلال لقطات متوسطة زمنيًا، جوًا من المرح ويجعل تتبع الأحداث ممتعًا وغير ممل، كما يتكرر المشهد بشكل واضح حين يتعلق الأمر بلقطتي "غيثة" وزوجها اللذان جسدهما الممثلان إيمان المشرافي ويوسف الجندي على التوالي حيث يتسلل الزوج إلى غرفة زوجته عند عودتها من السفر ويفتح حقيبتها ليتجسس على هاتفها وهذا يضفي لمسة كوميدية عفوية تثير العديد من التساؤلات حول هذا السلوك.

ويُعتبر المشهد الذي ظهر فيه يوسف الجندي بهذه الطريقة جزءًا من نقطة انعطاف، تشكل ذروة المسلسل بدءًا من الزوج "المختفي" وربما تنتهي بمختفٍ آخر يسافر كثيرًا دون إعلان مسبق وعند عودته يتسلل ليتجسس، ويُظهر تكوين اللقطات كجزء من سلسلة من الأحداث التي تجعل القصة أكثر تعقيدًا وإثارة.

وتأخذ اللقطة وقتًا طويلاً في المشاهد التي ظهرت فيها أم المختفي "زبيدة" التي جسدت دورها الممثلة ماجدة بنكيران حيث تظهر بشخصية سامة في تصرفاتها ومتحجرة في عقليتها وتكره زوجة إبنها وتتهمها بأنها السبب وراء اختفاء إبنها في النهاية.

ويمكن أن تكون هناك أسباب كثيرة وراء هذه الأحداث ولكن الشيء الواضح هو أن المسلسل محبوك دراميًا ولديه إيقاع سلس وأداء شخصيات متناغم بالإضافة إلى مؤثرات صوتية وموسيقى تصويرية تعزز الأجواء، إذ ارتبطت المشاهد بشكل فعّال من خلال المونتاج التركيبي حيث تم تقديم "زينب" وزوجها "المهدي" وابنها "آدم" بشكل متناغم وتم تنسيق ذلك أيضا مع صديقاتها "فتيحة" و"غيثة" و"سهام" إذ تُضفي هذه العناصر التنظيمية للمشهد لمسات إبداعية وتنوعًا مما يجعل مشاهدة هذا المسلسل تجربة ممتعة ومثيرة.