غوغل تنتصر في معركة مصيرية حول 'حق النسيان'

الشركة الأميركية العملاقة لم تعد مضطرة لإزالة روابط بيانات شخصية حساسة على مستوى العالم بعد فصل محكمة بالاتحاد الأوروبي في نزاع بينها وبين جهات تنظيمية تعمل على حماية الخصوصية.
دول استبدادية قد تستغل طلبات سحب الروابط عالميًا للتغطية على انتهاكات حقوقية

واشنطن- لم تعد شركة غوغل مضطرة لإزالة روابط بيانات شخصية حساسة على مستوى العالم، فقد قضت بذلك المحكمة العليا بالاتحاد الأوروبي الثلاثاء عندما فصلت في نزاع بين شركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة وجهات تنظيمية تعمل على حماية الخصوصية في فرنسا.
وكانت هيئة حماية البيانات الشخصية في فرنسا (سي.إن.أي.إل) قد غرمت غوغل مئة ألف يورو في عام 2016 لرفضها إزالة معلومات حساسة من نتائج البحث على الإنترنت على مستوى العالم بناء على طلب في إطار ما يعرف باسم "حق النسيان".

وكانت عملاقة المعلوماتية الأميركية أطلقت خدمة جديدة على الإنترنت مخصصة للأوروبيين فقط تمكنهم من حذف معلومات وروابط لا يرغبون أن ترتبط بأسمائهم على الإنترنت انطلاقا من "حق النسيان" الرقمي الذي فرضته عليها محكمة العدل الأوروبية.
وتقترح هذه الخدمة الجديدة المخصصة للأوروبيين فقط، مسح نتائج البحث على الإنترنت المرتبطة باسم المستخدم كروابط ومعلومات ومشاركات في مواقع تواصل اجتماعي يعتبر صاحبها بأنها "في غير محلها، غير ملائمة، أو لم تعد ذات صلة".
وتتم العملية عبر استمارة على الإنترنت يملأ عبرها المستخدم خانة متعلقة بالبيانات الشخصية (الاسم واللقب والبريد الإلكتروني...) وبعدها يضع الروابط التي يريد حذفها. ولم توضح شركة غوغل المدة الزمنية التي تستغرقها عملية البحث ولا المعايير التي تأخذ بعين الاعتبار في تبريرات من يتقدم بالطلب.
ويبقى عملاق المعلوماتية غوغل الذي انتصر في معركته التاريخية والمصيرية حول حق النسيان، محرك البحث الأكثر استخداما على الإنترنت حيث تمر عبره 90 بالمئة من عمليات البحث، ويضم 2,5 مليار مستخدم عبر العالم من خلال تطبيقاته المختلفة.
وانبثقت القضية التي تضع حق الأفراد بالخصوصية على الإنترنت مقابل حريّة الحصول على المعلومات عن معركة قضائية أطلقتها فرنسا منذ 2014 لدفع غوغل لتطبيق "حق النسيان" على جميع نطاقات البحث التابعة لها.
ولو ربحت فرنسا القضية لعمّق ذلك حدة الانقسامات بين أوروبا والولايات المتحدة، حيث مقار معظم شركات الإنترنت العملاقة والتي انتقد رئيسها دونالد ترامب ما وصفه بتدخل الاتحاد الأوروبي في الأعمال التجارية الأميركية.
وفي نهاية المطاف، توصلت المحكمة إلى أن قانون الاتحاد الأوروبي في هذه المسألة لا يسعى إلى أن يتجاوز نطاق "الحق في النسيان" حدود الدول الأوروبية.
وأشادت غوغل بقرار المحكمة الثلاثاء.
وقال محامي الشركة بيتر فليشر في بيان "من الجيّد أن المحكمة اتّفقت مع حججنا"، مضيفًا أن غوغل عملت من أجل "تحقيق توازن منطقي بين حق الناس في الوصول إلى المعلومات والخصوصية".
وحذّرت الشركة الأميركية وحملة الأسهم من أن دولاً استبدادية خارج أوروبا قد تستغل طلبات سحب الروابط عالميًا للتغطية على الانتهاكات الحقوقية المرتكبة فيها.
وعلّق المحامي المتخصص في مجال الخصوصية لدى شركة "باكر ماكينزي" في باريس يان بادوفا على الحكم بالقول "إنه قرار متوازن. لا يمكن فرض (اجراءات) تتجاوز حدود الدول عندما يتعلّق الأمر بسحب روابط (على صلة) بشخص ما".وتساءل المحامي الذي لم يشارك في المعركة القضائية المرتبطة بالقضية "ماذا كنّا لنقول لو أن الصين طلبت سحب روابط مواد متاحة للمستخدمين الفرنسيين؟".
وعزز موقف غوغل في كانون الثاني/يناير رأي غير ملزم صدر عن كبير مستشاري المحكمة الأوروبية المدعي العام ماتشي شبونار الذي أوصى بأن "يقتصر نطاق عملية سحب الروابط الذي يتعيّن على مشغلي محرّك البحث على الإنترنت تنفيذها على الاتحاد الاوروبي".
وتمت متابعة القضية عن كثب خاصة مع بروز أوروبا كجهة تحدد القواعد على الصعيد العالمي في ما يتعلق بحماية البيانات على الإنترنت.
وفي 2016، أجبر النظام الأوروبي العام لحماية البيانات الذي سنّته ويشمل جميع مواطني الاتحاد الأوروبي وسكانه العديد من مواقع الإنترنت والشركات حول العالم على الامتثال لهذه الإجراءات.
وفي ما يتعلق بمعركة "الحق في النسيان" القضائية، اعتبرت هيئة تنظيم البيانات الفرنسية "اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحرياّت" أنه ليكون فعّالاً، يجب أن يطبّق سحب الروابط على جميع النطاقات أينما كانت.