فازت النهضة بالعزوف الانتخابي في تونس

محللون: الاستقطاب الايديولوجي يظهر بوضوح في الانتخابات البلدية مع غياب ثلثي الناخبين عن التصويت.

فازت حركة النهضة الإسلامية في الانتخابات البلدية التي جرت الأحد على حساب حزب نداء تونس الذي حل في المرتبة الثانية مستفيدة من تدني نسبة المشاركة التي بلغت الثلث، ما رأى فيه مراقبون عزوفا عقابيا للسياسيين وغضبا من قبل الناخبين على تردي الأوضاع العامة في البلاد.

ويقول معلقون ان تدني نسبة المشاركة رسالة يمثل قوية من التونسيين مفادها عدم رضا التونسيين عن أداء الأحزاب ومسؤوليتهم بشأن الأزمة الهيكلية التي تشهدها البلاد.

 

وفي تدوينة على صفحته الرسمية في فيسبوك، كتب برهام بسيس المسؤول السياسي بالنداء يقول " الآن وقد أغلقت صناديق الاقتراع، وانتهت عملية الانتخاب بكل ما شابها من عزوف وخروقات، أختصر عليكم النتائج والدلالات ، النهضة الأولى والنداء الثاني ( بفارق من 3 إلى 5 نقاط) وبقية الأحزاب والائتلافات بعيدة كل البعد عن المنافسة وخارج نطاق التغطية الحزبية".

 

غير أن بسيس حاول التخفيف من حدة الهزيمة التي مني بها حزبه قائلا "جبهة واسعة، يمينا ووسطا ويسارا، تحالف مقدس بين الأضداد، نيران كثيفة متهاطلة، صديقة، معادية، ملائكة، شياطين وأجناس بين جنسين، 3 سنوات من تهرئة الحكم، ورغم ذلك بقي النداء صامدا، ويتأكد اليوم باعتباره قوة التوازن الحزبي الرئيسي والوحيدة في مواجهة حزب النهضة".

 

وتتطابق النتائج مع تصريحات الزقوني ليل الاحد خلال برنامج حواري بثته القناة التلفزيونية التونسية الأولى إذ قال، بناء على عملية سبر للآراء أجرتها مؤسسة سيغما كونساي التي يرأسها، فإن العملية أظهرت تقدم النهضة على النداء بنسبة 27.5 بالمئة.

 

وشدد الزرقوني على أن النهضة استفادت كثيرا من العزوف الانتخابي وتدني نسبة المشاركة، مشيرا الى أنه في حالات العزوف عادة ما يستقطب الخطاب الأيديولوجي الناخبات والناخبين وهو ما ينطبق على حركة النهضة.

 

وأرجع تدني نسبة المشاركة إلى عدة عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية مؤكدا بالخصوص على الأوضاع المعيشية وما يرافقها من تدهور للمقدرة الشرائية ونسبة البطالة التي تصل إلى 15 بالمئة ونسبة الفقر التي تناهز 18 بالمئة إضافة إلى الانكماش الاقتصادي حيث لا تتجاوز نسبة النمو 2 بالمئة. 

 

وقال ايضا ان نتائج الانتخابات وخاصة تدني نسبة المشاركة يستبطن رسالة قوية إلى السياسيين مفادها أن الناخب التونسي لا يثق لا في السياسة ولا فيه، لافتا إلى أنه على جميع الأحزاب أن تدرس النتائج الهزيلة وتستخلص منها العبر.

 

وراهنت تونس على الانتخابات البلدية للتقدم بالمسار الانتقالي الديمقراطي وتشكيل أول مؤسسات حكم محلي في البلاد ممثلة للتونسيين وتحظى بتأييدهم غير أن المؤشرات بدت محبطة ودون تطلعات السلطات والأحزاب والتونسيين.

 

وتظهر القراءة المقارنة ان 27.5 بالمئة النسبة التي حصدتها النهضة تكاد تتماثل مع قواعدها الانتخابية التي لا تتجاوز نسبة 23 بالمئة وهو ما يعني أن نسبة المتعاطفين مع الحركة التي ادلت بصوتها لفائدتها لا تتجاوز 2.5 بالمئة.

 

ووفق التوزيع الجغرافي للدوائر البلدية تم تسجيل أعلى نسبة مشاركة في كل من محافظتي المنستير الساحلية وزغوان الواقعة جنوب غرب البلاد بحوالي ثلاثين بالمئة فيما لم تتجاوز نسبة المشاركة في محافظة القصرين الداخلية 11 بالمئة.

 

وتقدمت النهضة على النداء في الدوائر البلدية التابعة لمعاقلها التقليدية في عدد من محافظات الجنوب والوسط مثل مدنين وتطاوين وقابس وعدد من الدوائر التابعة للمدن الكبرى مثل صفاقس وسوسة وتونس العاصمة ومحافظة أريانة ومنوبة.

وتنافس في الانتخابات أكثر من 57 مرشحا 50 بالمئة منهم من النساء والشباب ضمن 2074 قائمة انتخابية على 350 دائرة بلدية موزعة على كامل جهات البلاد منها 1055 قائمة حزبية و159 ائتلافية و860 مستقلة.