فرصة حل سياسي في سوريا رغم الشلل

المعارضة السورية تدعو الى استثمار الهدوء النسبي في سوريا لإنعاش العملية السياسية مع صمود وقف النار والتقدم في محاربة الدولة الإسلامية.

الرياض - قال نصر الحريري رئيس هيئة التفاوض بالمعارضة السورية إن أمام سوريا الآن فرصة طيبة للتوصل الى حل سياسي للحرب المدمرة التي تشهدها منذ ثماني سنوات بعد أن أدى وقف لإطلاق النار إلى هدوء في معظم مناطق سوريا.
وقال الحريري في مقره بالعاصمة السعودية الرياض "أعتقد أن لدينا الآن فرصة ،لأن لدينا الآن في سوريا كلها تقريبا وقف لإطلاق النار، في شمال شرق سوريا وشمالها، كما أن جهود مكافحة الإرهاب حققت نتائج طيبة".
ويرأس الحريري وفد المعارضة في محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة وقد التقى يوم الجمعة مع غير بيدرسون الذي عين حديثا مبعوثا خاصا من الأمم المتحدة بشأن سوريا.
وقال الحريري "حان الوقت الآن لاستثمار كل هذه التطورات وهي وقف إطلاق النار ومكافحة الإرهاب وإيمان غالبية الشعب السوري بأن الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي".
وفي ديسمبر/كانون الأول أخفقت روسيا وإيران وتركيا التي تدعم الطرفين الرئيسيين في الصراع السوري المعقد في الاتفاق على تشكيل لجنة دستورية سورية برعاية الأمم المتحدة لكنها دعت لانعقاد تلك اللجنة أوائل العام لبدء عملية سلام قابلة للاستمرار.
وتشبث الرئيس السوري بشار الأسد، الذي استعادت قواته السيطرة على معظم الأراضي السورية بدعم من إيران وروسيا ماعدا محافظة إدلب في شمال البلاد، بالسلطة طوال الصراع ولا يبدي أي مؤشر على أنه سيتخلى عنها بعد انتهاء الحرب.
وتسعى دول عربية، بينها دول دعمت يوما المعارضة المسلحة ضد الأسد، للتصالح معه بعد أن حقق الجيش السوري مكاسب حاسمة في الحرب بهدف توسيع نفوذها في سوريا على حساب الدول غير العربية مثل إيران وتركيا.

كل الدول، تركيا وإلى حد ما روسيا والدول العربية، تعتقد أنه بدون حل سياسي سيكون التطبيع مع نظام الأسد مستحيلا

وقال الحريري "كل الدول، تركيا وإلى حد ما روسيا والدول العربية تعتقد أنه بدون حل سياسي سيكون التطبيع مع نظام (الأسد) مستحيلا".
واعتبر الحريري السبت غداة لقائه المبعوث الدولي إلى سوريا أن غياب الإرادة الدولية حال دون نجاح الأمم المتحدة في دفع العملية السياسية والمصابة حالياً بـ"الشلل".
ويواجه غير بيدرسون، الدبلوماسي المخضرم الذي بدأ مهامه كمبعوث الأمم المتحدة الرابع إلى سوريا خلفاً لستافان دي ميستورا، مهمة صعبة تتمثل بإحياء المفاوضات في الأمم المتحدة، بعدما اصطدمت كافة الجولات السابقة التي قادها سلفه بمطالب متناقضة من طرفي النزاع.
وزار بيدرسون دمشق الثلاثاء للمرة الاولى منذ تسلمه مهامه والتقى وزير الخارجية وليد المعلم، ثم توجه إلى الرياض واجتمع الجمعة بهيئة التفاوض.
وغداة لقائه بيدرسون، قال الحريري إن "بيدرسون هو المبعوث الرابع، وكان هناك مبعوثون مخضرمون قبله، واعتقد أن غياب الإرادة الدولية الدافعة باتجاه الحل السياسي هي التي جعلت الامم المتحدة ومبعوثيها غير قادرين على القيام بشيء".
واعتبر أن "العملية السياسية دخلت في حالة شلل واضحة لكل العالم"، لكن الحل السياسي يقتضي، وفق قوله، أن "تشترك الجهود الدولية مع بعضها البعض لا أن تتنافس من أجل تبني العملية السياسية وأن تكون برعاية الأمم المتحدة في جنيف".
ومنذ بداية العام 2016، أجرى دي ميستورا تسع جولات تفاوضية بين الحكومة والمعارضة السورية في جنيف من دون أن تحقق أي تقدم في ظل مطالبة المعارضة بانتقال سياسي دون الرئيس السوري بشار الأسد، واصرار دمشق على عدم بحث مستقبله.
وأكد الحريري أن لا حل في سوريا "أفضل من الحل السياسي"، مضيفاً "نعتقد أن أي طرف في سوريا يؤمن بعكس ذلك، واي جهة خارج سوريا تشجع على الإيمان عكس ذلك باشاعة أن (النظام) انتصر والازمة الى زوال، فإنما يطيل في امد الصراع والعنف والمعاناة".
وأشار إلى أن "عودة اللاجئين من دون حل سياسي مستحيلة"، وكذلك الأمر بالنسبة لإعادة الاعمار إذ "لا يمكن لدول العالم الحر ان تضع اموال بيد نظام مجرم ليقوم بتأهيل البنى التحتية الذي هو دمرها".
مصدر المبادرات الأبرز
وتمحورت جهود دي ميستورا في العام الأخير على تشكيل لجنة دستورية، اقترحتها الدول الثلاث الضامنة لعملية السلام، وهي روسيا وإيران، حليفتا دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة.
إلا أن دي ميستورا فشل في مساعيه الأخيرة.
وقال الحريري في هذا الصدد، "أطراف في (مباحثات) استانا تقف الى جانب النظام لا تزال هي المعرقل الاساسي لتشكيل اللجنة".
ومنذ إطلاقها في بداية العام 2017، تحولت محادثات أستانا بين روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق وتركيا الداعمة للمعارضة إلى مصدر المبادرات الأبرز في النزاع، وعلى رأسها اتفاق إقامة منطقة عازلة في محافظة إدلب.
وظهرت تلك المحادثات التي ألقت الضوء على التقارب الروسي التركي بعد اختلاف طويل حول سوريا، كبديل قوي لمفاوضات جنيف.
ويتولى بيدرسون مهامه بعدما تمكنت القوات الحكومية من استعادة السيطرة على أكثر من ستين في المئة من مساحة البلاد. كما تأتي مع مؤشرات على بدء انفتاح عربي تجاه دمشق، تمثل الشهر الماضي باعادة افتتاح كل من الإمارات والبحرين سفارتيهما في دمشق.
واعتبر الحريري "أن نقول إن النظام قادر أن يحسم الامر لصالحه، او أن المعارضة قادرة ان تحسم الأمر لصالحها فاعتقد انه منطق خاطئ، ولن يؤدي إلا لإطالة أمد الحرب".