فرنسا أمام المحكمة الأوروبية في قضية عودة أبناء الجهاديين

رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر اشتكى في السابق من قلة اهتمام الحكومات الغربية في التصدي لمشكلة المقاتلين الأجانب وأبنائهم المرتبطين بتنظيم داعش واقتصار ردودها على توفير المساعدة الطارئة.

القضية تعيد إلى الواجهة مستقبل أبناء داعش
الحكومة الفرنسية ترفض عودة أبناء الجهاديين في سوريا
10 آلاف شخص بين نساء وأطفال مرتبطين بداعش محتجزون في مخيم الهول
عائلة تقاضي فرنسا لرفضها عودة أبناء جهادييها

باريس - حيال إصرار الحكومة الفرنسية على رفض عودة أولاد الجهاديين المعتقلين في سوريا، رفع جدّان الاثنين الملف إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لإدانة فرنسا.

وهذا الطلب غير المسبوق على هذا الشكل يعيد إلى الواجهة قضية مستقبل هؤلاء الأولاد ضحايا الحرب الذين تطالب أسرهم ومحاميهم بأن يتولى بلد المنشأ (الذي ينحدر منه الجهاديون الأجانب)، بتوفير العناية الطبية والاجتماعية والنفسية لهم.

ورفع هذا الطلب الاثنين أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان جدا طفل في الثالثة وطفلة في الرابعة يعيشان مع والدتهما الجهادية "في ظروف صحية مأساوية وغير إنسانية" في مخيم الهول في منطقة الأكراد في سوريا، كما أعلن محاميهما.

وقال المحامون "من خلال رفضها عودة هذه الأم وولديها المرضى والجرحى، تعرضهم فرنسا عن إدراك وعمدا لمعاملة لا إنسانية ومهينة وتنتهك بذلك المادة 3 في المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان".

ونظرا إلى "التهديد الجدي لحياة ولصحة وللأوضاع الشخصية" لهذه الأسرة جاء في الطلب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إبلاء هذا الملف أولوية.

وأورد فريق الدفاع لأول مرة مادة أخرى في المعاهدة الأوروبية هي أن قرار فرنسا "ينتهك الفقرة الثانية في المادة 3 من البروتوكول رقم 4 ومفادها بأنه لا يمكن حرمان أحد من حق الدخول إلى أراضي الدولة التي يتحدر منها"، مذكرين بأن المحامين يستندون إلى أعمال أستاذين جامعيين هما أوريليان غودوفروا وسيباستيان توزي.

وأكد الفريق أن هذا البند يؤكد "الحق المطلق لهذه الأم وولديها بالعودة إلى بلادهم".

وفي مطلع أبريل/نيسان، قال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير إن منظمته تريد أن يُسمح للمئات من أطفال مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الأجانب في سوريا بالعودة إلى بلادهم وربما إعادتهم إلى أحضان عائلاتهم هناك.

ويعيش الأطفال بعيدين عن ذويهم في مخيم الهول في شمال شرق سوريا الذي يضم ما بين ثمانين ومئة ألف نازح جراء الهجوم الذي شنّته قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيا على آخر جيب للتنظيم.

ويتم احتجاز نحو 10 آلاف شخص بين نساء وأطفال أجانب مرتبطين بمقاتلين أجانب في صفوف التنظيم في قسم منفصل من المخيم حيث نحو ثلثي الأطفال دون الثانية عشرة من العمر.

وقال ماورير في مؤتمر صحافي إن "أولويتنا هي السعي لإعادة الأطفال إلى بلادهم الأصلية حيث نأمل أنه لا تزال هناك عائلات لهم في حال كانوا غير مرافقين". ويؤوي مخيم الهول ما بين 30 و40 جنسية أجنبية.

وتابع ماورير حينها أنه ما أن يتم التثبّت من هوية الأطفال سيبلّغ الصليب الأحمر الحكومات للبحث عن عائلات لهم في البلاد "التي يمكننا أن نعيد إليها الأطفال".

ولم يعط ماورير عددا محددا للأطفال غير المرافقين من قبل ذويهم في المخيم، لكنه قال إنهم "طبعا بالمئات وربما أكثر".

ومع انهيار آخر جيب للتنظيم في سوريا الشهر الماضي تتصارع الحكومات مع مشكلة المقاتلين الأجانب المعتقلين ونسائهم وأطفالهم.

واشتكى رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر من قلة اهتمام الحكومات في التصدي لمشكلة المقاتلين الأجانب المرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية واقتصار ردودها على توفير المساعدة الطارئة.

وقال ماورير، إن المشكلة الكبرى هي "كيفية إيجاد منظومة للتعامل مع فئات مختلفة من الناس تكون قادرة على تحديد الضحايا والنظر في قضايا فردية".

واستعادت فرنسا الشهر الماضي خمسة يتامى، لكنّ السلطات الفرنسية تقارب موضوع استعادة الأطفال على أساس كل حالة على حدة.

وترفض دول غربية استعادة الأطفال من أبناء الجهاديين الأجانب خشية تحولهم إلى مشاريع متطرفين في المستقبل باعتبار تشبعهم بأفكار تنظيم الدولة الإسلامية.

كما تمثل إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال معضلة أخرى سواء في مخيمات النازحين أو في حالة إعادتهم إلى البلدان الأصلية التي يتحدر منها آباؤهم من الجهاديين الأجانب.