فرنسا: اعلان الحرب الانتخابية بين شيراك وجوسبان

باريس- من جاك شارمولو
فراق بعد تعايش طال لخمس سنوات

يخوض الرئيس اليميني جاك شيراك ورئيس وزرائه اليساري ليونيل جوسبان بعد خمسة عوام من "التعايش" حربا مفتوحة للفوز في الانتخابات الرئاسية، وهي الثانية التي يتواجهان فيها.
بعد ان اعلن جاك شيراك ترشيحه قبل عشرة ايام خلال اجتماع سياسي لحزبه في افينيون (جنوب شرق) ثم مباشرة على التلفزيون، اعلن جوسبان الاربعاء ترشيحه في رسالة عبر الفاكس الى الصحافة من منزله.
ويمثل ترشيحه البداية الحقيقية لحملة تشير الدلائل على انها ستكون بلا هوادة بين المرشحين اللذين سبق وتبارزا عام 1995 في مواجهة فاز فيها شيراك ليدخل الاليزيه. لكنهما اضطرا بعد ذلك الى "التعايش" ليحكما فرنسا معا بعد فوز تحالف من الاحزاب اليسارية في الانتخابات التشريعية عام 1997.
وكتبت صحيفة لو باريزيان الشعبية الخميس ان "كل شيء جاهز لتبدأ المعركة"، في حين عنونت صحيفة لي زيكو "المبارزة جوسبان-شيراك".
ومع ان شيراك يسجل تقدما طفيفا على جوسبان في استطلاعات الرأي، الا ان المحللين يعتبرون انهما المرشحان الرئيسيان للفوز في الانتخابات التي تجري على دورتين في 21 نيسان/ابريل و5 ايار/مايو.
وبحسب اخر استطلاع للرأي، من المتوقع ان يفوز شيراك بـ24% من الاصوات متقدما على جوسبان الذي سيحصل على 23%، الا ان الخصمين سيحققان نتائج متوازية في الدورة الثانية اذ يحصل كل منهما على 50%.
وان انتخب جوسبان، فستكون هذه اول مرة يصبح فيها رئيس وزراء رئيسا للجمهورية منتخبا لخمس سنوات وسيصبح الركيزة الاساسية للسلطة التنفيذية في اطار مؤسسات الجمهورية الخامسة.
بقى جوسبان في طريقة اعلان ترشيحه وفيا لصورته كرجل عمل وصرامة. واكد في رسالته انه يريد ان "يعيد احياء حس المسؤولية الذي تقوم عليه السلطة" معتبرا انه "سيتعين ممارسة مهام الرئاسة بطريقة مغايرة".
كذلك دعا الى "فرنسا فاعلة تدير ظهرها نهائيا للبطالة" و"فرنسا آمنة (..) حيث كل جرم يلقى عقابه" و"فرنسا عادلة (..) من اجل التخفيف من التفاوت في الدخل والمعرفة" و"فرنسا حديثة" ادواتها "التربية والبحث والبيئة والتكنولوجيا الجديدة" واخيرا "فرنسا قوية تكون عنصرا نافذ البصيرة في التعددية العالمية".
وبذلك اعلن جوسبان فور تقديم ترشيحه المحاور الخمسة الكبرى لحملته وبالتالي لبرنامجه السياسي وهي البطالة والامن والقضاء والحداثة ومكانة فرنسا في اوروبا، في حين ان شيراك لم يعلن حتى الان بعد عشرة ايام من بدء حملته الانتخابية برنامجه السياسي، مكتفيا بالتشديد على مشكلة اختلال الامن وهي المشكلة الاولى التي يعاني منها الفرنسيون.
وفي حين دعا جوسبان الى "المسؤولية"، تحدث شيراك عن "شغفه" بفرنسا الذي يدفعه لتقديم ترشيحه لولاية ثانية.
ولا يتوقف الاختلاف بين الرجلين على الاسلوب فقط، بل هما مختلفان في شخصيتيهما.
فشيراك (69 عاما) بنى لنفسه سمعة الزعيم الشعبي الودود والمنصت للاخر، وهو مكافح معتاد على نشاطات جمعيات المزارعين، يحب العيش ومتع الحياة، وهي ميزة غالبا ما تناسب اللطبع الفرنسي، الا ان منتقديه يسهبون في الكلام عن الشبهات التي تحوم حوله في قضايا اختلاس اموال في وقت كان رئيسا لبلدية باريس قبل وصوله الى سدة الرئاسة.
اما جوسبان (64 عاما)، فهو عكس ذلك تماما. انه مناضل تروتسكي قديم تحول الى الاشتراكية شخص مثقف، رجل ملفات يغلب العقل على الانفعالات. يعرف عنه اصدقاؤه بأنه مثال الصرامة والمواظبة في حين يتهمه اعداؤه بالتصلب والنفاق.
وفي معسكر شيراك، اثارت طريقة اعلان جوسبان ترشيحه عبر الفاكس ورغبته في الحصول الاحد على الموافقة الرسمية من مؤتمر الحزب الاشتراكي المنعقد في باريس الكثير من الانتقادات.
فاعتبرت الناطقة باسم شيراك روزلين باشولو في حديث الى اذاعة ار.تي.ال. انه بـ"رسالته الباردة عبر الفاكس" وزيارته الى "الاعيان الاشتراكيين"، "يخيل الينا ان ليونيل جوسبان يخشى الفرنسيين". وقابلت شخصية جوسبان الباردة بـ"الدفء الانساني" الذي يتمتع به في نظرها شيراك.
الا ان المحلل الان بلومبا رأى في اسلوب جوسبان تمسكه بـ"المضمون على حساب الشكل"، ما يعبر عن "رغبته العنيفة في التميز نهائيا عن جاك شيراك، ومواجهته على صعيد يكاد يكون فلسفيا قبل ان يتواجها سياسيا للمرة الاخيرة".