فرنسا تتابع بحذر انتفاضة الجزائريين ضد الولاية الخامسة

السلطة تنشر أعدادا كبيرة من عناصر الأمن في وسط العاصمة الجزائرية فيما تتجه الأنظار إلى يوم الجمعة الذي أصبح موعدا أسبوعيا للتظاهر ضد الولاية الخامسة لبوتفليقة.
هدوء في الجزائر يسبق عاصفة احتجاجات مقررة الجمعة
فرنسا: الجزائريون وحدهم من يحدد مستقبلهم
إجراءات أمنية مشددة في الجزائر العاصمة
طلاب الجزائر يريدون مواصلة الضغط حتى سحب بوتفليقة ترشحه

باريس/الجزائر - قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان اليوم الأربعاء إن بلاده تتابع عن كثب الاحتجاجات المناهضة للحكومة في الجزائر، لكن الأمر يرجع للجزائريين في تحديد مستقبلهم.

واحتشد عشرات الآلاف من الأشخاص في مدن بأنحاء الجزائر في أكبر احتجاجات منذ انتفاضات الربيع العربي في 2011، مطالبين بوتفليقة (82 عاما) بعدم السعي لولاية جديدة عبر الانتخابات المقررة في 18 أبريل/نيسان.

لكن الرئيس الجزائري المنتهية ولايته والغائب منذ فترة طويلة عن الظهور بسبب مرضه، تجاهل الاحتجاجات بأن قدم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية يوم الأحد الماضي الماضي.

وأضاف لودريان مخاطبا المشرعين "علينا أن ندع العملية الانتخابية تتقدم وفرنسا تتابع الأمر باهتمام نظرا للروابط التاريخية بيننا". والجزائر كانت مستعمرة فرنسية.

وفي ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، قال قدامى المحاربين الجزائريين إن مطالبة المحتجين بأن يترك الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة منصبه بعد أن أمضى 20 عاما في السلطة تقوم على اعتبارات مشروعة وحثوا جميع المواطنين على التظاهر في بادرة أخرى على الانشقاق في صفوف الصفوة الحاكمة.

وقال لودريان "الجزائر بلد ذو سيادة ومن حق الشعب الجزائري وحده اختيار قادته ومستقبله. الأمر يرجع للجزائريين في تحديد طموحاتهم وهو ما يستلزم أن تتسم العملية بالشفافية والحرية".

ويقيم في فرنسا أكثر من أربعة ملايين شخص من أصل جزائري وسيكون لأي اضطراب في البلد الواقع في شمال أفريقيا تداعيات في فرنسا. واستقلت الجزائر المستعمرة الفرنسية السابقة عام 1962 بعد حرب استمرت لثمانية أعوام.

ويخشى المسؤولون الفرنسيون في حال تدهور الوضع بشكل ملحوظ من تدفق لاجئين ومهاجرين غير شرعيين فضلا عن وقوع أزمة أمنية في منطقة يعصف إسلاميون متشددون باستقرارها بالفعل.

وقال الوزير الفرنسي "لذا فإن الاستقرار والأمن والتنمية في الجزائر أمور ضرورية للغاية"، داعيا المحتجين إلى الحفاظ على سلمية المظاهرات.

وذكر دبلوماسيون أن فرنسا حذرة في رد فعلها على موجة الاحتجاجات، إذ لا تريد أن تتهمها الحكومة الجزائرية بالتدخل في شؤون البلاد أو أن تواجه اتهامات بعدم بذل ما يكفي من الجهد لدعم المحتجين الساعين لانتقال سياسي في ذلك البلد.

وطلبت باريس من السفير الفرنسي لدى الجزائر قبل أيام أن يعود لإطلاع لودريان والرئيس إيمانويل ماكرون بصفة شخصية على الوضع.

وجرى الإعلان عن هذا الاجتماع لتوجيه رسالة إلى الحكومة الجزائرية مفادها أن باريس تراقب الأحداث باهتمام.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي "لا نعلم ما يحدث. الوضع متفجر بشدة وأي شيء سنقوله ربما يشعل فتيل أزمة. علينا أن نبقى حذرين للغاية".

وتأتي تصريحات وزير الخارجية الفرنسي بينما انتشرت أعداد كبيرة من أفراد الشرطة الجزائرية وسط العاصمة صباح الأربعاء غداة تظاهرات حاشدة للطلاب الذي يريدون مواصلة الضغط على الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة كي ينسحب من الترشح لولاية خامسة في انتخابات 18 ابريل/نيسان.

ولم تشهد الجزائر اليوم الأربعاء مظاهرات جديدة، فيما تتجه الأنظار إلى يوم الجمعة الذي أصبح موعدا أسبوعيا للتظاهر، كما حدث في الأسبوعين الأخيرين من خلال مسيرات حاشدة في أرجاء البلاد.

ويتزامن نهار الجمعة هذا الأسبوع مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، الذي عادة ما يعرف خروجا قويا للنساء.

والهدوء الذي تشهده الجزائر العاصمة يتزامن مع معلومات أوردتها صحيفة سويسرية تفيد بأن الوضع الصحي للرئيس المنتهية ولايته حرج وأنه تحت المراقبة الطبية المستمرة في مستشفى جنيف الجامعي الذي دخله يوم الأحد الماضي.

وفي وسط العاصمة اصطفت ست شاحنات للشرطة مع شاحنة لرش المتظاهرين بالماء، في ساحة البريد المركزي قلب مدينة الجزائر النابض الذي حوله الطلاب لعدة ساعات الثلاثاء إلى مكان انشدوا فيه أغانيهم المعارضة لترشح بوتفليقة لولاية خامسة.

لاءات جزائرية للولاية الخامسة
لاءات جزائرية للولاية الخامسة

واتخذت ترتيبات أمنية مماثلة في ساحة أودان على مسافة حوالي 500 متر من نقطة التجمع المعهودة الأخرى للمعارضين لترشح بوتفليقة.

ومع تكرار التظاهرات وتحولها شبه يومية صدر موقف عن رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح في كلمة ألقاها خلال زيارة إلى الأكاديمية العسكرية من الأحداث الأخيرة.

وقال الثلاثاء إن "إرساء الجزائر لكافة عوامل أمنها، من خلال القضاء على الإرهاب وإفشال أهدافه، بفضل الإستراتيجية الشاملة والعقلانية المتبناة، ثم بفضل التصدي العازم الذي أبداه الشعب الجزائري وفي طليعته الجيش الوطني الشعبي رفقة كافة الأسلاك الأمنية الأخرى، لم يرض بعض الأطراف".

واعتبر أن تلك الأطراف التي لم يذكرها"يزعجهم أن يروا الجزائر آمنة ومستقرة، بل يريدون أن يعودوا بها إلى سنوات الألم وسنوات الجمر التي عايش خلالها الشعب الجزائري كل أشكال المعاناة، وقدم خلالها ثمنا غاليا"، في إشارة إلى سنوات الحرب الأهلية الجزائرية في تسعينات القرن الماضي.

والأربعاء أشارت الصحف الجزائرية إلى غياب في هذا الخطاب لأي إشارة واضحة للتظاهرات أو تهديد واضح بحق المتظاهرين وكذلك إلى ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية جديدة.

الهدوء الذي تشهده الجزائر العاصمة يتزامن مع معلومات أوردتها صحيفة سويسرية تفيد بأن الوضع الصحي للرئيس المنتهية ولايته حرج وأنه تحت المراقبة الطبية المستمرة في مستشفى جنيف الجامعي الذي دخله يوم الأحد الماضي

وكتبت صحيفة 'الوطن' الصادرة بالفرنسية أنه يبدو أن رئيس الأركان "تخلى عن اللهجة العدائية التي كان يستخدمها حتى الآن للتحدث عن الوضع السياسي في الجزائر".

وفي خطابه "لم يتفوه الفريق أحمد قايد صالح بكلمة" عن التظاهرات الحالية "بل عمد إلى التهدئة ولم يلوح في أي وقت من الأوقات بتهديد ضد المتظاهرين" كما قالت صحيفة 'ليبيراسيون'.

وتابع الفريق قايد صالح "إن الشعب الذي أفشل الإرهاب وأحبط مخططاته ومراميه، هو نفسه المطالب اليوم، في أي موقع كان، أن يعرف كيف يتعامل مع ظروف وطنه وشعبه، وأن يعرف كيف يكون حصنا منيعا لصد كل ما من شأنه تعريض الجزائر لأخطار غير محسوبة العواقب".

وفي حين لم تعلن بعد عودة بوتفليقة إلى الجزائر وهو يعالج في مستشفى في سويسرا منذ أكثر من 10 أيام رسميا "لفحوصات طبية دورية" مارست نقابة الأطباء ضغوطا على المجلس الدستوري الأربعاء.

وتظاهر آلاف الطلاب مجددا الثلاثاء في وسط العاصمة وفي عدة مدن أخرى احتجاجا على ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، في حين وجه الجيش تحذيرا إلى الذين يريدون العودة بالبلاد إلى فترة الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي من دون أن يسميهم.

وأطلق الطلاب هتافات على غرار "جيبو  بي ار اي (القوات الخاصة للشرطة) زيدوا الصاعقة (وحدة من الجيش) ماكانش عهدة خامسة يا بوتفليقة"، وسط انتشار كبير للشرطة في وسط العاصمة بدون أن تتدخل، بل اكتفت بتحديد مكان تجمعهم وتحركهم في الشوارع المجاورة لساحة البريد المركزي. وساند المارة الطلاب بالتصفيق وقام سائقون بإطلاق أبواق سياراتهم تأييدا.

وتظاهر الطلاب بأعداد كبيرة أيضا في وهران ثاني مدن الجزائر وتوجهوا إلى وسط المدينة. كما تظاهر آلاف الطلاب مع أساتذتهم في قسنطينة ثالث مدن البلاد بحسب صحافي محلي وعنابة حيث تحدث صحافي عن تظاهرة "ضخمة" ضمت الآلاف.

وأفاد أحد السكان بأن آلاف الطلاب تظاهروا أيضا في بجاية (180 كلم شرق الجزائر) وفي منطقة القبائل.

كما تظاهر طلاب بأعداد كبيرة في البليدة والبويرة وتيزي أوزو بحسب الموقع الإخباري 'كل شيء عن الجزائر' وفي ستيف وتلمسان بحسب موقع صحيفة 'الوطن'.