فرنسا تتبرأ من رفض استقبال الإسرائيليين في الأولمبياد بـ'الترحيب'
باريس - أكد وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الإثنين "ترحيب" بلاده بالوفد الإسرائيلي المشارك في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي تنطلق في باريس هذا الأسبوع، وذلك في أعقاب تصريحات لنائب من اليسار المتطرف أثارت جدلاً في البلاد.
وكان النائب عن حزب "فرنسا الأبية" توما بورت اعتبر السبت أن الرياضيين الإسرائيليين "غير مرحب" بهم في العاصمة الفرنسية على خلفية الحرب بين الدولة العبرية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة.
وتعقيباً على ذلك، قال سيجورنيه إن "الوفد الإسرائيلي مرحب به في فرنسا للمشاركة في الألعاب الأولمبية"، معتبرا لدى وصوله الى بروكسل للمشاركة في اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أن تصريحات بورت "غير مسؤولة وخطرة".
وشدد الوزير على أنه سيكرر نقل الموقف الرسمي الفرنسي "الى الحكومة الإسرائيلية"، وسيتحدث الى نظيره يسرائيل كاتس خلال الساعات المقبلة.
وأضاف سيجورنيه "سنضمن سلامة الوفد" خلال الألعاب التي تفتتح رسميا الجمعة وتستمر حتى 11 آب/أغسطس. ويبدأ المنتخب الإسرائيلي لكرة القدم مشاركته بمباراة ضد مالي في ملعب بارك دي برانس بباريس في 24 تموز/يوليو.
وكان بورت قال خلال تجمّع حاشد لدعم الفلسطينيين إن "الوفد الإسرائيلي غير مرحّب به في باريس. والرياضيون الإسرائيليون غير مرحّب بهم في الألعاب الأولمبية في باريس"، داعياً إلى "التعبئة" حول هذا الحدث.
وصرّح لصحيفة "لو باريزيان" لاحقاً "يجب على الدبلوماسيين الفرنسيين الضغط على اللجنة الأولمبية الدولية لمنع رفع العلم الإسرائيلي وعزف النشيد، كما هو الحال بالنسبة لروسيا" على خلفية حرب أوكرانيا، مضيفاً "حان الوقت لإنهاء المعايير المزدوجة".
"الأكثر تعرّضاً للخطر"
وقوبلت هذه التصريحات بانتقادات، خصوصاً وأنها أتت بعد فترة وجيزة من انتخابات تشريعية حادة الاستقطاب في فرنسا، كانت إحدى محاورها الاتهامات لليسار المتطرف بمعاداة السامية على خلفية انتقاده للحرب المتواصلة في غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وكتب رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية يوناتان عرفي على منصة إكس (تويتر سابقاً) إن بورت "كان يُصوّب صوب الرياضيين الإسرائيليين".
وأضاف أن هؤلاء "هم الأكثر تعرّضاً للخطر أساساً في الألعاب الأولمبية"، مذكراً بـ11 رياضياً "قتلهم إرهابيون فلسطينيون" في الألعاب الأولمبية في ميونيخ عام 1972.
قتلهم إرهابيون فلسطينيون
وبينما كان النائب اليساري موضع انتقاد حلفاء برلمانيين، أعرب وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان ليل الأحد لقناة "فرانس 2" عن "اشمئزازه" من تصريحات بورت، معتبراً أنها "تنمّ عن معاداة السامية".
وحذّر من أن هذه التصريحات "تجعل من الرياضيين الإسرائيليين هدفاً".
في المقابل، لقي بورت دعم بعض نواب "فرنسا الأبيّة".
وكتب النائب إيمريك كارون "العلم الإسرائيلي الملطخ بدماء أبرياء غزة لا ينبغي أن يرفرف في باريس هذا الصيف".
واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق شنته حماس في جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وأسفر عن 1195 قتيلا، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة لوكالة فرانس برس تستند إلى أرقام إسرائيلية.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة ما زال 116 منهم في غزة، بينهم 44 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.
ورداً على الهجوم، توعدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة. وتنفذ منذ ذلك الحين هجمات على القطاع المحاصر أدت الى مقتل 39006 فلسطينياً غالبيتهم من المدنيين، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
وتسبّب الغموض في موقف "فرنسا الأبية" حيال هجوم حماس بشرخ في صفوف تحالف الأحزاب اليسارية الذي أجرى على مضض تسويات هدفت لتشكيل جبهة موحدة والحؤول دون وصول اليمين المتطرف الى الحكم بنتيجة الانتخابات البرلمانية التي أجريت على دورتين في الأول من تموز/يوليو والسابع منه.
وستوفر الشرطة الفرنسية حماية على مدار الساعة للرياضيين الـ89 الذين يتألف منهم الوفد الإسرائيلي، ووصلوا الى فرنسا بشكل متكتم، إضافة الى كل المسؤولين الإسرائيليين. ومن المقرر أن يحضر رئيس الدولة العبرية اسحق هرتسوغ حفل الافتتاح الرسمي الجمعة.
على صعيد آخر، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استعداد بلاده التي تعاني انقساماً سياسياً جراء الانتخابات التشريعية، لتنظيم الأولمبياد الصيفي، وهو الحدث الرياضي الأكبر عالمياً ويقام مرة كل أربعة أعوام.
وأعرب ماكرون عن أمله في "هدنة سياسية" على هامش الألعاب في فرنسا، حيث يتولى غابريال أتال رئاسة حكومة لتصريف الأعمال ريثما يتم التفاهم على تشكيل غالبية في الجمعية الوطنية.
وشدد الرئيس على "أننا مستعدون وسنكون مستعدين طيلة الألعاب"، وذلك على هامش تدشين مفوضية للشرطة ومركز لفرق الإطفاء في القرية الأولمبية.