فرنسا تحذر إيران من الإضرار بجهودها لإنقاذ الاتفاق النووي

طهران تصعد التوتر بإعلان انطلاق تطوير أجهزة الطرد المركزي حتى تسرع تخصيب اليورانيوم بوتيرة اكبر متجاهلة الدور الفرنسي لإنهاء الأزمة والدفع نحو الحوار.

باريس - حذرت الخارجية الفرنسية،في بيان صادر عنها الخميس، إيران من مغبة إرسال إشارة سيئة تضرّ بالجهود الفرنسية لإنهاء أزمة الملف النووي.

وقالت الخارجية ان باريس بذلت جهودًا كبيرة لتهدئة التوترات، رافضة حدوث انتهاك جديد للاتفاق النووي.

ودعت الخارجية الفرنسية إيران الى الامتثال الكامل للاتفاقية، باعتبارها من الاهداف الأساسية لفرنسا للخروج من الأزمة الحالية.

وطالبت باريس طهران بعدم إرسال إشارات سيئة، لأن ذلك سيساهم في الاضرار بجهود وقف التصعيد.

وهددت إيران الأربعاء بتقليص التزاماتها في المجال النووي على الفور، في حين شددت الولايات المتحدة عقوباتها واستبعدت تخفيف الضغوط، ما يؤدي الى مزيد من التعقيدات في الوساطة الفرنسية لبدء حوار بين طهران وواشنطن.

ونظرا لعدم ترجيح نجاح هذه المبادرة قبل الخميس، وهو الموعد النهائي الذي حددته طهران، قال الرئيس حسن روحاني إن بلاده ستعلن "الاربعاء او الخميس" عن تقليص جديد في التزاماتها تجاه المجتمع الدولي في المجال النووي.

واضاف روحاني خلال انعقاد مجلس الوزراء الأربعاء إن الإعلان سيركز على "تفاصيل  المرحلة الثالثة" من الاستراتيجية الإيرانية للحد من الالتزامات التي بدأتها في أيار/مايو.

وتطرق إلى سير المفاوضات مع أوروبا قائلا "على سبيل المثال اذا كانت هناك خلافات على عشرين نقطة، فاليوم انحصرت هذه الخلافات في ثلاث لكننا لم نصل حتى الآن الى الحل النهائي ومن المستبعد التوصل الى هذا الحل على مدى اليوم وغداً، وبالتالي سنخطو الخطوة الثالثة في خفض التزاماتنا النووية

وفعلا اكد روحاني ان بلاده ستبدأ تطوير أجهزة الطرد المركزي حتى تسرع تخصيب اليورانيوم وذلك اعتبارا من يوم الجمعة في إطار خطوتها التالية لتقليص التزاماتها النووية.

وقال روحاني في كلمة نقلها التلفزيون "اعتبارا من يوم الجمعة، سنشهد بحث وتطوير أنواع مختلفة من أجهزة الطرد المركزي وأجهزة طرد مركزي جديدة وأيضا كل ما يلزم لتخصيب اليورانيوم بوتيرة سريعة".

وأضاف "كل القيود على أعمال البحث والتطوير التي نقوم بها ستُرفع الجمعة".

كل القيود على أعمال البحث والتطوير التي نقوم بها ستُرفع الجمعة

وذكر روحاني أن إيران ستتخذ كل الخطوات الضرورية لحماية حقوقها ومصالحها ووصف تطوير أجهزة الطرد المركزي بأنها "الخطوة الثالثة" لتقليص التزاماتها بالاتفاق النووي.

وردت إيران بتدابير مضادة على انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق فيينا الذي خفف العقوبات المفروضة عليها مقابل الحد من برنامجها النووي.

وفي الأول من تموز/يوليو قالت إيران إنها رفعت مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى أكثر من 300 كلغ وهو الحد الذي يسمح به الاتفاق.

وبعد أسبوع أعلنت أنها تخطت سقف تخصيب اليورانيوم المحدد ب3.67 بالمئة.

النووي الايراني
ايران تخطت سقف تخصيب اليورانيوم ما اثار حفيظة الولايات المتحدة والدول الغربية

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاسبوع الماضي إن مخزون إيران من اليورانيوم يبلغ حوالى 360 كلغ، وأن فقط ما يزيد بقليل عن 10 بالمئة منه، تم تخصيبه بنسبة 4,5 بالمئة.

وفي هذه الأثناء، تناقش ثلاث دول أوروبية هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا مع الجمهورية الإسلامية سبل الحفاظ على الاتفاق الدولي الذي تم التوصل إليه في فيينا عام 2015 وبات مهدداً بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في أيار/مايو 2018 وإعادة فرضها سلسلة من العقوبات الاقتصادية على إيران.

ويقود هذه الجهود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يحاول إقناع الولايات المتحدة بأن تعفي إيران من بعض العقوبات المشددة التي فرضتها عليها.

خط ائتمان

وكانت وكالة الأنباء الإيرانية نقلت في وقت سابق عن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قوله إن بلاده مستعدة للعودة إلى التنفيذ الكامل للاتفاق النووي في مقابل حصولها على خط ائتماني من حوالى 15 مليار دولار يتم التفاوض عليه حاليًا مع الأوروبيين.

لكن عراقجي أعرب عن شكوكه حيال إمكانية الموافقة على مثل هذه الخطة بحلول الموعد النهائي الذي حددته إيران لتخفيف العقوبات.

وتساوي قيمة القروض ثلث قيمة عائدات الصادرات الإيرانية من المشتقات النفطية عام 2017، وسيتم سدادها من خلال مبيعات نفط مستقبلية، وفق ما أعلن مصدر دبلوماسي فرنسي.

ورغم اعلان ترامب الأربعاء عن احتمال لقاء روحاني على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر ايلول/سبتمبر، قررت واشنطن فرض عقوبات جديدة على ايران.

وقال ترامب ردا على سؤال حول لقاء محتمل مع روحاني "بالطبع، كل شيء ممكن". وفي حين رحب بجهود نظيره الفرنسي خلال قمة مجموعة السبع، شدد على أن بلاده "لا تحتاج إلى أحد" للتفاوض.

كما استبعدت واشنطن أي "اعفاء" من العقوبات المفروضة على إيران لتيسير منح خط ائتماني لطهران.

وقال المبعوث الأميركي الى إيران براين هوك للصحافيين "لا يمكننا أن نكون أكثر وضوحا من حيث تصميمنا على تنفيذ حملة الضغوط القصوى. ولا نعتزم منح استثناءات أو اعفاءات. ان الولايات المتحدة تكثف حملتها من الضغوط القصوى".

لا نعتزم منح استثناءات أو اعفاءات ان الولايات المتحدة تكثف حملتها من الضغوط القصوى

ولدى سؤاله عما إذا كانت واشنطن مستعدة للنظر في امكان اعطاء ضوء أخضر للمبادرة الفرنسية، تهرب من السؤال قائلًا إنه لم يتسلم بعد اقتراحًا "ملموسا".

كما اعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على ايران، استهدفت "شبكة للنقل البحري" قالت إنها بادارة الحرس الثوري الإيراني متهمة اياها ببيع ملايين من براميل النفط لصالح الرئيس السوري بشار الأسد.

وتزامن فرض العقوبات على 16 كيانا و 10 أشخاص و 11 سفينة مع اعلان إيران انها ستقلص التزاماتها التي ينص عليها الاتفاق النووي ما لم تخفف واشنطن من ضغوطها.

وصرح هوك ان "الرئيس يريد فعلا رؤية حل دبلوماسي لكل ذلك"، من دون ان يغلق الباب نهائيا امام المبادرة الفرنسية، رغم ان شروط هذه المبادرة لا تزال تتطلب توضيحا.