فرنسا تدعو إيران لوقف تقويضها مجددا الاتفاق النووي

الرئيس الإيراني أعلن عن عزم طهران ضخ الغاز في 1044 جهاز طرد مركزي بمحطة فوردو غدا الأربعاء.

طهران  - دعت فرنسا اليوم الثلاثاء إيران إلى العدول عن قراراتها الأخيرة بتقليص التزاماتها ضمن الاتفاق النووي الموقع في 2015، فيما عبرت روسيا عن قلقها إزاء ذلك بعد أن أعلنت إيران استئناف تخصيب اليورانيوم في منشأة تحت الأرض جنوب طهران.

وقالت أنييس فون دير مول المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية للصحفيين في إفادة يومية "إعلان إيران في الخامس من نوفمبر بأنها تزيد من قدرات تخصيب اليورانيوم يتعارض مع اتفاق فيينا الذي يحد بصرامة من الأنشطة في هذا المجال".

وأضافت "ننتظر مع شركائنا التقرير المقبل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن إعلانات إيران وأفعالها".

وأشارت المتحدثة إلى أن فرنسا لا تزال ملتزمة بالاتفاق النووي وحثت إيران على "التطبيق الكامل لالتزاماتها والتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بموجب الاتفاق النووي والتزاماتها النووية الأخرى".

وأعلنت طهران في وقت سابق الثلاثاء عزمها استئناف أنشطتها لتخصيب اليورانيوم في مصنع فوردو على بعد 180 كلم جنوب طهران والتي كانت مجمدة بموجب الاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى عام 2015 في فيينا.

والاجراء الذي كشف عنه الرئيس الايراني حسن روحاني يأتي غداة انتهاء المهلة التي حددتها ايران لشركائها في الاتفاق النووي الذي وقع في فيينا لكي تساعدها في الالتفاف على عواقب انسحاب الولايات المتحدة بشكل آحادي من الاتفاق عام 2018.

وقال روحاني في كلمة بثها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة إن إيران ستتخذ خطوة جديدة لتقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي غدا الأربعاء بضخ الغاز في 1044 جهاز طرد مركزي بمحطة فوردو.

وأضاف روحاني أن جميع الخطوات التي اتخذتها إيران لتقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الموقع عام 2015 يمكن العدول عنها وستفي طهران بجميع التزاماتها بموجب الاتفاق عندما يقوم بذلك بقية الموقعين عليه وهم فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين.

وتابع "نحن نعلم حساسيتهم فيما يتعلق بفوردو.. فيما يخص أجهزة الطرد المركزي هذه، نعرف ذلك. ولكن في الوقت نفسه عندما يوفون بالتزاماتهم سنوقف ضخ الغاز مرة أخرى... لذلك من الممكن العدول عن هذه الخطوة... لا يمكن أن نقبل من جانب واحد أن نفي بالتزاماتنا بالكامل بينما لا يلتزمون هم".

وذكر روحاني أنه بموجب شروط الاتفاق يحق للجمهورية الإسلامية تشغيل أجهزة الطرد في فوردو بدون ضخ الغاز.

وعبرت روسيا عن قلقها من خطوة إيران الجديدة وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس فلاديمير بوتين للصحافيين "إننا نراقب بقلق تطور الوضع" مضيفا "نحن نؤيد الحفاظ على هذا الاتفاق".

وأمس الاثنين، قالت إيران إنها دشنت مجموعة جديدة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتسريع عملية تخصيب اليورانيوم في تقليص لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.

وتحصر إيران في هذه المرحلة انتاجها من اليورانيوم المخصب بنسبة 4.5 بالمئة كحد أقصى بعيدا جدا عن نسبة 90 بالمئة اللازمة للاستخدام العسكري.

وفي رد فوري أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على تسعة من مساعدي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي يحتلون مناصب أساسية في البلاد.

وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشن في بيان الاثنين "هذا الإجراء يحدّ أكثر فأكثر من قدرة المرشد الأعلى على تنفيذ سياسة الإرهاب والقمع التي ينتهجها".

وبحسب بيان نشرته وزارة الخزانة الأميركية على حسابها بتويتر، شملت العقوبات مجتبى خامنئي الابن الثاني للمرشد الأعلى الإيراني.

وأوضح البيان أن "هذا الإجراء يسعى لمنع تدفق الأموال إلى شبكة الظل من مستشاري خامنئي في الشؤون العسكرية والخارجية الذين ظلوا طوال عقود يضطهدون الشعب الإيراني ويُصدرون الإرهاب ويطورون سياسات مزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء العالم".

وقلصت إيران تدريجيا التزاماتها بموجب الاتفاق مع القوى العالمية منذ استئناف العقوبات الأميركية العام الماضي مما شل صادراتها النفطية.

ويعقد تقليص إيران لالتزاماتها بدرجة أكبر فرص الموقعين الأوروبيين في إنقاذ الاتفاق. وكان الموقعون الأوروبيون قد انتقدوا الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الانسحاب منه.

لكن طهران استغلت إمكانية التفاوض باشتراط رفع واشنطن كل العقوبات التي فرضتها عليها والعودة للاتفاق.

وقال روحاني إن إيران تحتاج للتمكن من بيع نفطها واستخدام نظامها المصرفي دون قيود.

وحاول الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون الترتيب لاجتماع بين روحاني وترامب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول، لكنه لم يفلح في مسعاه هذا.

ويقول مراقبون إن النظام الإيراني يصر حاليا على رفض التفاوض كإستراتيجية مؤقتة على الأقل حتى نهاية رئاسة ترامب الأولى، حيث تحرص طهران على إظهار أن العقوبات الأميركية لم تكن فعالة، وأن معظم الإيرانيين يؤيدون الحكم أيضًا.

ووافقت طهران بموجب الاتفاق على الحد بشكل كبير من أنشطتها النووية لضمان اقتصارها على التطبيقات المدنية، لقاء رفع جزء من العقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها.

لكن مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق واعتماد إدارة الرئيس دونالد ترامب سياسة ممارسة "أقصى درجات الضغط" على إيران، لم تحصل الجمهورية الإسلامية على الفوائد الاقتصادية المرجوة من الاتفاق.

وتؤكد طهران أنها تبقى متمسكة بالاتفاق ومستعدة للعودة إلى الالتزام بجميع بنوده إذا ما اتخذت الأطراف الأخرى تدابير عملية لتلبية مطالبها وفي طليعتها تمكينها من تصدير نفطها.