فرنسا تطوي تسع سنوات من التدخل العسكري في مالي

وزارة الدفاع الفرنسية تقول إن آخر كتيبة لها من قوة برخان غادرت الأراضي المالية وعبرت الحدود مع النيجر حيث من المقرر سلفا أن تتمركز القوات الفرنسية وحلفاؤها من القوات الأوروبية.

باريس/نجامينا - غادرت اليوم الاثنين آخر كتيبة فرنسية مالي في استكمال للانسحاب العسكري الفرنسي بعد نحو تسع سنوات من انطلاق عملية عسكرية ضد الجماعات الجهادية في البلد الإفريقي الذي يشهد اضطرابات أمنية وتقلب بين عدة انقلابات عسكرية آخرها في 2021 وشهد قبلها انقلابين في 2012 و2020.

ويطوي هذا الانسحاب صفحة تواجد فرنسا في مالي وهي القوة الغربية التي ألقت بثقلها العسكري ضمن عملية عنوانها مكافحة الإرهاب وأهدافها تأمين المصالح الفرنسية في مستعمراتها السابقة في مواجهة تمدد قوى أخرى بينها روسيا وتركيا والولايات المتحدة.

وقالت فرنسا اليوم الاثنين إن جميع قواتها التي كانت تقاتل إسلاميين متشددين في مالي منذ 2013 غادرتها الآن، في أعقاب قرار اتخذته في فبراير/شباط بالانسحاب على خلفية تدهور العلاقات بين باريس وباماكو.

وأعلنت باريس وحلفاؤها العسكريون في ذلك الوقت أنه بعد قرابة عشر سنوات من العمل انطلاقا من مالي لقتال إسلاميين متمردين في أنحاء غرب أفريقيا، فإنهم سيتخذون بدلا من ذلك النيجر مقرا لهم.

وقالت وزارة الدفاع الفرنسية في بيان "اليوم في تمام الساعة 13:00 (بتوقيت باريس)، عبرت آخر وحدة عسكرية من قوة برخان موجودة على الأراضي المالية الحدود بين مالي والنيجر".

وقال قصر الإليزيه في بيان "فرنسا لا تزال على اتصال بجميع الشركاء الملتزمين بالاستقرار وبالمعركة على الإرهاب في منطقة الساحل الصحراوي وفي خليج غينيا ومنطقة بحيرة تشاد".

وأضعفت انقلابات في مالي وتشاد وبوركينا فاسو تحالفات فرنسا في مستعمراتها السابقة، إذ شجعت الجهاديين الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من الصحراء والأدغال على العمل، وفتحت الباب أمام زيادة النفوذ الروسي.

وقبل أيام قليلة ذكرت مصادر غربية أن قوات من مجموعة 'فاغنر' الروسية شبه العسكرية حلت محل القوات الفرنسية في القاعدة العسكرية الرئيسية التي كانت تضم قوات فرنسية وأوروبية.

كما حصل المجلس العسكري مؤخرا بعيد جولة افريقية لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف شملت مالي، على معدات عسكرية روسية بينها مروحيات قتالية وعربات عسكرية وأسلحة أخرى، في ما يبدو أنه رسالة للقوى الغربية التي كان لها موطئ قدم في مالي وفي تعزيز للنفوذ الروسي في منطقة الساحل.

وفي تطور آخر قُتل جنديان تشاديان في هجوم شنّه جهاديون في منطقة بحيرة تشاد التي أصبحت في السنوات الأخيرة معقلا هاما لجماعة بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية، وفق ما أعلن الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي إيتنو الاثنين.

وقال رئيس المجلس العسكري الحاكم في تغريدة "صدت قواتنا المسلحة الباسلة للتو هجوما لجماعة بوكو حرام في محيط بول" التي تبعد حوالي 300 كيلومتر شمال العاصمة نجامينا، مؤكدا أن "جنديين قتلا أثناء قيامهما بواجبهما"، معلنا كذلك "مقتل عشرات الإرهابيين".

وتراهن فرنسا على تشاد في دعم جهودها العسكرية في منطقة الساحل خاصة بعد انسحابها مكرهة من مالي ونقل مقر عملياتها إلى النيجر.

وتنشط جماعة بوكو حرام النيجيرية وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا في منطقة بحيرة تشاد (غرب) المكونة من مساحة شاسعة من المياه والمستنقعات حيث تنتشر جزر صغيرة مأهولة.

وهاتان الجماعتان اللتان تطلق عليهما السلطات التشادية اسم "بوكو حرام" تهاجمان بانتظام الجيش والمدنيين في المنطقة.

وفي يونيو/حزيران أكدت القوة المختلطة متعددة الجنسيات التي تقاتل منذ عام 2015 جماعة بوكو حرام الجهادية أنها قتلت أكثر من 800 جهادي خلال شهرين على جزر في بحيرة تشاد.

وفي 2019، ظهرت الجماعة في شمال شرق نيجيريا لكنها وسعت نشاطها إلى منطقة حوض بحيرة تشاد على الحدود مع النيجر والكاميرون.

ومنذ ذلك الحين، قُتل أكثر من 36 ألف شخص (معظمهم في نيجيريا)، واضطر 3 ملايين إلى مغادرة منازلهم، وفقا للأمم المتحدة.

وفي فبراير/شباط قُتل خمسة جنود تشاديين في هجوم شنّه جهاديون في بلدة كايغا- كنجيريا التي تبعد نحو 150 كيلومترا شمال العاصمة نجامينا. وفي أغسطس/اب قُتل 26 جنديا في هجوم لجماعة بوكو حرام على جزيرة في البحيرة، بالقرب من الكاميرون.