فرنسا تعود للمغرب 'الصديق' لمواجهة الارهاب

وزير الخارجية الفرنسي يؤكد على الدور المحوري للرباط في مواجهة الإرهاب وتقريب وجهة النظر بين العالم الإسلامي وباريس.
الحكومة الفرنسية ترى في المغرب حليفا قويا لمكافحة التطرف في العالم الاسلامي
الغرب يستأنس بالمقاربة المغربية في مكافحة الارهاب بدول الساحل والصحراء
باريس تؤمن باهمية المرجعية الاسلامية المعتدلة للمغرب تحت قيادة الملك محمد السادس
المغرب يعتمد مقاربة شاملة لمواجهة الخطر الارهابي

الرباط - قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الإثنين، إنه من الطبيعي العودة للأصدقاء مثل المغرب خلال الأوقات الصعبة، في إشارة للغضب تجاه باريس جراء الإساءة للإسلام.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده لودريان عقب محادثات مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، في إطار زيارة ليوم واحد إلى العاصمة الرباط.
وتأتي الزيارة في إطار جولة لتهدئة الأوضاع بالمنطقة بدأها الوزير الفرنسي من القاهرة الأحد، حيث التقى عدة مسؤولين مصريين، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، الذي أبلغ لودريان بأن من يسيء للنبي محمد سيتم ملاحقته في المحاكم الدولية.
كما تتزامن الزيارة مع استمرار حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية بسبب الإساءة للإسلام والنبي محمد، بمختلف الدول الإسلامية والعربية.
وتاتي تصريحات لودريان لتؤكد الأهمية الكبيرة التي تحظى بها المغرب في السياسة الفرنسية ودور الرباط المحوري في العالم الإسلامي وهو قادر على تقريب وجهات النظر ومواجهة الكراهية.
وأفاد لودريان بأن "فرنسا ليست وحدها في الحرب ضد الإرهاب والتطرف، حيث تعود إلى المغرب لأنه في الأوقات الصعبة من الطبيعي العودة إلى الأصدقاء المقربين".
وأضاف أن "فرنسا ترفض الإرهاب والتطرف وتحترم الإسلام كديانة وتحارب تحريف الدين انطلاقا من أيديولوجيات راديكالية".
وقال إن "فرنسا تحترم الإسلام، وعلاقتها بالدين الإسلامي غنية وذات تأثير متبادل في عدد من المجالات".
وأوضح لودريان أن الرباط وباريس "يتقاسمان نفس الرؤية التي تقوم على رفض الإرهاب والتطرف، خصوصا أن المغرب ذو مرجعية إسلامية معتدلة، تحت قيادة العاهل المغربي، محمد السادس".
من جهته، قال وزير الخارجية المغربي، خلال المؤتمر إن "العلاقة بين البلدين متميزة تقوم على قيم ومصالح وشراكة مثمرة" مضيفا "لقاء اليوم مناسبة لاستعراض مختلف أوجه التعاون الاقتصادي والأمني والإنساني".
وفي الأسابيع الأخيرة، شهدت فرنسا نشر صور ورسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد، عبر وسائل إعلام، وعرضها على واجهات بعض المباني، ما أشعل موجة غضب في أنحاء العالم الإسلامي.

فرنسا تسعى لمواجهة الارهاب من جهة وتحسين صورتها امام المسلمين من جهة اخرى
فرنسا تسعى لمواجهة الارهاب من جهة وتحسين صورتها امام المسلمين من جهة اخرى

وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن بلاده لن تتخلى عن "الرسوم الكاريكاتورية"، ما ضاعف موجة الغضب في العالم الإسلامي، وأُطلقت في بعض الدول حملات مقاطعة المنتجات والبضائع الفرنسية.
وإثر ذلك بأيام، قال ماكرون، في مقابلة مع قناة "الجزيرة" الفضائية، إن "الرسوم الكاريكاتورية ليست مشروعا حكوميا بل هي منبثقة من صحف حرة ومستقلة غير تابعة للحكومة".
ولم يعلن الرئيس الفرنسي صراحة رفضه هذه الرسوم أو الإساءة للإسلام، بعد أيام من إعلانه تمسكه بالرسوم الكاريكاتورية المسيئة.
كما شهدت فرنسا عمليتين إرهابيتين على خلفية نشر تلك الرسوم المسيئة تورط فيها إرهابيان احدهما يحمل الجنسية التونسية والأخر شيشاني الأصل.
كما تاتي زيارة لودريان بالتزامن مع زيارة قام بها وزير الداخلية جيرالد دارمانان الى تونس والجزائر في اطار الجهود الفرنسية لمكافحة الإرهاب وتحسين صورة فرنسا التي اتهمت من قبل تيارات الإسلام السياسي بانها معادية للدين الإسلامي.
ومثل المغرب في الاونة الاخيرة قاعدة قوية لمكافحة التطرف في المنطقة حيث ادى وزير الدفاع الاميركي مارك اسبر زيارة الى الرباط الشهر الماضي في اطار المساعي الاميركية لمواجهة التطرف في منطقة الصحراء والساحل.
وبدورها تعتبر فرنسا المغرب شريكا جدير بالثقة في مواجهة الارهاب في المنطقة نظرا للسياسات المعتدلة والعقلانية للقيادة المغربية في ظل منطقة متحركة بفعل الأزمة الليبية والفوضى الامنية في مالي.

وكان مسؤول رفيع في الشرطة المغربية قد حذّر في سبتمبر/أيلول الماضي من أن الإرهاب والجريمة المنظمة يجعلان من منطقة الساحل "قنبلة موقوتة" وذلك بعد تفكيك خلية خطيرة يشتبه في ارتباطها بتنظيم الدولة الإسلامية خططت لاغتيال مسؤولين وعسكريين وشخصيات عامة ومهاجمة مراكز أمنية.

واعتمد المغرب مقاربة شاملة قائمة على مراعاة الأبعاد الدينية والأمنية والقانونية لمواجهة خطر الفكر المتطرف حيث نجحت الرباط في السنوات الاخيرة من تفكيك عدد من الخلايا واحباط هجمات ارهابية في الداخل والخارج بفضل تعاونه الامني في مجال مكافحة الارهاب.

وفي 2015 دعا المغرب الولايات المتحدة الاميركية واوروبا لتبني مقاربة شاملة في مجال مكافحة الإرهاب تقوم على ثلاثة أركان تتمثل في الأمن والتنمية المستدامة والمحافظة على القيم الثقافية حيث اتضح اهمية مثل هذه الدعوات مع تنامي الفكر المتطرف.

ودفعت نجاحات المغرب الأمنية ضمن هذه المقاربة الشاملة دولا مثل الجارة اسبانيا لتعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي وتبادل الخبرات والمعلومات في مجال مكافحة الارهاب.