فرنسا تندد بالمماطلة في تحقيقات انفجار بيروت والانسداد السياسي

السفيرة الفرنسية لدى بيروت تعتبر أنه من غير المقبول عدم التزام القوى السياسية في لبنان بتعهداتها، منتقدة عدم إحراز أي تقدم في التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت بعد 6 أشهر من المأساة.
الخلافات السياسية تبدد جهود حل أزمة لبنان الاقتصادية
مبادرة فرنسا لحل الأزمة في لبنان تفقد زخمها وسط توتر بين الحريري وعون   
لبنان عالق في أسوأ أزمة سياسية واقتصادية تقربه أكثر من الانهيار

بيروت - وجهت فرنسا اليوم الخميس انتقادات حادة للقوى السياسية في لبنان منددة بالمماطلة في تحقيقات انفجار مرفأ بيروت وبالجمود السياسي الذي فاقم الأزمة وأثّر بشكل كبير على الحياة المعيشية للمواطنين.

وتشعر الرئاسة الفرنسية بخيبة امل كبيرة بعد تعطل المسار السياسي على وقع خلافات وتجاذبات بين رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري والرئيس اللبناني ميشال عون بينما كانت باريس تأمل في أن يتم تشكيل حكومة كفاءات بسرعة لاعطاء دفعة قوية لبرنامج إصلاحات تطالب به الجهات الدولية المانحة للافراج عن مليارات الدولارات لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار.

واعتبرت سفيرة فرنسا في بيروت آن غريو في ذكرى مرور ستة أشهر على انفجار مرفأ بيروت أنه من "غير المقبول" عدم التزام القوى السياسية تعهداتها بتشكيل حكومة تقر إصلاحات ضرورية فضلا عن غياب تقدم في التحقيق في المأساة المروعة.

وغرقت البلاد في دائرة من المراوحة السياسية بعد استقالة الحكومة اثر انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس/اب الذي تسبب بمقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 بجروح.

وقالت غريو في بيان "بعد مرور ستة أشهر على الانفجار، من غير المقبول أن يكون اللبنانيون لا يزالون ينتظرون أجوبة من قادتهم" في قضية الانفجار.

وتحقق السلطات اللبنانية في الانفجار الذي عزته إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم لسنوات في أحد عنابر المرفأ من دون إجراءات وقاية. وتبين أن مسؤولين على عدة مستويات كانوا على دراية بمخاطر تخزينها من دون أن يحركوا ساكنا.

إلا أن التحقيق في الانفجار لم يثمر عن أي نتيجة حتى الآن برغم توقيف أكثر من 20 شخصا. وقد دخلت السياسة على خط التحقيق وساهمت في عرقلته خصوصا بعدما ادعى قاضي التحقيق على مسؤولين.

وبرغم الضغوط الدولية التي تقودها فرنسا، لا تزال القوى السياسية عاجزة عن تشكيل حكومة تنكب على تنفيذ إصلاحات يطالب بها المجتمع الدولي لمساعدة لبنان.

واعتبرت غريو أنه "بعد مرور ستة أشهر على الانفجار، من غير المقبول أن يكون لبنان لا يزال من دون حكومة للاستجابة للأزمة الصحية والاجتماعية وللبدء بتطبيق الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتعافي البلاد واستقرارها".

وأضافت أن "الالتزامات التي تم اتخاذها أمام رئيس الجمهورية ما زالت حبرا على ورق".

وبعد انفجار المرفأ، زار الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون بيروت مرتين. وأعلن في الزيارة الثانية في سبتمبر/أيلول عن مبادرة قال إن كل القوى السياسية وافقت عليها ونصت على تشكيل حكومة خلال أسبوعين تتولى الإصلاح في مقابل حصولها على مساعدة مالية.

وفشلت القوى السياسية في ترجمة تعهداتها. ولم تسفر مساعي زعيم تيار المستقبل سعد الحريري الذي كلف في 22 أكتوبر/تشرين الأول تشكيل الحكومة، عن أي نتيجة حتى الآن وسط انقسامات سياسية لطالما عرقلت وأخّرت تشكيل الحكومات في لبنان.

وقالت السفيرة الفرنسية "أتى تدهور الوضع الصحي ليُضاف إلى مأساة الرابع من اغسطس، على خلفية أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية لا نرى نهاية لها".

ويشهد لبنان منذ صيف العام 2019 أسوأ أزماته الاقتصادية التي أدت إلى خسارة العملة المحلية أكثر من ثمانين بالمئة من قيمتها مقابل الدولار وفاقمت معدلات التضخم وتسبّبت بخسارة عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم.

وفي نهاية العام، شهد لبنان حيث يقيم قرابة ستة ملايين شخص، قفزة غير مسبوقة في معدل الإصابات بفيروس كورونا المستجد والوفيات، ما بات يهدد بانهيار القطاع الصحي في البلاد.