فرنسا متخوفة من هجمات إرهابية جديدة

باريس تؤكد سعيها لمواجهة الأيديولوجيا الإسلامية المتشددة في الداخل والخارج عقب الهجمات الإرهابية الأخيرة.
الفرنسيون عازمون على اجتثاث الافكار الاسلامية المتطرفة
احتجاز رجل للاشتباه في صلته بمنفذ هجوم نيس
تواصل التنديد الدولي بالهجوم الارهابي في نيس
تونس تحقق في وجود تنظيم يدعى المهدي بالجنوب التونسي تبنى هجوم نيس

باريس - تشعر السلطات الفرنسية بكثير من القلق من إمكانية حدوث عمليات إرهابية جديدة بعد تعرض البلاد لهجومين دمويين خلال اقل من شهر مع تصاعد خطاب التطرف.
وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان اليوم الجمعة إن من المرجح وقوع المزيد من الهجمات على أراضي فرنسا في وقت تخوض فيه "حربا ضد الأيديولوجيا الإسلامية المتشددة".
وقطع تونسي كان يردد "الله أكبر" رأس امرأة وقتل اثنين آخرين في هجوم بكنيسة في مدينة نيس الفرنسية أمس الخميس، قبل إصابته برصاص الشرطة والقبض عليه وسط إدانات دولية.
وذكرت قناة (بي.إف.إم) التلفزيونية نقلا عن مصدر بالشرطة أن رجلا يبلغ من العمر 47 عاما احتجز للاشتباه في صلته بمنفذ الهجوم .
ويأتي هذا الهجوم الجديد بعد قرابة الأسبوعين من هجوم مروع قام به متطرف شيشاني استهدف من خلاله ذبح مدرس فرنسي يدعى صامويل باتي بتهمة عرض صور مسيئة للرسول الكريم على تلاميذه.

وقالت وكالة تونس أفريقيا للأنباء إن تونس فتحت تحقيقا للتحري في حقيقة ومصداقية وجود تنظيم يدعى "المهدي بالجنوب التونسي" تبنى هجوم وقع في مدينة نيس حيث نقلت عن القاضي محسن الدالي قوله إن التحقيق بدأ بعد رصد تدوينة على وسائل التواصل الاجتماعي تشير الى تبني العملية.

قبول ساعات قليلة من هجوم نيس بفرنسا، تحدث المشتبه فيه إلى عائلته في تونس بالفيديو عبر مسينجر من مبنى مقابل للكنيسة حيث وقع الهجوم، بحسب أفراد عائلته الذين يقولون إنه لم يشر أبدا لاعتزامه شن هجوم وإنهم في حالة صدمة.

وتقول شقيقته عفاف العويساوي إن أخاها إبراهيم ذهب الى مبنى مقابل لكنيسة نوتردام فور وصوله إلى نيس صباح الخميس ليخلد للنوم والراحة، وإنه أطلعهم على المنطقة.

وعندما رأى أفراد عائلته التقارير التلفزيونية التي تظهر آثار الهجوم، تعرفوا فورا على المكان الذي كان فيه.

لكن أفراد عائلة العويساوي الذين تحدثوا في إحدى ضواحي مدينة صفاقس التونسية قالوا إنهم أصيبوا بالصدمة من اعتقاله وفكرة أنه ارتكب جريمة عنف من هذا القبيل.

وقال ياسين، أخو إبراهيم الأكبر "أخي شخص ودود ولم يظهر التطرف قط... لقد احترم كل الناس وتقبل خلافاتهم حتى منذ أن كان طفلا". وتحقق الشرطة التونسية مع عدد من أفراد عائلته لمعرفة دوافع ومحيط الشاب الذي يقول جيرانه إنه كان شخصا ودودا يتمتع بعلاقات اجتماعية جيدة.

وتعيش عائلة العويساوي منذ 22 عاما في منطقة طينة الشعبية بمحافظة صفاقس، وهي منطقة رئيسية لانطلاق قوارب الهجرة غير الشرعية باتجاه الحلم الأوروبي لآلاف الشبان التونسيين.

وقالت عفاف إن الشرطة صادرت هواتفهم وستواصل التحقيق معهم فيما يقول رجل اسمه عمار، وهو أحد جيران العويساوي، إن إبراهيم كان مثل بقية شباب المنطقة يعمل ويسعى لتحسين وضعه الاجتماعي عبر الهجرة إلى أوروبا

وقال وزير الداخلية الفرنسي لإذاعة (آر.تي.إل) "نخوض حربا ضد عدو في الداخل والخارج" متابعا"علينا أن ندرك أن مثل هذه الهجمات المروعة التي وقعت ستقع أحداث أخرى مثلها".
وكانت فرنسا أطلقت حملة واسعة لمواجهة التطرف في فرنسا وداعميه حيث بدات الشرطة الفرنسية الشهر الجاري عمليات ضد "عشرات الأفراد" المرتبطين بالتيار الإسلامي فيما تم إغلاق عدد من المساجد والجمعيات الإسلامية التي تحظ على نشر الفكر المتطرف بعضها له علاقة بتنظيم الإخوان.
ويبدو ان السلطات الفرنسية ستتخذ مزيدا من الإجراءات لمواجهة التطرف الإسلامي المتنامي.
وتعرضت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون التي تتبنى نهجا وسطيا للضغط من الأحزاب المحافظة واليمينية المتطرفة لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه غير الفرنسيين الذين يُنظر إليهم على أنهم يشكلون تهديدا أمنيا.

الفرنسيون تحت وقع الصدمة عقب الهجمات
الفرنسيون تحت وقع الصدمة عقب الهجمات

ودعا ماكرون الخميس من نيس الفرنسيين إلى عدم الاستسلام للترهيب والإرهاب على اثر العملية التي اعتبر أنها "إرهاب إسلامي"، مؤكدا أن بلاده "لن تتنازل" عن أيّ من القيم الفرنسية خصوصا "حرية الإيمان أو عدم الإيمان".
وقال ماكرون "إننا نُهاجم من أجل قيمنا"، داعيا الشعب إلى الوحدة وإلى "عدم الاستسلام لشعور الرعب" معلنا زيادة عداد الجنود في عملية 'سانتينيل' من ثلاثة آلاف إلى سبعة آلاف جندي، من أجل حماية أماكن العبادة خصوصا مع اقتراب عيد جميع القديسين لدى الكاثوليك الأحد.
واعتبر أن الهجوم الذي وقع قرب كاتدرائية نوتردام في مدينة نيس "اعتداء إرهابي إسلامي"، مضيفا في كلمة له من نيس التي تحول إليها مباشرة عقب الهجوم أنه "إذا تعرضنا لهجوم فهذا بسبب قيمنا الخاصة بالحرية ورغبتنا في عدم الرضوخ للإرهاب".
ووعد بأنه سينشر المزيد من القوات لتعزيز حماية المواقع الهامة ومنها أماكن العبادة والمدارس وذلك عقب الهجوم.

ورفع رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس الخميس درجة التأهب الأمني في المباني ووسائل النقل والأماكن العامة حيث أعلن التأهب بدرجة "طوارىء لمواجهة اعتداء"، وهي درجة التأهب القصوى في إطار خطة "فيجيبيرات" التي تنص على تدابير لمكافحة الإرهاب.

وتفرض الخطة فور وقوع اعتداء أو إذا تحركت مجموعة إرهابية معروفة لم يحدد مكانها، لفترة زمنية محددة الى أن تتم معالجة الأزمة.

كما كشفت الهجمات الإرهابية حجم الخلاف التركي الفرنسي حيث اتهم ماكرون السلطات التركية باذكاء التطرف في فرنسا عبر إطلاق تصريحات تنم عن الكراهية وذلك عقب الجدل القائم حول الرسوم المسيئة للرسول والتي كانت الدافع وراء ذبح المدرس صامويل باتي.
ورغم حالة الصدمة في المجتمع الفرنسي نتيجة الهجوم خرج عدد من ابناء الجالية التركية في مظاهرة ملوحين بالاعلام التركية في تحد لفرنسا.

واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع مساء الخميس ضد أفراد من الجالية التركية تظاهروا في مدينة ديجون في شرق فرنسا، وفق ما أعلنت سلطات المنطقة بعد يوم من تنظيم احتجاج مماثل قرب ليون.
وأوضحت المصادر نفسها "كانت مجرد تظاهرة لا أكثر"، بعدما انتشرت مقاطع فيديو على تويتر تظهر عشرات المتظاهرين وهم يلوحون بالأعلام التركية ويهتفون "الله أكبر" في وسط المدينة.
وفي المقاطع المصورة، يظهر المحتجون وهم يسيرون ويرفعون قبضاتهم قبل أن تبعدهم قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المحطة.
ومساء الأربعاء، تدخلت الشرطة لمنع "عشرات" من أفراد الجالية التركية من "الاشتباك" مع أرمن في ديسين-شاربيو وهي بلدة في ضواحي ليون تضم نصبا تذكاريا للإبادة الأرمنية، كما أعلنت إدارة رون.
وجاءت هذه التظاهرة بعد محاولة إغلاق طرق مدفوع في جنوب ليون من قبل ناشطين مؤيدين لأرمينيا بعد تجمع انتهى بأعمال عنف أدت إلى سقوط أربعة جرحى، أحدهم ضرب بمطرقة.
وتحدثت محافظة إيزير عن "مجرد اشتباكات" مع سائقي السيارات، لكن الصحف المحلية حملت الجالية التركية مسؤولية هذه المواجهات.
وكانت تظاهرات لمئات من أفراد الجالية الشيشانية ليال عدة في وسط ديجون هزت منتصف حزيران/يونيو المدينة. وجرت التظاهرات انتقاما لهجوم تعرض له أحد أفراد الجالية من قبل أعضاء في الجالية المغاربية على حد قولهم.
ونشرت صور لأشخاص يلوحون بأسلحة بعضها مزيف وبعضها حقيقي.
ويبدو ان فرنسا تعاني تبعات تنامي خطاب الكراهية والتطرف الإسلامي داخل الجاليات المسلمة حيث توجه اصابع الاتهام لتنظيمات موالية لانقرة على غرار الاخوان في نشر تلك الأفكار مستغلين حالة التساهل في فرنسا واوروبا عموما.

والجمعة خرج عشرات الآلاف من المسلمين في بنغلادش الجمعة في مظاهرات احتجاج حيث ردد المتظاهرون في شوارع داكا، ذات الأغلبية المسلمة، الهتافات المطالبة بمقاطعة المنتجات الفرنسية ورفعوا لافتات تصف ماكرون بأنه "أكبر إرهابي في العالم".

دعوات مقاطعة فرنسا لا تزال مستمرة في عدد من الدول الاسلامية
دعوات مقاطعة فرنسا لا تزال مستمرة في عدد من الدول الاسلامية

وقال المتظاهر أكرم الحق "ماكرون يقود الإسلاموفوبيا" مضيفا أن رئيس فرنسا "لا يعرف قوة الإسلام. العالم الإسلامي لن يدع الأمر يمر مرور الكرام. سنقف متضامنين ضده".
وقال مصدر قضائي في فرنسا إن رجلا يبلغ من العمر 47 عاما اعتُقل مساء الخميس للاشتباه في صلته بمنفذ الهجوم.
وقال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون "إنه أشد أعمال الإرهابيين الوحشية قسوة وجبنا وشراسة ويتعين التنديد به بأشد السبل الممكنة".
وأضاف لوسائل الإعلام اليوم الجمعة أنه أعرب عن دعمه لماكرون.
وقال "نحن نتشارك نفس القيم، ونؤيد نفس الأشياء".
كما ندد موريسون بتعليقات رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد الذي قال إن للمسلمين الحق في الغضب وقتل "ملايين الفرنسيين بسبب مذابح الماضي"، واصفا إياها بأنها سخيفة.
وكتبت السفيرة الأميركية في ماليزيا، كمالا شيرين لاخدهير على تويتر ردا على تصريحات مهاتير محمد إن "حرية التعبير حق، والدعوة إلى العنف ليست كذلك".
وقال مهاتير إن تصريحاته أُخرجت من سياقها، في حين قال عبد الهادي أوانج، وهو شخصية بارزة في الحكومة الماليزية، إن تصريحات ماكرون لا يمكن تبريرها.
وقال عبد الهادي وهو قيادي في الحزب الإسلامي الماليزي "تصريحات الرئيس الفرنسي تفضح عداءه للإسلام والمسلمين".
وأعرب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن دعمه لموقف ماكرون وندد بالعنف.
وكتب مودي على تويتر أمس الخميس "أدين بشدة الهجمات الإرهابية الأخيرة في فرنسا. الهند تقف إلى جانب فرنسا في الحرب على الإرهاب".