فشل ذريع في مواجهة الحرائق يزيد الانقسامات داخل إسرائيل

رئيس الوزراء الإسرائيلي يؤكد أن الرياح الغربية قد تدفع الحريق بسهولة نحو ضواحي القدس وحتى وصولا إلى المدينة.
بن غفير يتهم من يصفهم بالمخربين بتعمد اشعال النيران
انتقادات لوزراء في الحكومة الاسرائيلية بسبب الاخفاق في اطفاء الحرائق

القدس - عمّقت حرائق مستمرة في إسرائيل، منذ صباح الأربعاء، من خلافات سياسية داخلية، واستدعت طلب مساعدات دولية لإخمادها فيما حذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأربعاء من أنّ حرائق الغابات المستعرة قرب القدس قد تصل الى المدينة.
وقال نتانياهو في رسالة مصوّرة وزّعها مكتبه إنّ "الرياح الغربية قد تدفع الحريق بسهولة نحو ضواحي (القدس) وحتى وصولا إلى المدينة" متابعا "في الوقت الراهن، الأولوية هي للدفاع عن القدس"، واصفا الوضع بأنه "حال طوارئ وطنية".

في الوقت الراهن، الأولوية هي للدفاع عن القدس

واندلعت الحرائق في أحراج بين تل أبيب والقدس (وسط)، ولا تزال مشتعلة في 9 بؤر، وتسببت في إخلاء 10 بلدات ومستوطنات.
وانتشرت الحرائق جراء ارتفاع درجات الحرارة والرياح القوية في المنطقة الحرجية، وتوقعت هيئة الأرصاد الإسرائيلية استمرار انتشار النيران خلال الساعات القادمة بسبب الرياح.
وحسب تقديرات أولية لـ"الصندوق القومي اليهودي"، التهمت النيران حتى الساعة 19:00 (ت.غ) 11 ألفا و700 دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
والصندوق القومي اليهودي؛ منظمة غير ربحية، تنشط في جمع الأموال من اليهود في أنحاء العالم، بغرض وضع اليد على أملاك الفلسطينيين في أراضيهم المحتلة.
وأتت الحرائق على أجزاء من "غابة إشتاؤول" ومنتزه كندا (حديقة وطنية) الذي احترق بالكامل، و"منتزه عانافا" ومنطقة "ديريخ بورما" و"غابة شوريش" (11 كلم غرب القدس)، حسب الصحيفة.
وخلال الساعات الأخيرة، أسقطت طائرتان من طراز "سوبر هركوليس" (شمشون) 25 شحنة من مواد مُثبطة للّهب، ضمن جهود إخماد الحرائق.
وأفاد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن طائرة إضافية ستقوم خلال الساعات القادمة بإسقاط شحنات إضافية، وفق "يديعوت أحرونوت".
ولا تزال الحرائق نشطة في 9 بؤر بين القدس وتل أبيب، وفق إدارة الإطفاء والإنقاذ، بينها: بيت مئير، وشورش، وشعار هاجاي، نافيه إيلان، ومسيلات تسيون، ونافيه شالوم، ومنتزه كندا، وعانافا.
وخلال ساعات ليل الأربعاء/الخميس، يعمل في منطقة الحرائق 163 طاقم إطفاء و21 مركبة رباعية الدفع وطائرة "شمشون"، ومع بزوغ فجر الخميس، ستنطلق 12 طائرة إطفاء في الجو.
;أصيب نحو 20 إسرائيليا جراء الحرائق واستنشاق الدخان، كما أصيب 12 من عناصر الإطفاء من بينهم مفوض (قائد) الإطفاء إيال كاسبي.
وأصيب كاسبي، عندما وصل إلى الطريق رقم 1 بين القدس وتل أبيب مع فرق الإطفاء والإنقاذ، في محاولة للبحث عن عالقين في سيارات تركها أصحابها وفروا على الطريق.
وأثناء عملية الإخلاء اشتعلت النيران في قميص مفوض الإطفاء، ما أدى إلى إصابته بحروق طفيفة، وفق "يديعوت أحرونوت".
وقد أصدر وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، تعليمات لقوات كبيرة من الشرطة ونحو 14 ألف عنصر من فرق الطوارئ في جميع أنحاء البلاد بالخروج في دوريات، بعد تقييمه أن الحرائق جرى إشعالها بشكل متعمد.
لكن مسؤولين أمنيين قالوا إنه من السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت الحرائق اندلعت نتيجة إشعال متعمد على خلفية قومية. وأفادت هيئة البث العبرية الرسمية بأن جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) يشارك في التحقيق لتحديد أسباب الحرائق.
وكإجراء وقائي، جرى إخلاء مستشفى "إيتانيم" للأمراض النفسية، الواقع في منطقة الحرائق ويضم 104 مرضى، حسب وزارة الصحة الإسرائيلية. كما تم إخلاء كل من مؤسسة "بروتيا" لرعاية المسنين ومركز "ريتورنو" لإعادة تأهيل الشباب من الإدمان.
وأفادت الوزارة بأنها تستعد لاحتمال إخلاء مستشفى "هداسا عين كارم" في القدس، بسبب استمرار الحرائق في المنطقة. وقالت في بيان إنه "تقرر مواصلة تقليص عدد المرضى في المستشفى كخطوة احترازية".
وأضافت "في حال اقتربت النيران من المستشفى، سيتم نقل المرضى ذوي الحالات الحرجة إلى الطوابق المحصنة ضد الحريق، أما باقي المرضى فسيُنقلون إلى خارج المستشفى وفق خطة طوارئ معدّة مسبقا".

عدد كبير من الاسرائيليين يغادرون منازلهم بسبب الحرائق
عدد كبير من الاسرائيليين يغادرون منازلهم بسبب الحرائق

ووفق قائد منطقة القدس في هيئة الإطفاء والإنقاذ شموئيل فريدمان، فإن الحرائق الحالية قد تكون الأكبر التي تشهدها إسرائيل على الإطلاق.
وقال فرديمان، في تصريحات من غرفة قيادة مكافحة الحرائق قرب مدينة بيت شيمش "نواجه ربما أكبر حريق شهدته البلاد" متابعا "ليس لدينا فكرة عن سبب الحريق، ولا ننشغل بذلك. وأثناء الحريق كانت هناك حرائق أخرى في نقاط مختلفة".
ومضى بقوله "النيران غيرت اتجاهها واتجهت نحو الشرق. هي الآن أكثر هدوءا، لكنها من المتوقع أن تشتد قريبا مع رياح تصل سرعتها إلى 90-100 كلم/ساعة".
وضمن مساعدات دولية مرتقبة، أعلنت فرنسا أنها سترسل طائرة إطفاء إلى إسرائيل، للمساهمة في إخماد الحرائق بجبال القدس. كما سترسل إسبانيا ورومانيا وكرواتيا وإيطاليا طائرات هليكوبتر ومساعدات إضافية، وفق بيان للخارجية الإسرائيلية.
وناشد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، عددا من الدول الأوروبية وغيرها تقديم المساعدة في مكافحة الحرائق. وحسب القناة "12" العبرية (خاصة) توجه ساعر، بمناشدته إلى بريطانيا وفرنسا والتشيك والسويد والأرجنتين وإسبانيا ومقدونيا الشمالية وأذربيجان.
فيما قالت وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغيف، إنه لن تصل طائرات إطفاء من اليونان حاليا، لأنها تستعد لاندلاع حرائق.

وأصدرت ريغيف، توجيهاتها بالتأهب لتشغيل القطارات بمحركات الديزل، بدلا من الكهرباء، بسبب الخشية من أن تطول الحرائق شبكة الكهرباء، وفق إذاعة الجيش. وكشفت الحرائق عن خلافات بين الجيش الإسرائيلي والشرطة، تحت قيادة بن غفير.
وقالت صحيفة "معاريف" العبرية، إن سلاح الجو اتهم بن غفير، بتقديم رواية كاذبة فيما يتعلق بتنسيق استخدام طائرات "شمشون" في جهود الإطفاء مشيرة إلى أن هناك حالة من الغضب في سلاح الجو بعد تصريحات بن غفير، التي قال فيها إنه وجه بتفعيل طائرات "شمسون" لإخماد الحرائق.
واتهم سلاح الجو، بن غفير ومفوضية الإطفاء، بالإهمال وعدم الرغبة بتشغيل الطائرات التابعة له في الساعات الأولى من اندلاع الحريق، وذلك لـ"توفير المال".
وقال مسؤول في سلاح الجو لمعاريف: "لدينا نظام للتنبؤات الجوية العسكرية، وأدركنا أن الطقس سيكون صعبًا وغير مستقر في الأيام القادمة، ما سيؤدي إلى حرائق ضخمة".
وأضاف "بناء على هذه التوقعات، تواصلنا مع إدارة الإطفاء وطرحنا عليهم إمكانية تفعيل طائرات شمشون للمساعدة في إخماد الحرائق، لكنهم رفضوا". وكان بن غفير أعلن أنه بناء على توجيهاته بدأت طائرة "شمشون" المشاركة في جهود الإطفاء.
من جانبه، اتهم المدير العام السابق لوزارة الأمن القومي الإسرائيلية تومر لوتان، بن غفير، بالمساس بجاهزية قوات الإطفاء، ما أثر على التعامل مع الحريق الضخم في جبال القدس.
وقال لوتان لصحيفة "هآرتس" إن مجلس الأمن القومي أوصى في عام 2022 بشراء طائرات هليكوبتر من طراز "بلاك هوك" للشرطة، من أجل استخدامها في أغراض بينها إخماد الحرائق.
وتابع "ادعى بن عفير آنذاك أن مفوض الشرطة (في حينه) كوبي شيتاي، سيخصص الطائرات المروحية لتنقلاته، وذلك ضمن مواجهات هزلية وطفولية بينهما".
بينما ألمح يائير، نجل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى احتمال تورط اليسار الإسرائيلي في إشعال الحرائق لإجهاض الاحتفالات بما يسمى "يوم الاستقلال".
وعبر منصة "إكس"، قال يائير، المقيم في الولايات المتحدة "هنالك أمرٌ مثير للشبهات، اليسار كان يعمل بقوة خلال الأسابيع الماضية لإلغاء احتفالات عيد الاستقلال".
وأضاف "أتمنى أن يكون إشعال الحرائق تم على أيدي عرب فقط، وليس بالتعاون مع أشخاص من شعبنا"، وفق تعبيراته.
وتتصاعد خلافات بين نتنياهو والمعارضة، ولاسيما اليسارية منها، خاصة بسبب مخاطرته بحياة الأسرى الإسرائيليين، عبر الإصرار على استمرار الإبادة في قطاع غزة.