فضائح باسيل تتواصل.. مهمة دبلوماسية لإبنة بري في قطر

وزارة الخارجية اللبنانية تنفي وجود صفقة سياسية لتعيين فرح بري على رأس السفارة في قطر وتشير إلى ان المهمة تأتي بناء "على فساد داخل السفارة".

بيروت - أثار تعيين مشبوه قامت به وزارة الخارجية اللبنانية سمح بتكليف ابنة رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ"مهمة دبلوماسية" في قطر لتحل مكان السفير اللبناني، جدلا في البلاد التي يطالب فيها المحتجون الذين خرجوا إلى الشوارع منذ أكتوبر الماضي في مظاهرات غير مسبوقة بمحاربة الفساد والمحسوبية رافضين ما تقوم به الطبقة السياسية وفي مقدمتها المسؤولين في الحكومة من تجاوزات دون رقيب.

وكشفت وسائل إعلام لبنانية ونشطاء نهاية الأسبوع الماضي عن تعيين وزير الخارجية السابق ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ابنة رئيس مجلس النواب نبيه بري في منصب قائم بأعمال السفارة اللبنانية في قطر بالوكالة، قبيل تركه الوزارة.

وقالت صحيفة الأخبار اللبنانية والمقربة من حزب الله في تقرير إن "فرح نبيه بري حزمت حقائبها وانطلقت السبت إلى قطر" بعد أن تم تكليفها بـ"مهمة دبلوماسية" هناك "لتحل مكان السفير حسن نجم، الذي طلب العودة إلى الإدارة المركزية لأسباب عائلية".

وأثار التعيين الذي وصفه ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي "بالمشبوه" بعد أن كشفت التسريبات أن مهمة فرح بري ستكلف خزينة لبنان قرابة الـ30 ألف دولار شهرياً، في وقت تنادي فيه الحكومة منذ أشهر بضرورة باعتماد اجراءات تقشف استثنائية لإنقاذ اقتصاد البلاد المنهار عبر وضع رقابة على المؤسسات العامة بما يتعلّق بالإنفاق العام.

وندد نشطاء لبنانيون على تويتر بالتضليل الذي تعتمده الحكومة في وقت يعقد فيه المسؤولون صفقات فيما يعاني المواطن اللبناني تبعات السياسة الفاشلة التي يعتمدونها منذ سنوات لخدمة مصالحهم، بدل التركيز على عملية مكافحة سرقة المال العام.

التسريبات كشفت أن تعيين فرح بري على رأس السفارة في الدوحة سيكلف خزينة لبنان قرابة الـ 30 ألف دولار شهريا

واندلعت المظاهرات في لبنان منتصف أكتوبر الماضي احتجاجا على الفساد في البلاد وفرض ضرائب جديدة. وأدت تلك الاحتجاجات الغير مسبوقة إلى استقالة حكومة سعد الحريري المستقيلة أواخر أكتوبر الماضي. ومن المنتظر أن يعقد مجلس النواب يومي الثلاثاء والأربعاء جلسة لمناقشة البيان الوزاري للحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب والذي على أساسه تنال الثقة.

واتجهت سهام الانتقادات مجددا إلى وزير الخارجية السابق جبران باسيل في حكومة تصريف الأعمال بقيادة الحريري، حيث تساءل اللبنانيون عن سبب تكليف ابنة عون بهذه المهمة إذا كان ذلك سيكلف الدولة أكثر بكثير من تعيين سفير جديد في الدوحة.

وتحدث نشطاء لبنانيون عن صفقة سياسية تمت بين باسيل وبري يتحمل ثمنها الشعب اللبناني خاصة أن للبنان سفارات أخرى لا يُديرها سفير، وتُمثّل حاليا أولوية أكبر من قطر.

وباسيل وهو صهر الرئيس ميشال عون، أول مسؤول حكومي انتفض ضده اللبنانيون، حيث اتهمه الحراك الشعبي بالفساد وشريك في المنظومة التي تديره في لبنان رغم انه يدعي خلال تصريحاته المثيرة للجدل بأنه سيتصدى لها.

ووصلت الانتقادات الموجهة لوزير الخارجية السابق الذي ينأى بنفسه عن اتهامات الفساد التي لا تزال تلاحقه، إلى خارج لبنان حيث تعرض إلى موقف محرج في ندوة إعلامية على هامش مشاركته في منتدى دافوس في سويسرا الشهر الماضي، حيث وجهت له مذيعة قناة "سي أن بي سي" الأميركية سؤالاً حول الجهة التي مولت له كلفة سفره الباهظ للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي.

وقبل سفره دعا عدد من اللبنانيين بحملة ضد باسيل مطالبين من المنتدى الاقتصادي العالمي بعدم دعوته بحجة أنه لم يعد يمثل لبنان.

وبعد تسريب حيثيات تعيين ابنة نبيه بري وما أثاره من جدل كبير لدى الرأي لعام اللبناني، خرجت وزارة الخارجية عن صمتها نافية وجود صفقة فيما يخص التعيين الجديد، مشيرة إلى أنه جاء بناء "على فساد داخل السفارة".

وقال بيان الخارجية صدر أمس الأحد إن "التكليف حصل بعد كشف عملية اختلاس وسرقة للمال العام في السفارة اللبنانية في قطر، وتم استدعاء سفير لبنان في قطر حتى انتهاء التحقيق وتحديد المسؤولين عن هذا الجرم".

وأضافت الوزارة أنه تم اختيار فرح نبيه بري لترؤس البعثة في قطر "بانتظار جلاء الحقيقة وإجراء المناقلات الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة"،  مشيرة أن الملف الذي يتعلق بالاختلاس "أحيل إلى القضاء المختص وبدء إجراءات محاكمة المتهمين بهذه القضية".

وفي سبتمبر الماضي، وجه القضاء اللبناني اتهامات باختلاس أموال عامة وتزوير لموظف في السفارة اللبنانية في قطر وإحالته إلى التحقيق في بيروت، فيما أرسلت وزارة الخارجية بعثة تفتيش إلى الدوحة، لإجراء تدقيق وتفتيش لتحديد المسؤولين عن عملية الاختلاس التي تقدر حسب وسائل إعلام لبنانية بحوالى مليوني دولار.

يذكر أن السفير حسن نجم كان مواليا لحركة أمل التي يتزعمها بري، فيما قالت مصادر لبنانية أن ابنته فرح كانت قائماً بأعمال سفير لبنان في دمشق قبل توليها منصب مديرة مديرية الشؤون الاغترابية وهي زوجة مسؤول الأمن القومي في استخبارات الجيش في الجنوب.

وندد لبنانيون باعتماد التكليف السياسي والطائفي الذي تم بموجبه إرسال مسؤول محسوب على حركة أمل مكان سفير ينتمي إلى الجهة السياسية نفسها لتصبح العلاقات الدبلوماسية المعتمدة في لبنان تدار من منطلق المحاصصة الطائفية والسياسية بدل اعتمادها على الاستحقاق والكفاءة.