'فضيحة' المال القطري تضع مصداقية البرلمان الأوروبي على المحك

هيئة مكافحة غسل الأموال اليونانية تقرر تجميد كل أصول نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي اليونانية إيفا كايلي للاشتباه بضلوعها في فضيحة فساد مدوية على ارتباط بدولة قطر.
ضبط والد ايفا كايلي وهو يحمل مبلغا نقديا كبيرا في حقيبة
هيئة يونانية تستهدف شركة عقارية على ملك ايفا كايلي وشريكها الايطالي
ضجيج من الأسئلة يرافق قضية شراء ذمم مسؤولين كبار في البرلمان الأوروبي
فضيحة الفساد بالبرلمان الأوروبي بين التحقيق والصمت والقلق

بروكسل - تضع فضيحة الفساد في البرلمان الأوروبي والتي يعتقد بقوة أنها على صلة بقطر، مصداقية المؤسسة التشريعية الأوروبية على المحك وتثير أسئلة محرجة جدا وقلقا ومخاوف لدى الأوروبيين العالقين في أزمة غاز ويحتاجون لدعم الدوحة التي تملك أيضا شراكات واسعة في معظم كبرى الشركات الأوروبية.

والفضيحة محرجة بشكل خاص للبرلمان الأوروبي الذي يعتبر نفسه البوصلة الأخلاقية في بروكسل إذ يسعى لتشديد القواعد الخاصة بالبيئة أو الشركات ويصدر قرارات تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان في العالم ويوبخ الحكومات الأوروبية.   

ويشعر مسؤولون أوروبيون كبار بقلق بالغ إزاء ما يتردد من معلومات أولية حول وجود صلة مفترضة بين قضية الفساد في البرلمان الأوروبي وقطر وكيف يمكن للمال السياسي أن يخترق مؤسسة بحجم المؤسسة التشريعية الأوروبية وكيف يصل الحال بنواب أو مسؤولين ميسورين إلى الوقوع في مصيدة شراء الذمم وهي وقائع يذهب البعض في توصيفها بأنها شبيهة بطرق المافيا في العالم.

وإلى حدّ الآن يسود الهدوء طريقة التعاطي مع ملف الفساد الذي هزّ البرلمان الأوروبي، بينما لم يخف مسؤولون في الاتحاد قلقهم من تلك التطورات، في حين تلتزم الدوحة الصمت باستثناء ما جاء مطلع الأسبوع على لسان أحد مسؤوليها نفى فيه صحة المعلومات التي تشير إلى صلة قطر بفضيحة الفساد وشراء الذمم.

وتأتي هذه القضية في خضمّ بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، فيما يبذل البلد المضيف جهودا لتجاوز انتقادات حادة طالته قبل وأثناء المونديال بسبب حقوق الإنسان وبينها حقوق العمّال.

والقضية التي من المتوقع أيضا أن تتطور وتتوسع تأتي كذلك بينما يتوقع أن يعقد البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ جلسة عامة لمناقشة العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وقطر من بين أمور أخرى.

وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اليوم الاثنين إن التحقيق الذي تجريه السلطات البلجيكية في قضية فساد بالبرلمان الأوروبي "مقلق للغاية" بعد حملة مداهمات واعتقالات مرتبطة بالحصول على أموال وهدايا من قطر.

وأضاف للصحفيين لدى وصوله إلى اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي "من المؤكد أن الأخبار مقلقة للغاية. نواجه بعض الأحداث وبعض الحقائق التي تقلقني بالتأكيد كرئيس سابق للبرلمان الأوروبي أيضا".

وفي أحدث تطورات القضية، أعلنت هيئة مكافحة غسل الأموال اليونانية الاثنين تجميد كل أصول نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي اليونانية إيفا كايلي للاشتباه بضلوعها في فضيحة فساد مدوية على ارتباط بدولة قطر.

وأوضح مسؤول في الهيئة نقلا عن رئيسها خرالامبوس فورليوتيس قوله إن الإجراء الذي يطال النائبة الأوروبية التي فصلت من الحزب الاشتراكي اليوناني (باسوك-كينال) إثر هذه القضية، يشمل "الحسابات المصرفية والخزنات والشركات وأي أصول مالية أخرى".

ايفا كايلي وشريكها فرانشيسكو جيورجي مساعد برلماني في مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين
ايفا كايلي وشريكها فرانشيسكو جيورجي مساعد برلماني في مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين

وأضاف أن المصارف اليونانية وأجهزة الدولة المعنية أبلغت بهذا الإجراء وأن تجميد الأصول يطال أفراد عائلة كايلي المقربين مثل والديها.

وأفادت صحيفة "ليكو"البلجيكية بأن التحقيق طال والد كايلي إذ ضُبط وهو يحمل مبلغا نقديا كبيرا "في حقيبة". ويشتبه في القضية أنه تم "دفع أموال طائلة أو تقديم هدايا كبيرة لأشخاص لديهم مناصب سياسية و/أو إستراتيجية داخل البرلمان الأوروبي تسمح بالتأثير على قراراته"، وفق ما كررت النيابة العامة الأحد.

وتستهدف الهيئة أيضا شركة عقارية أنشئت قبل فترة قصيرة في حي كولوناكي الراقي في أثينا قد تكون النائبة الأوروبية البالغة 44 عاما أسستها مع شريك حياتها الإيطالي الذي أوقف أيضا في بلجيكا في إطار القضية نفسها.

وأثار توقيف ايفا كايلي النائبة الأوروبية منذ العام 2014 ونائبة رئيسة البرلمان الأوروبي منذ يناير/كانون الثاني الماضي، ردود فعل كبيرة في أوروبا ولا سيما في بلدها.

وقال البرلمان الأوروبي في مطلع الأسبوع إنه علق سلطات نابئة لرئيسه، اليونانية إيفا كايلي، في ضوء التحقيق الذي تجريه السلطات البلجيكية.

وقال ممثلو الادعاء إنهم اشتبهوا منذ شهور في أن دولة خليجية تحاول التأثير على صنع القرار في بروكسل.

وقال مصدر مطلع على الأمر إن الدولة الخليجية هي قطر التي تستضيف حاليا نهائيات كأس العالم. ونفى مسؤول قطري في مطلع الأسبوع الاتهامات بضلوع بلاده في سوء سلوك محتمل، قائلا "أي أخبار عن  ارتباط الحكومة القطرية بالادعاءات المبلغ عنها لا أساس لها من الصحة ومضللة تماما".

وقال الحزب الاشتراكي اليوناني (باسوك) في بيان له إنه طرد كايلي من صفوفه. ولم يرد مكتبها حتى الآن على المكالمات الهاتفية أو الرسائل الإلكترونية التي تطلب التعليق.

وكان من المقرر أن يصوت البرلمان الأوروبي هذا الأسبوع على اقتراح لتمديد السفر بدون تأشيرة إلى الاتحاد الأوروبي للقادمين من الكويت وقطر وعُمان والإكوادور، لكن بعض المشرعين اقترحوا ضرورة تأجيل المناقشة والتصويت.

الفضيحة محرجة بشكل خاص للبرلمان الأوروبي الذي يعتبر نفسه البوصلة الأخلاقية في بروكسل ويسعى لتشديد القواعد الخاصة بالبيئة أو الشركات ويصدر قرارات تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان في العالم ويوبخ الحكومات الأوروبية

وحذر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين من أن مصداقية الاتحاد الأوروبي على المحك، وذلك بعد مزاعم بأن قطر أغدقت بالأموال والهدايا على مسؤولين بالبرلمان الأوروبي للتأثير على صنع القرار في بروكسل.

وقالت مصادر مطلعة على القضية إن المتهمين الثلاثة الآخرين جميعهم إيطاليون وهم النائب الأوروبي السابق بيير أنطونيو بانزيري والأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال لوكا فيسينتيني والمساعد البرلماني فرانشيسكو جورجي وهو شريك حياة كايلي.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك لدى وصولها لعقد اجتماع دوري مع نظرائها في الاتحاد الأوروبي في بروكسل "هذا أمر لا يصدق ويجب معالجته بالقوة الكاملة للقانون ... الأمر يتعلق بمصداقية أوروبا".

وعبر وزير الخارجية الأيرلندي سيمون كوفيني عن قلقه. وقال "هذا مدمر. نحن بحاجة إلى الوصول إلى حقيقة الأمر".

ومع بدء البطولة التي تستمر لمدة شهر، هاجمت كايلي في كلمة بالبرلمان الأوروبي في 21 نوفمبر/تشرين الثاني منتقدي قطر وأشادت بالدولة الخليجية باعتبارها "رائدة في ما يتعلق بحقوق العمال".

وقالت "إنهم القطريون التزموا برؤية من اختيارهم وفتحوا أبوابهم للعالم. مازال البعض هنا يدعو للتمييز ضدهم. يستأسدون عليهم ويتهمون كل من يتحدث إليهم أو يتعاون معهم بالفساد".

والفضيحة محرجة بشكل خاص للبرلمان الأوروبي الذي يعتبر نفسه البوصلة الأخلاقية في بروكسل إذ يسعى لتشديد القواعد الخاصة بالبيئة أو الشركات ويصدر قرارات تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان في العالم ويوبخ الحكومات الأوروبية.

ولدى وصولهم إلى اجتماع الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين سارع الوزراء إلى إدانة الفساد المزعوم. وقال وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي "إنه أمر غير مقبول إطلاقا، أي نوع من الفساد".

وأضاف أن "قطر شريك مهم للاتحاد الأوروبي في قطاع الطاقة ... بالطبع، يجب أن تُبنى العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وقطر على مجموعة من السياسات بما في ذلك حقوق الإنسان وحقوق العمال".

وأبلغ بعض الدبلوماسيين الأوروبيين رويترز الشهر الماضي بأن الضغط يتزايد للحفاظ على علاقات جيدة بقطر في الوقت الذي تواجه فيه القارة عجزا في الطاقة في فصل الشتاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.