فضيحة النفايات الايطالية تطيح بوزير البيئة التونسي

رئيس الحكومة التونسية يكلف وزير التجهيز والإسكان بالإشراف على وزارة البيئة بالنيابة بعد إعفاء الوزير مصطفى العروي من مهامه في قضية النفايات التي أثارت غضبا واسعا وجدلا سياسيا حول لوبيات الفساد.
تحقيق استقصائي كشف ملف النفايات المستوردة
جدل واتهامات لمسؤولين بتحويل تونس مكبا للنفايات الايطالية
بعد النفايات، آلاف الأطنان من الحبوب الممتازة تعرضت للتلف بسبب الفساد

تونس - أقال رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الأحد وزير البيئة اثر الكشف عن ملف وصول شحنات من النفايات المنزلية من ايطاليا بدون ترخيص.

وجاء في بيان صادر عن رئاسة الحكومة الأحد "قرر رئيس الحكومة هشام المشيشي إعفاء وزير الشؤون المحلية والبيئة مصطفى العروي من مهامه وتكليف وزير التجهيز والإسكان والبنية التحتية كمال الدوخ بالإشراف على وزارة الشؤون المحلية والبيئة بالنيابة" من دون أي توضيح لسبب الإعفاء.

وقرّرت وزارة البيئة التونسية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني فتح تحقيق إداري بعد وصول 282 حاوية نفايات من إيطاليا لأنها لا تتطابق مع نوعية النفايات الواردة في ترخيص الشركة الخاصة للتدوير التي قامت باستيرادها، حسبما ذكر مدير الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات حينها.

وقال مدير الوكالة بشير يحيي الخميس إن الجمارك في مدينة سوسة الساحلية (شرق) ضبطت خلال يونيو/حزيران ويوليو/تموز سبعين حاوية "كبيرة" ثم 212 أخرى تضم نفايات تم توريدها من قبل شركة خاصة تونسية.

وبعدما أوضح أن هذه الشركة حصلت في مايو/أيار على ترخيص لتدوير النفايات البلاستيكية والبقايا اثر عملية الإنتاج، قال إنه تبين للجمارك أن التراخيص لا تتطابق مع نوعية النفايات واتضح أنها نفايات منزلية.

وأضاف أنه تم إخطار السلطات بالوزارات المعنية فتم وقف عملية التوريد ومنع دخول الحاويات للأراضي التونسية وفتحت وزارة البيئة تحقيقا إداريا في الموضوع.

وأكد مدير عام البيئة وجودة الحياة في وزارة البيئة الهادي الشبيلي أن "هذه الحاويات تحمل نفايات منزلية وهذا ممنوع والشركة لا تملك التراخيص للتصرف في هذا الصنف في النفايات"، مضيفا "هذا النشاط لا يتطابق مع التشريع الوطني ولا المعاهدات الدولية".

وقررت السلطات التونسية إرجاع الحاويات إلى ايطاليا في يوليو/تموز، لكنها لا تزال في ميناء سوسة، وفقا للمصدرين.

وكانت هذه القضية قد أثارت غضبا واسعا في تونس وعلى منصات التواصل الاجتماعي واتهامات بتورط مسؤولين كبار في إغراق تونس بالنفايات الايطالية.

واثار هذا الملف أيضا جدلا سياسيا وسط معلومات غير مؤكدة عن تورط أحد النواب ومسؤولين محليين في تسهيل الصفقة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعفى رئيس الحكومة فيصل بالضيافي المدير العام للوكالة الوطنية للتصرف في النفايات دون أن تذكر رئاسة الحكومة سببب الإعفاء أيضا، لكن قرار الإعفاء جاء على اثر الجدل المثار حول ملف النفايات المستوردة من إيطاليا الذي كشف عنه تقرير تلفزي استقصائي بث على أحد القنوات الخاصة في الثاني من الشهر ذاته أشار فيه إلى أن الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات طرف في القضية.

ونفى بالضيافي اي دور للوكالة في هذه الصفقة المشبوهة وأن الوكالة أبلغت الجهات المختصة ولم تقدم اي تراخيص لاستيراد نفايات إيطالية منزلية.

وأكدت وزارة الشؤون المحلية والبيئة حينها أنها لم تقدم أي ترخيص لتلك الشركة أو غيرها لتوريد نفايات من الخارج، مضيفة أن الشركة تعمّدت القيام بعديد المغالطات في مختلف إجراءاتها وخاصة في ما يتعلق بإجراءات التوريد المحددة بالتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية.

وهذه واحدة من ملفات الفساد المستشري في تونس في أعقاب نحو 10 سنوات من ثورة يناير/كانون الثاني 2011 التي اندلعت احتجاجا على الفساد والمحسوبية ورفعت شعار "حرية.. تشغيل.. كرامة وطنية".

وثمة ملف فساد آخر هزّ تونس هذه الأيام وتعلق بترك نحو 1700 طن من الحبوب الممتازة من محصول 2020 عرضة للتلف بسبب سوء التخزين والحماية، بينما يتم سنويا استيراد آلاف الأطنان من الخارج. ووجهت أصابع الاتهام للوبيات القمح المستورد وأن ما حدث نتيجة فساد مسؤولين حكوميين.