فقراء فنزويلا يعانون الأمرّين لدفن الموتى

عائلات في فنزويلا لا تمتلك الموارد اللازمة لدفن الموتى ويتعذر عليها علاج المرضى بسبب النقص الكبير في الأدوية واستفحال الازمة الاقتصادية.
فنزويلا تعاني من نقص كبير في المواد الأساسية
التضخم في فنزويلا قد تصل نسبته إلى 1350000%
شركات دفن الموتى تسعى أيضا إلى عصر نفقاتها
وضع أكياس من الكلس لاحتواء رائحة الجثث

ماراكايبو (فنزويلا) – بقيت جثة وينسيسلاو لثلاثة بضعة أيام على سريره حتى لفّت رائحة اهترائها الحي برمّته، وذلك لعدم امتلاك أفراد عائلته الموارد اللازمة لدفنه شأنهم في ذلك شأن فنزويليين كثر استحالت إجراءات مواراة موتاهم الثرى كابوسا لهم. مثل هذه القصص ليست نادرة في فنزويلا التي بات فقراؤها الآخذة أعدادهم في الازدياد عاجزين عن تكبد تكاليف الدفن اللائق لأحبائهم المتوفين مع استفحال الأزمة الاقتصادية في البلاد.
وانتهت مرحلة المنازعة لوينسيسلاو الفاريز (78 عاما) في 4 تشرين الأول/أكتوبر في حي فقير في مدينة ماراكايبو (غرب) بولاية زوليا. وقد حاولت ابنته ليساندرا طلب المساعدة لتغطية تكاليف الدفن غير أن مساعيها باءت بالفشل.
وهي شهدت على تحلل جثة والدها الذي أصبح مقعدا قبل عام بسبب انسداد في الأوعية الدموية. وقد تعذر علاجه على مدى خمسة أشهر من مرض الجدري بسبب النقص الكبير في الأدوية.
وتروي هذه العاملة في مصبغة البالغة 43 عاما "الجثة كانت قيد التحلل، رائحة المنزل كانت كريهة للغاية، لم أكن أعرف كيف أنظفه".
وبعد ثلاثة أيام، قدمت بلدية مجاورة النعش للعائلة فيما كانت الرائحة النتنة للجثة المهترئة على السرير المضرج بالدماء تصل إلى الناحية المقابلة من الحي.
وتوضح ليساندرا "لقد وضعنا ثلاثة أكياس من الكلس في داخل النعش وواحدا آخر فوقه لاحتواء الرائحة". وهي اضطرت قبل عام لبيع برادها كي تغطي تكاليف دفن والدتها بعد ثلاث سنوات على مقتل ابنها الشرطي في 2014.

أين الحكومة لتساعد الفقراء؟ هي تقضي علينا! أنظروا إلى أي حال آلت البلاد، لا يمكننا فعل شيء!

وبعدما طلبت عبثا المساعدة من السلطات، انتهى الأمر بعائلة اندر براتشو المقيمة أيضا في ماراكايبو إلى شق حفرة في باحة المنزل لدفنه.
وكان قد مر 24 ساعة على وفاة الرجل الثلاثيني جراء تسمم في الدم ناجم بحسب أقربائه عن النقص في المضادات الحيوية. وقبل الوفاة، كان هذا المعماري البالغ 39 عاما أشبه بالجثة مع وجهه المجوف وضلوعه المنتفخة.
وتسأل ميلاغروس قريبة المتوفى "أين الحكومة لتساعد الفقراء؟ هي تقضي علينا! أنظروا إلى أي حال آلت البلاد، لا يمكننا فعل شيء!".
وقد بقيت جثة الرجل بضع ساعات مغطاة بمعطف في الحفرة التي تم شقها في باحة المنزل. وكانت والدته غلاديس قد غطتها ببعض التراب عندما منحتها السلطات نعشا. وكان الجيران يخشون انتشار وباء بسبب هذا الوضع وقد اشتكوا للسلطات على هذه الخلفية.
وتعود هذه المآسي كلها إلى الأزمة الاقتصادية التي تضرب فنزويلا ما يتسبب بنقص كبير في المواد الأساسية وتضخم قد تصل نسبته إلى 1350000% بحسب صندوق النقد الدولي.
ويوضح لويس مورا وهو صاحب شركة لدفن الموتى أن "حوالى 90% من الناس الذين يقصدونني يسألون عن الطريقة الأقل كلفة لهم. عندما يصلون إلى هنا يكونون قد أنفقوا كل أموالهم على العلاجات".
وتكلف ترتيبات الدفن ما بين 8 آلاف بوليفار و25 ألفا (130 دولارا إلى 400) فيما لا يتخطى الحد الأدنى للأجور 29 دولارا. وهذه الكلفة لا تشمل شاهد القبر أو نفقات حرق الجثة.
وتسعى شركات دفن الموتى أيضا إلى عصر نفقاتها إذ إنها لم تعد تشتري محلول الفورمول لأشهر عدة آتية بل "يوما بعد يوم" وفق لويس مورا.
وأحيانا تكون الأوضاع معقدة أكثر.
 

ففي شباط/فبراير، وضعت جثة البائع المتجول فرانسيسكو رولوس أمام بلدية تورين (شمال غرب) كي تتولى هذه الأخيرة تأمين مدفن له. وفي آب/أغسطس، انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي صور تظهر ميتا منقولا داخل كيس إلى كنيسة في روبيو (غرب).
وفي المناطق التي تسجل معدلات عنف عالية، "يسقط قتلى كثر، الشرطة تقتل الناس كالكلاب" بحسب أحد القاطنين في حي عائلة براتشو. ويقول هذا الأخير"لا طريقة لدفنهم، أحيانا تستغرق المهمة 48 ساعة".
وفي حالة وينسيسلاو، لم توفر البلدية سيارة لدفن الموتى. فقد نقل أحد الجيران النعش إلى المدفن في شاحنته التي كانت تنقل أيضا الأسمنت والحجارة للمدفن. وكان المطلوب توفير 12 كتلة من الأسمنت لكن لم تتوفر سوى اثنتين.