فقر المياه يهدد البشر

الكويت - من منتهى الفضلي
اكثر المناطق ازدحاما بالسكان هي افقرها في المياه

اكدت تقارير علمية صادرة عن كل من المجلس العالمي ‏للمياه واللجنة الدولية للمياه والتابعين للبنك الدولي ان المياه ستكون محل صراع في العديد من بقاع العالم وان فردا من كل 5 أفراد في العالم محروم من مياه الشرب وان اجمالي المحرومين من مياه الشرب في العالم يقدر بـ 1.2 مليار فرد.
كما افادت التقارير ان الاخطر من ذلك ان واحدا من كل اثنين في العالم يستخدم مياها غير نقية واجمالي من يستخدمون مياها غير صحية في العالم هو 3 مليارات فرد أي حوالي نصف سكان العالم.
واشار تقرير عرضته الامم المتحدة ان دائرة العطش في العالم سوف تتسع بحلول عام 2025 لتضيف الى الرقم السابق مليار فرد. ورغم ان المياه تغطي ثلاثة ارباع الكرة الارضية فان 98 بالمائة من هذه الكميات الضخمة هي مياه مالحة لا تصلح للري والاستخدام المنزلي والشرب الا بعد تكريرها وهذه العملية مكلفة جدا ولا تقوى عليها الا الدول الغنية، بل ان هذه الدول لا تستطيع تكرير كامل احتياجاتها من المياه.
وتقدر الكمية العالمية من المياه بنحو 1375 مليون كيلومتر مكعب وعلى الرغم من ‏ندرة المياه العذبة النظيفة فان 75 بالمائة مختزنة في اعماق الارض ويصل عمق بعض هذه المخزونات الى نحو 1250 مترا مما يصعب استغلالها بكميات كبيرة هذا الى جانب ‏ ‏وجود كميات كبيرة من هذه المياه المتجمدة في القطبين الشمالي والجنوبي ولا يمكن استغلالها في الوقت الحاضر.
وقدرت الكميات الموجودة تحت تصرف الانسان بنحو 8550 كيلومترا مكعبا من المياه وهذه الكمية تكفي لنحو 18 مليار نسمة اذا جرى توزيعها بشكل عادل على دول العالم، ولكن ما هو حاصل ان هذه المادة الحيوية تتواجد بكميات ضخمة في مناطق قليلة السكان نسبيا كما في دول امريكا اللاتينية، وبالمقابل فانها قليلة في المناطق كثيفة السكان كما في آسيا وافريقيا والشرق الاوسط.
ومما يؤكد التوزيع غير العادل للمياه قياسا الى عدد السكان ان دولة مثل البرازيل لا يتعدى سكانها 160 مليون نسمة تملك نحو 14 بالمائة من المياه العذبة العالمية المتجددة اي 5200 كيلومتر مكعبا وتليها روسيا التي تملك 4150 كيلومترا ‏ ‏مكعب وكندا 3000 كيلومتر مكعبا.
وبالمقابل فان الصين التي يصل عدد سكانها الى 1300 مليون نسمة لا تملك اكثر من 2750 كيلومترا مكعبا والهند بلد المليار نسمة تملك 1950 كيلومتر مكعب ‏والعالم العربي يملك 138 كيلومتر مكعبا فقط وافريقيا 1250 كيلومتر مكعبا.
كما ان توزيع المياه العذبة لا يتفق مع توزيع السكان على الارض وفى جوفها ‏ ‏وتتفاوت الحصة السنوية للفرد من المياه تفاوتا كبيرا بين منطقة واخرى ويحصل الفرد ‏في ايسلندا على 652 ألف متر مكعبا في السنة وهى اكبر كمية على المستوى العالمي اما في افريقيا فلا تتجاوز حصة الفرد 36 مترا مكعبا وفى سلطنة عمان 1246 مترا ‏ ‏مكعبا وفى دول الخليج 152 مترا مكعبا.اما في تركيا فتصل حصة الفرد الى 17200 مترا مكعبا هذا مع العلم ان معظم مياه ‏الانهار الكبرى مثل النيل وغيره تذهب هدرا على الرغم من انشاء عدد من السدود ‏ ‏ابرزها السد العالي الذي يكون بحيرة مساحتها 5250 كيلومترا مربعا ومع ذلك فان الحاجة الى المياه اكبر مما هو متوفر بسبب الوتيرة العالية للتزايد السكاني في مصر.
وتعتبر المنطقة العربية من اكثر المناطق تأثرا بمشكلة المياه بسبب عدم وجود استراتيجية عامة كافية للمياه تتعامل مع هذا النقص الحاد. وحسب دراسة البنك الدولي فانه لا يوجد في المنطقة العربية سوى 1 في المئة فقط من اجمالي المياه المتوافرة ‏ ‏في العالم والاخطر من ذلك كما تشير الدراسة ان الدول العربية تستهلك اكثر من 100 ‏ ‏في المئة من مصادر مياهها المتجددة وعلى الرغم من ذلك فان هناك 60 مليون عربي لا ‏ ‏يتوافر لديهم مياه صحية.
وقالت الدراسة ان البلدان العربية مقبلة على موجة من الفقر المائي الذي يهدد مظاهر الحياة وخطوات التنمية فالوطن العربي يقع في الحزام الجاف وشبه الجاف من العالم ونقل فيه الموارد المائية المتجددة عن 1 في المئة من المياه المتجددة في ‏العالم حيث لا يصل نصيب الفرد العربي لاكثر من 1744 متر مكعب من الماء سنويا في حين يصل المعدل العالمي الى 12900 م3 كما ان معدل هطول الامطار فيه يتراوح بين 5 ‏ ‏- 450 ملم سنويا في حين يصل هذا المعدل في اوروبا الى ما بين 200 - 300 ملم سنويا.
ويكتسب هذا الامر مزيدا من الدلالة والاهتمام اذا علمنا ان نحو 78 في المئة من الاراضي العربية المزروعة تروى بالامطار وان الصحاري في الوطن العربي تحتل مساحة ‏ ‏تبلغ 612 مليون هكتار وذلك بنسبة 45 في المئة من المساحة الاجمالية يضاف الى ذلك معدل النمو السكاني الذي يصل في بعض البلدان الى 3.5 في المئة سنويا ويمكن لهذا المعدل من النمو أن يتسبب في عجز الموارد المائية بحيث يصل هذا العجز الى 127 ‏مليار م3 خلال الفترة الحالية والى 176 مليار م3 عام 2035.
واوضح تقرير آخر أصدرته منظمة الصحة العالمية ان نصف سكان العالم تقريبا يعيشون في ظروف غير صحية لا تتوافر فيها مصادر المياه النظيفة وان ثلاثة آلاف مليون من أفقر سكان الارض يعيشون حياة بؤس في بيئة ملوثة ولا يتمتعون بالحد الادنى من التدابير الصحية.
واكد التقرير ان نحو مليون انسان لا يتوافر لديهم المياه الصالحة للشرب وطالب التقرير حكومات دول العالم باعادة النظر في سياسات استهلاك المياه لمواجهة تلك الازمة العالمية والتي تتفاقم يوما بعد يوم.
وذكر تقرير منظمة الصحة ان اكثر من خمسة آلاف طفل يلقون حتفهم يوميا بسبب امراض تتفشى نتيجة تلوث مياه الشرب مثل التيفود والكوليرا وعن افضل الوسائل لمواجهة ازمة المياه اشار التقرير انها تكمن بالمشروعات التي تأتي بمبادرات محلية ‏لانها تكون اقل كلفة واكثر كفاءة من المشروعات المرتبطة بشبكات المياه الحكومية.
واكد على تجارب العديد من الدول النامية في تشجيع مشروعات المياه الاهلية التي ‏اثبتت نجاحا كبيرا في تحسين الظروف الصحية والمعيشية. ولكن التقرير وجه تحذيرا من ان جهود تحسين الظروف الصحية على مستوى العالم لا تواكب الزيادة السريعة في عدد السكان وانه ما لم تعد الحكومات النظر في سياساتها المائية فان ازمة المياه العالمية ستتفاقم. (كونا)