"فلانة" .. تدور حول القهر الاجتماعي الذي يمارس من طرفين

مسرحية حاتم عودة محاولة لتواشج المزاج العام للشخصيات مع الشكل العام للعرض على مستوى الضوء أو المؤثرات أو الديكور.

 
حاوره:  عبدالعليم البناء 

حاتم عودة مسرحي له الكثير من النشاطات المسرحية في مجال التمثيل والإخراج والنقد، ومن أهم منجزاته على مستوى الثقافة المسرحية، إنشاؤه لموقع مجلة "الخشبة الإلكترونية" الذي اطلق في 6-2 -2004، تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة في جامعة بغداد عام 1989، وأصبح عضواً في الفرقة القومية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح، التي يمارس فيها المسرح لحد الآن ممثلاً ومخرجاً، فمثل مجموعة من المسرحيات مع أبرز مخرجي المسرح، واخرج للمسرح أربع مسرحيات: "وداعاً كودو" المأخودة عن مسرحية صومائيل بيكيت والتي عرضت في بغداد عام 2003 وفي دمشق عام 2004 وفي إسطنبول عام 2005. ثم مسرحية "رومولوس" المأخوذة عن مسرحية "رومولوس العظيم" لـ فردريش دورينمات وعرضت في بغداد وفي إسطنبول عام 2006. 
وفي عام 2008 عرضت له ومن إخراجه أيضا مسرحية "صدى" التي كتبها د. مجيد حميد الجبوري وعرضت على خشبة المسرح الوطني في بغداد، ثم قدمت في الدورة 20 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، لتمثل العراق رسميا ولتترشح إلى جائزة أفضل عرض متكامل وتفوز بجائزة أفضل ممثلة، والتي ذهبت إلى الفنانة الكبيرة بشرى إسماعيل. 
هذه المسرحية اختيرت كذلك لتمثل العراق في مهرجان دمشق للفنون المسرحية في دورته 15 وعرضت على مسرح المركز الثقافي في دمر، ومسرحية "فيلم أبيض وأسود" ألفها بالاشتراك مع سمر قحطان، وعرضت على خشبة المسرح الوطني ضمن موسم الفرقة القومية للتمثيل 2013، ومن ثم عرضت في عام 2014 على مسرح البافيون في مدينة هانوفر في ألمانيا ضمن فعاليات مهرجان اللقاء العربي الدورة الثانية، فأصبح من أبرز مخرجي المسرح العراقي وتميزت عروضه بالحداثوية والتجريبية، وملامسة هموم وأوجاع المواطن العراقي والعربي، وتطلعاته نحو مستقبل سعيد ومشرق ومزدهر بعيدا عن الاستبداد والتبعية والدكتاتورية .
والآن يقدم عرضه الجديد "فلانة" للكاتب المسرحي العراقي هوشنك وزيري، في منتدى المسرح التجريبي في دائرة السينما والمسرح ويلعب أدواره الفنانون: بشرى اسماعيل، الاء نجم، باسل الشبيب، عمر ضياء الدين، نريمان القيسي ابتداءً من 5 / 5 /2018 والأيام التالية، وبغية الوقوف على المعالجة الدرامية والفكرية والجمالية والابداعية لمسرحية "فلانة" كانت لنا هذه الجولة مع مخرجها الفنان حاتم عوة الذي قال:
فكرة مسرحية "فلانة" تدور حول القهر الاجتماعي الذي يمارس من طرفين، طرف يسعى الى إثبات الأنا الشخصية بكل الوسائل، سواءً أكانت مقبولة أم غير مقبولة في ممارسة الظلم والقهر على من هو أضعف منه، وهذا القهر له أشكال عدة مثل الحرمان أو الإقصاء أو التهميش حتى يصل الى الضرب والتعنيف أحيانا. 
أما الطرف الآخر فهو أيضا مساهم بفعالية في تثبيت هذه الثقافة عبر عدم محاولته القيام بأي تغيير، يخاف من المستقبل، فاقداً للثقة بأي وسيلة تغيير، ويعيش حياة كاملة كل شيء فيها يذكره بحرمانه وقهره. هنا تفقد العدالة الاجتماعية معانيها. وهكذا هي "فلانة" متشاركة مع فلانات لا حصر لعددهن في مجتمعاتنا الشرقية، وربما نتحدث من خلال هذا عن القهر الذي تمارسه السلطة على الفرد، إذا حاولنا إسقاط ذلك سياسيا . 
أما المعالجة الدرامية لهذه الفكرة فقد اعتمدت فيها على الإيقاع الحركي، سواءً بالشكل العام للعرض سينوغرافياً أم على مستوى الأداءات التي يتبناها عنصر التمثيل. هي محاولة لتواشج المزاج العام للشخصيات مع الشكل العام للعرض على مستوى الضوء أو المؤثرات أو الديكور. 
وعن تعامله مع نص الكاتب العراقي هوشنك وزيري أوضح قائلا: هوشنك وزيري  كاتب مميز بتناوله للأفكار دراميا، تستهويني طريقته في تناول الحكايات، وبنائه للشخصيات، قرأت له ثلاثة نصوص مكتوبة للمسرح هي: استيلاء، وأمكنة اسماعيل، وفلانة، وكلها تتسم بحنكة كاتبها . 
أما "فلانة" فقد استهوتني الثيمة التي تحدثنا عنها في السؤال السابق، وهي ثيمة أبحث عنها الآن لأنها تشكل جانبا إنسانيا، يؤكد  بأن المسرح هو فعل اجتماعي أكثر منه فعل فقط فني وإبداعي. وهو نص مفتوح على تأويلات كثيرة ممكن أن تكون إسقاطا سياسيا، بالرغم من أنه حكاية لعائلة عراقية  . 
صحيح أنني كنت أحب أن أتدخل في النصوص المكتوبة، ولكن كل التدخل هو لصالح الخشبة (أي العرض). وكل النصوص التي لا تتقبل التدخل لا أحب الاقتراب منها إلا للقراءة أو الاطلاع . 
ويقول عن رسالة المسرح: أعتقد أن ليس للمسرح رسالة واحدة يوجهها في كل عرض، فالمسرح حمال للدلالات والتفسيرات والإسقاطات التي تختلف حسب التلقي. وبالرغم من أنني أفترض أن في مسرحية "فلانة" رسائل عدة يمكن توجيهها، إلا أنني أركز جهدي على إبراز ثيمة القهر الاجتماعي الذي يمارسه طرف على آخر في مجتمع واحد. 
وأضاف: أنا أحب العمل مع اصدقاء مقربين من الممثلين، ولكن لابأس من التعامل مع طاقات إبداعية للمرة الأولى، أعرف إمكانياتهم وأعرف مكامن طاقاتهم وحاجة العرض لها .. ولكن الموضوع ليس من باب التغيير بل من باب الحاجة الى ذلك، لأن الشخصيات في العرض تحتاج الى مواصفات معينة .
وعن ما يميز هذا العرض عن باقي عروضه السابقة خاصة، والعروض الأخرى النظيرة عراقيا وعربيا، قال حاتم عودة :لا يتعلق التميز بالعرض بقدر ما يتعلق بي شخصياً، بتطور قابلياتي، ونضج تجربتي، وتفتح ثقافتي، وتأثري بثقافات وقراءات مختلفة، جعلت قدرتي على إدارة افكار العروض شكلا ومضمونا، بإحساس أكثر مرونة ووعياً. 
وأكد أن عنده طموح بأن يشكل هذا العرض علامة جديدة، ربما ليس فقط على مستوى تجربتي الشخصية، بما يحتوي من جرأة في استخدام ايقاع، يراهن على جودته في التعبير عن الأفكار ومحتوياتها جمالياً.