فنان هندي يتألق بمعرض وفيلم طويل في أبوظبي

رواق الفن في جامعة نيويورك أبوظبي وجمعية إشارة للفن يفتتحان مشروعين فنيين منفردين للفنان الهندي المعاصر الرائد أمار كانوار.
مايا أليسون: موضوع المشروعين الفنيين يتميز بالتعقيد ضمن إطار من البحوث الغنية والمعمقة في تفاصيل الأعمال الفنية
استكشاف الأعمال الفنية المتميزة للفنان أمار من خلال عروض متعددة الوسائط

افتتح رواق الفن في جامعة نيويورك أبوظبي وجمعية إشارة للفن مشروعين فنيين منفردين للفنان الهندي المعاصر الرائد أمار كانوار. ويوفر هذا التعاون بين كل من المؤسستين الفنيتين فرصة فريدة لاستكشاف الأعمال الفنية المتميزة للفنان أمار من خلال عروض متعددة الوسائط، حيث يقدم رواق الفن معرض "الغابة السيادية" القائم على تناول العديد من القضايا الإنسانية والبيئية، أما جمعية إشارة للفن فتقوم بعرض "صباحٌ كهذا" في السركال أفنيو بدبي، وهو عمل من إنتاج عام 2017 عبارة عن فيلم طويل تم عرضه أمار للمرة الأولى عالمياً خلال معرض "دوكيومنتا" في دورته الرابعة عشرة في مدينة أثينا اليونانية وكاسل الألمانية. 
وقد لفتت سميتا برابهاكار، رئيسة جمعية إشارة للفن إلى أن جمعية إشارة للفن ملتزمة بإثراء المشهد الثقافي في دولة الإمارات من خلال تقديم الأعمال الفنية المعاصرة ذات الطابع العالمي. ويمثل عمل "صباحٌ كهذا" (Such a Morning) محطة مهمة في مسيرة أمار، حيث يواصل استكشاف مجموعة من القضايا المعقدة عبر الاستخدام المتقن للنص والصور المتحركة. ويسرنا التعاون مع رواق الفن في جامعة نيويورك أبوظبي لتقديم هذا المعرض والذي يتيح لكلتا المؤسستين إمكانية تزويد هواة الفن في دولة الإمارات بفرصة الاطلاع على الأعمال الاستثنائية لنخبة من أبرز الفنانين المعاصرين".
وبدورها، أشارت مايا أليسون، رئيسة القيّمين الفنيين في جامعة نيويورك أبوظبي والمدير التنفيذي لرواق الفن إلى أن موضوع كلا المشروعين الفنيين يتميز بالتعقيد ضمن إطار من البحوث الغنية والمعمقة في تفاصيل الأعمال الفنية. ويسهم العرض المتزامن لهذين المشروعين الفنيين إلى تسليط الضوء عليهما كأحد محاور النقاش الرئيسية، ويدفعنا للتأمل في أبرز الموضوعات التي يرتكز عليها أمار في أعماله الفنية. ويعدّ المشروع الفني "الغابة السيادية" (The Sovereign Forest) عملاً متواصلاً وتعاونياً يتضمن أفلاما وأعمالا فنية تأملية وشاعرية تطرح أسئلة أكثر من تقديمها لحلول؛ بينما يسعى المشروع الفني "صباحٌ كهذا" (Such a Morning) إلى بلورة فهم معمق حول طبيعة الكثير من الجوانب المظلمة في عالمنا. ويقدم المشروعان سوياً أنماطاً من التناقضات مثل الدعوة والاستجابة، إلى جانب مواضيع مثل الجريمة والحزن، والظلم والتعاطف؛ فضلاً عن استكشاف مواقع جديدة تتطلب الاستجابة".
ويبحث الفنان أمار كانوار عن طريقة لإعادة فهم الأوقات الصعبة التي نعيش فيها، متسائلاً: "ما الذي يكمن وراء ذلك، عندما ينتهي الجدل؟ كيف نعيد ترتيب الوضع والاستجابة مرة أخرى؟"
حول العمل الفني "صباحٌ كهذا" قال أمار إن العمل عبارة عن فيلم طويل تم عرضه للمرة الأولى عالمياً خلال معرض ’دوكيومنتا‘ في دورته الرابعة عشرة في مدينة أثينا اليونانية وكاسل الألمانية. وتدور أحداثه حول شخصيتين رئيسيتين تتصارعان مع عالم مليء بالهلوسة، في إشارة إلى التحديات المعقدة التي تهيمن على هذا العصر. ويطرح من خلاله الفنان أمار سؤالاً حول النهاية التي سنصل إليها بعد استنزاف جميع الحجج والبراهين والسبيل نحو إعادة ترتيب الأفكار والتفاعل من جديد.
 ويتناول الفيلم حياة أستاذ رياضيات تقدم به السن يتخلى عن حياته المهنية ويركن إلى العزلة في عربة قطار مهجورة. حيث ينشئ مساحة مظلمة خاصة به يتأقلم فيها مع نفسه قبل أن يرخي الظلام الكامل بظلاله، ويبدأ الحياة في عالم مجرد من الضوء. وتبرز حينها العديد من الإمكانات الحسية المتواترة للعتمة والرؤية إذ يزيح كامل خيوط الضوء بالتدريج ليدخل عالماً ذاتياً مجهولاً. وتدور في مسار موازٍ قصة امرأة تظهر في سياق الفيلم وتقدم رواية بالتوازي مع قصة البطل. وفي هذه الأثناء يسجل البطل رؤيته ووجهات نظره في روزنامة الظلام، عن طريق استكشاف 49 نوعاً من الظلام الذي يظهر كسلسلة من الرسائل التي يتم عرضها بجانب الفيلم.
وتمتد قصة أمار إلى أبعد من أحداث الفيلم، إذ يواصل الأستاذ كتابة رسائله في إطار مشروع بحثي وشراكات فنية وتعليمية وميتافيزيقية وسياسية متنوعة، تصبح نموذجاً لمشروع مستمر وجوهراً لسلسلة الرسائل التي ترافق الفيلم. وتم صنع ورق الرسائل يدوياً من قبل شيرنا داستور في أكاديمية نيروباما للورق المصنوع يدوياً في مدينة كولكاتا الهندية.

وتتضمن الرسائل السبع نصوصاً متعددة و17 مقطع فيديو و45 عرضاً ضوئياً. ولا تزال العربة التي تم إعدادها خصيصاً للفيلم موجودة في دلهي كمعلم تذكاري للمعلّم الذي رفض الامتثال إلى قوانين المجتمع وآثر اتخاذ مساره الخاص والهرب إلى البرية. ويحمل الفيلم مجموعة من العبر العميقة، منها البقاء والمثابرة، ويعرضها بأسلوب إبداعي يثري التفكير. كما يقدم منظوراً غنياً للجماهير يتيح لها التأمل في هذه الموضوعات المهمة من رؤية جنوب آسيوية مع التركيز على القضايا المرتبطة بالجماهير العالمية اليوم.
وجرى تحرير العمل الفني "صباحٌ كهذا" من قبل سميرة جين وتصويره بعدسة ديليب فارما، بالإضافة إلى التصوير السينمائي لرانجان باليت، فيما تولى سوريش راجاماني تسجيل الصوت، بالإضافة إلى لجوليوس باسايمووي على التسجيل الصوتي أيضاً، فيما تولت شيرنا داستور التصميم. وتم إنتاج الفيلم بدعم من متحف ’كيران نادار للفنون‘، وغاليري ’ماريان غودمان‘ وشركة إنتاج أمار كانوار. 
وعن عمله الفني الثاني "الغابة السيادية" الذي يعرض في رواق الفن بجامعة نيويورك أبوظبي فقال "يعد هذا العمل الفني المتواصل قائما على الوسائط المتعددة ويتناول الجريمة والسياسة وحقوق الإنسان والأزمة البيئية من منظور إبداعي، نشأ من الصراع السياسي والبيئي في ولاية أوديشا الهندية الغنية بالموارد والتي يغلب عليها الطابع القبلي. وقد دأب أمار على متابعة التدخلات الصناعية التي غيرت بشكل نهائي ملامح الولاية على مدار أكثر من عقد من الزمن، ما يجعل منه تعاونا طويل الأمد من قبل الفنان مع الناشط الإعلامي سودير باتنايك والمصممة والمخرجة السينمائية شيرنا داستور. ويستوحي العمل إلهامه من رحلة البحث عن الإجابات المحتملة على مجموعة من الأسئلة؛ مثل كيفية فهم الجريمة والصراع من حولنا، وماهية الأدلة، ومدى إمكانية استخدام الشعر كدليل في المحاكمة، وسبل رؤية حالات الاختفاء وإدراكها وفهمها وتذكرها، وطريقة النظر من جديد.
ويتألف الفيلم من أعمال متعددة تظهر بنسخ مختلفة، ويقوم في أساسه على فيلمين هما: "مسرح الجريمة" (The Scene of Crime) (2011)، و"قصة حب" (A Love Story) 2010، حيث يتحدث الفيلم الأول عن المناظر الطبيعية قبل إزالتها. وجرى التقاط كل صورة تقريبًا في هذا الفيلم داخل أراض تتضمن مواقع صناعية من المعتزم الحصول عليها من قبل الحكومة والشركات في أوديشا بالهند، فيما يحكي العمل الثاني عن تجربة الخسارة. 
وسيتضمن العمل الثاني ثلاثة كتب كبيرة مصنوعة يدوياً، وهي "الأخوات الحاسبات وقصص أخرى " (The Counting Sisters and Other Stories) (2011) و"التنبؤ" (The Prediction) (1991–2012) و"الدستور" (The Constitution) (2012)، حيث يستعرض كل منها فيلمه الخاص. كما يتضمن خرافات وقصصاً عن المحتجزين ودلائل ملموسة مثل شبكةٍ لصيد الأسماك وملابس مصنوعة من الأقمشة وبذور الأرز وورقة من نبات التنبول وصحيفة مرفقة بداخل الورق. وتنطلق فكرة "الغابة السيادية" (The Sovereign Forest) في جوهرها من موضوع أساسي بات مألوفاً ومحورياً في برنامج رواق الفن في جامعة نيويورك أبوظبي، وهو المناظر الطبيعية كإطار للتأمل واستكشاف الواقع الذي يعيشه الإنسان من الناحية الثقافية والملموسة.
وتم تحرير فيلمي مسرح الجريمة (The Scene of Crime) وقصة حب (A Love Story) من قبل سميرة جين والتصوير بعدسة ديليب فارما، فيما تولت شيرنا داستور تصميم المعرض والكتب وصنع الورق. وتم إنتاجه بدعم من مجموعة "سامادروستي" في ولاية أوديشا ومتحف ’تيسيت بورنيميزا‘ للفن المعاصر في فيينا و"مركز بومبيدو" للفنون في باريس وحديقة ’يوركشاير‘ للمنحوتات في المملكة المتحدة ومعرض ’دوكيومنتا‘ بدورته الثالثة عشر في كاسل و’بابلك برس‘ في نيودلهي.
وسيقدم رواق الفن في جامعة نيويورك أبوظبي سلسلة من البرامج العامة التي تستكشف مجموعة واسعة من الموضوعات ضمن إطار المشروع الفني "الغابة السيادية" (The Sovereign Forest) مثل الأدلة، والأمور المخفية، والظلم، والاختفاء. وستدعو الفعاليات، التي تشمل عروضاً وجلسات نقاشية بمشاركة الفنان، الحضور إلى تناول هذه القضايا والخوض في رحلة لاستكشاف الذات.