فندق في مدار حول الارض

وقعت وكالة الطيران الفضائي الروسية "روس افيا كوسموس" وشركة الصواريخ الفضائية "انيرغيا" وشركة "ميركورب" على اتفاقية تقضي باعطاء الحق لشركة "ميركورب" بالتفتيش عن مستثمرين وزبائن، ولشركة "انيرغيا" - العمل على تصميم محطة مدارية تجارية بتسمية اولية هي "ميني ستايشن".
و"ميركورب" هي شركة عالمية خاصة تأسست في كانون الثاني العام 2000 من قبل مجموعة غولد ابل ترانسفير اس اي وشركة "انيرغيا". اما مقر الشركة فموجود في مدينة امستردام الهولندية. وتعود نسبة 60 بالمائة من اسهم الشركة الى مؤسسة "انيرغيا" اما نسبة الـ 40 بالمائة المتبقية - فالى شركات اجنبية. وتعمل ميركورب على فتح المجال الفضائي في وجه القطاع الاقتصادي الخاص. والمحاولة الاولى في هذا المجال كانت استقدام الاستثمارات من اجل تمكين المحطة الفضائية الروسية "مير" من الاستمرار بالتحليق.
اما المحطة الجديدة فمدعوة لكي تكون "الفندق" الاول من نوعه للسائحين الفضائيين. ففيها يمكن لثلاثة اشخاص دفعة واحدة ان يعيشوا لفترة 20 يوما. وعمل المحطة محسوب لفترة 15 سنة من التواجد في الفضاء. اما كلفة المشروع فتبلغ 100 مليون دولار.
وحسب رئيس مؤسسة "انيرغيا" يوري سيميونوف ان المؤسسة باشرت بتنفيذ المشروع. "عندما يدور الحديث عن طيران سائحين فضائيين الى المحطة الفضائية الدولية العاملة حاليا فان ذلك مرتبط كما اظهر التطبيق بعملية طويلة من التوافق القانوني ووضع الوثائق المطلوبة - يقول سيميونوف. ولذلك فانه من الاجدى ايجاد محطة مستقلة مخصصة لمجال السياحة الفضائية. ويفترض بها ان تكون محطة روسية فردية. ولقد كانت نتيجة دراسة امكانية تنفيذ مشروع محطة كهذه التوقيع علـى الاتفاقية الثلاثية الهادفة الى انشاء "ميني ستايشن". وربما نشهد انطلاق هذه المحطة الى الفضاء في العام 2004.
ان المصدر المالي الاساسي اليوم لقطاع الفضاء الروسي هو عمليات الاطلاق التجارية للاقمار الاصطناعية الاجنبية بواسطة الصواريخ الروسية الحاملة. وفي الوقت نفسه اثبتت الرحلة التي قام بها السائح الاميركي دينيس تيتو بان السياحة الفضائية هي مسالة مربحة جدا كذلك.
وسوف تشتمل "ميني ستايشن" حسب التصميمات الاولية على منشأة قاعدية ومركبات نقل من طراز "سويوز - تي ام اي" ومركبات شحن من طراز "بروغرس - ام 1".
اما المنشأة القاعدية فيرجح اطلاقها من قاعدة بايكونور بواسطة الصاروخ - الحامل "سويوز". وبناء على اي طراز من الصواريخ - الحاملة سوف يستخدم من اجل تلك المهمة ستتحدد مقاييس وزنة المنشأة القاعدية. فقطرها يمكن ان يتراوح بين 2.72 و3.4 امتار ووزنها - بين 7 حتى 10 اطنان. ومن اجل اقتصاد الموارد وتقليص فترة التصميم وتجهيز المنشأة القاعدية فان هذه الاخيرة سوف تصنع بناء على التكنولوجيا الموجودة وعلى العناصر المستخدمة سابقا في الاجهزة الفضائية التي تم اطلاقها.
الى جانب ذلك يؤخذ بعين الاعتبار ان المهمة الرئيسية للمحطة لن تكون بصفتها مختبرا علميا وانما "فندق سياحي" في الفضاء. ولذلك فعليها ان تكون مجهزة لكي يعيش داخلها اشخاص من غير المحترفين مع اكبر قدر من الراحة الممكنة. فهي يجب ان تتضمن مثلا وبخلاف المحطة الفضائية الدولية عددا اكبر من النوافذ. اذ ان الناس الذين يدفعون اموالا طائلة للقيام برحلة الى الفضاء (دفع تيتو 20 مليون دولار) يرغبون بالدرجة الاولى في التفرج على المنظر "عبر النافذة" والقيام بالتصوير للذكرى وبكلمة اخرى الحصول على انطباعات من الرحلة بالحد الاقصى.
اما "السويوزات" المنطلقة الى المحطة وعلى متنها طواقم جديدة من الرواد فسوف تحط على عقدة الارتكاز فيها ومن ثم ولدى الضرورة يمكنها الانتقال لتحط على عقدتها الجانبية. ولن تكون مركبات "سويوز تي ام اي" او "بروغرس ام 1" التي ستطلق الى محطة "ميني ستايشن" مختلفة عن تلك التي تدخل في برنامج الرحلات الى المحطة الفضائية الدولية كما وانها لن تتطلب اية عمليات تحديث اضافية.
ولقد اعتمد بداية حسب يوري سيميونوف احتمال ان تحلق "ميني ستايشن" بشكل مستقل بالاضافة الى امكانية التحامها لاحقا بالمحطة الفضائية الدولية. فان قرب مدارها من المحطة الفضائية الدولية يتيح لمؤسسة "انيرغيا" تقليص تصنيع مركبات "سويوز" الى النصف وذلك لان تداخل المدارين يعطي الامكانية لتنظيم زيارة "ميني ستايشن" وتبديل مركبات الانقاذ على المحطة الفضائية الدولية خلال مرة واحدة. ولذلك فمن المفترض بمركبة "سويوز" ان تحط اولا على "ميني ستايشن" لتبقى هناك اسبوعين او ثلاثة تنتقل بعدها للالتحام بالمحطة الفضائية الدولية. اما طاقم الرواد الجديد فيودع مركبته بتصرف الطاقم الموجود على المحطة ويعود الى الارض في المركبة القديمة التي يتم تبديلها. وعملية التبديل هذه تستغرق من يوم الى يومين ولا تشكل ازعاجا لطاقم المحطة الفضائية الدولية خلال العمل.
ولكن لتنفيذ هذا البرنامج من المفترض تجهيز "ميني ستايشن" بعقدة التحام ناشطة. غير ان ربط هذه العقدة بها تجعل من شكلها اكثر تعقيدا وحجمها اكثر وزنا. وفي هذه الحال ستضطر وسائل التوجيه الارضية الى القيام بعمل اضافي تجريه على محطتين اذا لم يكن دفعة واحدة فواحد تلو الآخر عمليا. واخيرا يجب من اجل ابقاء مدار المحطتين على سطح واحد هدر كمية اضافية ضخمة من الوقود. ولذلك فان موضوع مدار محطة "ميني ستايشن" يبقى مفتوحا حتى الآن.
الا ان هذه تفاصيل تقنية والمهم في الموضوع الان هو تمويل تصنيع "ميني ستايشن". ولقد اوكلت الحكومة الروسية الى "روس افيا كوسموس" مهمة تحديد فعالية استخدام الموارد المتأتية عن طريق الرحلات التجارية الى المحطة الصغيرة في بناء القسم الروسي من المحطة الفضائية الدولية واستغلاله اللاحق.
عدا ذلك من غير الواضح اذا ما كانت "ميركورب" ستتمكن من ايجاد الاموال لا لانشاء المحطة نفسها وانما ايضا لتصنيع مركبة "سويوز" واحدة و"بروغرس" واحدة كحد ادنى في السنة وبالتالي وبشكل مواز تصنيع صاروخين - حاملين. بالاضافة الى انه من الضروري زيادة النفقات على توجيه الرحلات وابداء الخدمات للرواد الروس بصفتهم طياري المركبات السياحية وغير ذلك الكثير. ان هذا الامر باهظ الثمن بشكل كاف. ويذكر ان مؤسسة "ميركورب" لم تتمكن في السابق من تمويل اطالة حياة المحطة الفضائية "مير".
ولكن من غير المستبعد ان يبدي زبائن آخرون اهتماما بمشروع المحطة. ومن هؤلاء الصين على سبيل المثال اذ انها كانت قد اعلنت عن مخططات لها تهدف الى انشاء محطة مماثلة.
بكلمة اخرى من غير الواضح حتى الان اذا ما كانت فكرة "فندق الفضاء" واقعية ام لا او انه سيغض النظر عنها باعتبارها فكرة مغامرة من الناحية المالية. ولكن في حال قدر للمشروع ان ينفذ فهي ستكون المحطة المدارية التجارية الاولى في العالم التي تم بناؤها من خارج اموال الموازنة. وهذا هو الشرط الصعب الموضوع امام "مير كورب" ومؤسسة "انيرغيا" من قبل الحكومة الروسية و"روس افيا كوسموس".