فوبيا كورونا تخلي الأحياء الصينية المكتظة من روادها حول العالم

الأحياء الصينية من سان فرانسيسكو إلى ملبورن تشهد هدوءاً غير اعتيادي بعدما هجرها زوار استسلموا للهلع من الفيروس المستجد، في مقاطعة عالمية مست كل ما هو صيني بما في ذلك البشر.
تجار الحي الصيني في ملبورن يؤكدون أن عائداتهم انخفضت إلى النصف
إجراءات السلامة والتعقيم المستمر لم يقنعا الزوار بالعودة

ملبورن - من سان فرانسيسكو إلى ملبورن، تشهد الأحياء الصينية المكتظة هدوءاً غير اعتيادي بعدما هجرها الزوار الذين استسلموا للهلع من ظهور فيروس كورونا المستجد في الصين.

يروي مالك مطعم "جوسي باو" في الحي الصيني التاريخي في لندن ماكس هوانغ بأن "حالة التخويف موجودة في كل مكان".

ومطعم هوانغ واحد من عشرات المطاعم الأكثر قدماً في الحي الصيني في أستراليا، الذي نشأ خلال حقبة الاندفاع نحو التنقيب عن الذهب في العقد المبتدئ من عام 1850.

وعلى الرغم من أن بؤرة وباء كوفيد-19 تقع مسافة عشر ساعات بالطائرة، وأن أستراليا لم تسجل إلا عدداً قليلاً من الإصابات، لكن الجالية الصينية في البلاد تواجه حالة تمييز، كما في سائر دول العالم، منذ ظهور فيروس كورونا المستجد الذي أودى حتى الآن بحياة نحو 1900 شخص حتى الآن.

وتخلو شوارع الحي الصيني في ملبورن من المشاة، وتبدو هادئة بشكل غير مسبوق، وحتى رقصة التنين الخاصة بعيد رأس السنة القمرية لم تنجح في جذب الحشود.

ويؤكد تجار الحي أن عائداتهم انخفضت إلى النصف، ما أرغمهم على تقليص ساعات العمل بشكل كبير، وهي حالة تتكرر في كل الأحياء الصينية حول العالم.

وفي حيّ ريتشموند في فانكوفر، بات يسهل حالياً العثور على طاولة لتناول الطعام في مطعم "امبراطورية ثمار البحر".

لا سياح من الصين

ويلحظ مساعد مدير عام المطعم إيفان يونغ "عادةً، يكون لدينا طوابير طويلة من المنتظرين لنحو خمس إلى عشر طاولات، أما اليوم فلا يوجد أي طابور".

ويضيف "ألغى بعض الأشخاص حفلاتهم أو وجباتهم الجماعية. ومطاعم كثيرة أخرى تواجه المشكلة نفسها"، آملاً في أن تعود الأمور سريعاً إلى طبيعتها.

وفي دول عدة، أثّر منع دخول الوافدين من الصين بشدّة على بعض الأحياء.

ويشير توني سيو مدير مطعم "ار اند جي لاونج" الشهير في سان فرانسيسكو إلى انه "عادةً، في هذا الوقت، يزورنا سياح صينيون، لكن لا يوجد أحد".

في أستراليا، أثّر منع الوافدين من الصين إلى دخول أراضي البلاد على 100 ألف طالب صيني لم يتمكنوا من العودة لاستئناف عامهم الجامعي.

ويوضح سو يين الذي يملك كشكاً لإعداد الفطائر قرب جامعة ملبورن، يرتاده العديد من الطلاب، "العدد الأكبر من زبائننا هم من الصين...ولذلك بات الوضع صعباً".

وفي محاولة منها لطمأنة الزبائن، علّقت بعض المتاجر ملصقات تشير إلى أن مقارها تخضع دورياً لتعقيم وقائي.

"الخوف من الصينيين" 

لم تتوان بعض المطاعم عن توفير معقم كحولي لليدين لزبائنها، والطلب من موظفيها ارتداء أقنعة وقائية وقفازات مطاطية.

لكن هذه الإجراءات لا يمكن ان تتصدى لحالة الخوف من الصينيين التي تسهم في مفاقمة الأزمة.

وتروي ريبيكا ليو وهي طالبة صينية في لندن أنها تواجه صعوبات في إقناع أصدقائها للذهاب معها لتناول طعام العشاء أو التسوق.

وتضيف "بعض أصدقائي يرفضون الذهاب لتناول الطعام في الحي الصيني لأنهم يخشون الفيروس".

وفي سان فرانسيسكو، غالباً ما يكون متجر فريد لو للهدايا مكتظاً بالسياح الأوروبيين والأميركيين الجنوبيين، لكن "منذ أسبوعين، قلّ عدد الناس كثيرا، على الأقل بنسبة 50%، رغم أن لا أحد مريض هنا ولا أحد قد زار الصين"، بحسب لو.

يعتبر لو أن الأوضاع التي يواجهها حالياً أصعب مما كانت عليه في بداياته عام 1975.

ويضيف "ليس من العدل أن يخشى كثر من الصينيين".

ويعرب هذا التاجر الذي يرأس أيضاً غرفة التجارة الصينية في ملبورن، عن أسفه من أن رسالته "نحن بخير، لا تخافوا"، لا تلقى أذاناً صاغية.

في لندن، لاحظ ديفيد تانغ أن الناس يتجنبون الاقتراب منه منذ أسابيع. ويروي "أستقل القطار كل صباح. في أحد الأيام الأسبوع الماضي، بقي الجميع واقفين رغم أنه كان هناك مقعداً فارغاً إلى جانبي"، مضيفاً أنه "ضحك" من هذا الموقف.