فوضى السلاح في المخيمات الفلسطينية تُعجّل بزيارة عباس إلى لبنان

عباس وعون يؤكدان أن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى، فيما اتفق الرئيسان على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات.

بيروت - بحث الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي وصل اليوم إلى بيروت في زيارة رسمية، مع نظيره اللبناني جوزيف عون ملف السلاح في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، في وقت يولي فيه قادة لبنان أهمية بالغة لمسألة حصر السلاح بيد الدولة واستعادة قرار السلم والحرب، لا سيما بعد أن تعهد عون للقوى الدولية بحسم هذا الملف. 

وتعدّ هذه الزيارة الأولى لعبّاس إلى لبنان منذ العام 2017، ومن المقرر أن تستمر ثلاثة أيام وينتظر أن تركز المباحثات على ملف المخيمات الفلسطينية التي شهدت في عدة مناسبات توترات أمنية واشتباكات مسلحة بين الفصائل أو مع أطراف أخرى.

ويقيم في لبنان أكثر من 220 ألف فلسطيني في مخيمات مكتظة وبظروف مزرية ويمنعون من العمل في قطاعات عدة في البلاد.

وأشار بيان مشترك بعد لقاء جمع بين عباس وعون إلى أن "الجانبين أكدا التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن القانون"، كما شددا على أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه.

وتابع أن الطرفين "يعلنان إيمانهما بأن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى، خصوصا أن الشعبين اللبناني والفلسطيني، قد تحمّلا طيلة عقود طويلة، أثماناً باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة".

وكان عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني الذي يرافق عباس قال الثلاثاء "طبعا السلاح الفلسطيني الموجود في المخيمات سيكون على جدول النقاش بين الرئيس عباس والرئيس اللبناني والحكومة اللبنانية".

وقال مصدر حكومي لبناني اليوم الأربعاء إن زيارة عبّاس "تهدف إلى وضع آلية تنفيذية لتجميع وسحب السلاح من المخيمات". وبحسب البيان المشترك، اتفق الجانبان "على تشكيل لجنة مشتركة لبنانية فلسطينية لمتابعة أوضاع المخيمات والعمل على تحسين الظروف المعيشية للاجئين، مع احترام السيادة اللبنانية والالتزام بالقوانين".

وبناء على اتفاق ضمني، تتولى الفصائل الفلسطينية مسؤولية الأمن داخل المخيمات التي يمتنع الجيش اللبناني عن دخولها. وتتواجد فيها حركة فتح إلى جانب حماس وأطراف أخرى.

وقال رئيس دائرة العلاقات الوطنية في حركة حماس في لبنان علي بركة قبيل وصول عباس "نطالب الحكومة اللبنانية والرئيس محمود عباس أن تكون المقاربة شاملة ولا تقتصر على ملف السلاح أو الجانب الأمني".

وأضاف "نؤكد احترامنا لسيادة لبنان وأمنه واستقراره وفي نفس الوقت نطالب بتوفير الحقوق المدنية والإنسانية لشعبنا الفلسطيني في لبنان".

وكان سلاح الفصائل الفلسطينية عنصرا أساسيا في الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990) وتعتبر هذه الجماعات أن السلاح ضروري لحماية المخيمات وسكانها في ظل غياب سلطة الدولة الفاعلة داخلها، ولمواجهة أي اعتداءات محتملة.

وأدى انتشار السلاح إلى اشتباكات متكررة بين الفصائل المتنافسة، مما تسبب في سقوط ضحايا مدنيين وزعزعة الاستقرار داخل المخيمات، بالإضافة إلى عرقلة عمل المنظمات الإنسانية، ما أدى إلى تفاقم معاناة السكان.

كما تثير فوضى السلاح داخل المخيمات مخاوف من استغلال بعض الفصائل المسلحة من قبل أطراف إقليمية ودولية لتحقيق أجندات خاصة. 

وتؤكد السلطات اللبنانية أنها اتخذت القرار بـ"حصر السلاح" بيد الدولة، وسط ضغوط أميركية متصاعدة لسحب سلاح حزب الله بعدما تكبّد خسائر فادحة في البنية العسكرية والقيادية خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

وشدد الرئيس اللبناني في مقابلة مع قناة "أون تي في" المصرية ليل الأحد على أن "حصرية السلاح يجب أن تكون بيد الدولة، وقرار الحرب والسلم بيدها". وأضاف "أتكلم ليس فقط عن السلاح اللبناني بل عن غير اللبناني، بما فيه الفلسطيني في المخيمات"، موضحا "أنا أنتظر زيارة الرئيس عباس للبحث به".

وقال إن الجيش اللبناني فكّك ستة معسكرات تدريب فلسطينية، "ثلاثة في البقاع (شرق)، واحد جنوب بيروت، واثنان في الشمال"، وتمّت "مصادرة الأسلحة وتدمير المنشآت كلها، وأصبحت المنطقة خالية".

ويشكل ملف السلاح الفلسطيني في المخيمات نقطة خلافية وحساسة في لبنان، حيث تتصاعد الضغوط على الفصائل لنزع السلاح أو ضبطه، خاصة بعد التطورات الإقليمية الأخيرة، بينما ترفض معظم الجماعات تسليم سلاحها بشكل كامل قبل التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وضمان أمن وحقوق اللاجئين.