في كل 60 ساعة، لبناني ينهي حياته

مئتا حالة انتحار في 2018 بلبنان بسبب الشعور بالاكتئاب والإصابة بأمراض مزمنة أو ظروف معيشية واقتصادية صعبة الى جانب الإدمان على المخدرات والكحول.
ألعاب إلكترونية تقصف أعمار الأطفال والمراهقين
الذكور أكثر عرضة للانتحار من الإناث
رجال دين يتطوعون لدفن المنتحر والصلاة عليه

بيروت  - شهد لبنان في عام 2018 مئتي حالة انتحار مقارنة بـ143 حالة خلال 2017، وهو عدد مرتفع نسبيا في مجتمع تحرّم كل طوائفه قتل الإنسان لنفسه.
بين عامي 2009 و2018، وقعت في لبنان 1393 حالة انتحار، بحسب إحصاءات لقوى الأمن الداخلي.
وتفيد الإحصائيات حدوث حالة انتحار كل يومين ونصف يوم، ومحاولة انتحار كل ست ساعات.
يشكل الانتحار مصدر قلق كبير في المجتمعات، وهو مرتبط بعوامل كثيرة.
وقالت المعالجة النفسية، ريبيكا اسبانيولي  إن محاولات قتل النفس تعود إلى أسباب عديدة.
وأوضحت أن "أبرز الأسباب، بحسب أحدث الدراسات، هو الشعور بالاكتئاب..".
 وأضافت "الاضطراب النفسي السبب الأكثر رواجا لإقدام الناس على انهاء حياتهم".
وتابعت: "أحيانا يعود سبب الانتحار إلى أمراض نفسية، إذ تعتري المريض شكوك بشأن الواقع الذي يعيشه، مما يدفعه حافة اليأس والقنوط وكره الحياة ونبذها ومحاولة الهروب منها الى عالم الفناء".
وأردفت: "يعتبر الإدمان على المخدرات والكحول من العوامل التي تغذي فكرة الانتحار وتشجع عليه بسبب دخول المدمن في حالة سكر وشبه غيوبة عن العالم تزين له فعل أمور مخالفة للشرع والقانون".
وأوضحت الخبيرة في علم النفس أن "قرار الانتحار بالنسبة لبعض الأشخاص يستند إلى أسباب منطقية برأيهم، منها وجود مرض مزمن أو ألم أو ظروف معيشية واقتصادية صعبة".
وخلال الأشهر الأخيرة، امتدت هذه الظاهرة بشكل كبير إلى أطفال ومراهقين بسبب ألعاب إلكترونية، مثل "الحوت الأزرق"، و"مريم" وهي لعبة واقع افتراضي غامضة تنتهي كثيرا بالانتحار.
وقالت اسبانيولي: "لا نستطيع الحديث عن نسب دقيقة لزيادة الانتحار، فهذا السلوك المشين لا يتم التصريح عنه، ودائما ما يلفه الغموض وعلامات الاستفهام".
وزادت بأن "الإحصاءات أثبتت أن من يقدمون على الانتحار في لبنان تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة".
وشددت على ضرورة "العمل بالتنسيق مع مختلف القطاعات  ومنظمات المجتمع المدني على تحسين آليات التبليغ بحالات الانتحار ووضع إحصائيات دقيقة في الغرض بلبنان بهدف الاستفادة من أخطاء الآخرين".
وتابعت: "صحيح أننا في الفترة الأخيرة أصبحنا نسمع كثيرا عن ظاهرة الانتحار، لكنها ليست بالحجم الذي يُسلط عليه الضوء من خلال وسائل الإعلام".
ورأت أن "الإحصائيات حول نسب الانتحار ستظل منقوصة وغير دقيقة بسبب الموانع الاجتماعية والدينية في الإفصاح عنها ".
أظهرت دراسات أن نسبة محاولات الانتحار في لبنان تبلغ 2 بالمئة من إجمالي عدد السكان (أكثر من 6 ملايين نسمة)، وهو ما يقارب نسبة محاولات الانتحار في 17 دولة، وهو 2.7 بالمئة.

 الواجب لا يقتضي أن يعاقب رجال الدين الشخص المنتحر، فالله هو صاحب العقاب، وهو أعلم بحال كل إنسان 

وقال مايكل خوري الباحث في علم النفس  إن لبنان يسجل حالة انتحار لشخص كل يومين ونصف اليوم.
وأضاف خوري أن "نحو 10 بالمئة من الذين حاولوا الانتحار لم يتخطوا سن الـ18 عاما، في حين أن 58 بالمئة تراوحت أعمارهم بين 18 و34 سنة".
وأوضح أن "الذكور من اللبنانيين هم أكثر عرضة للانتحار  المكتمل من الإناث، فانتحار كل ثلاثة ذكور يقابله انتحار اثنتين من الإناث".
وقال رئيس دائرة الفتوى في دار الإفتاء اللبنانية، وسيم مزوق، إن "الله حرم قتل النفس في المطلق، إذ قال تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، و(لا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)".
وتابع مزوق أن "النفس هي ملك لله، ولا يجوز الحاق الاذى بها، ومن يقدم على سلوك الانتحار فإنه يرتكب كبيرة من الكبائر تطيل مكوثه في جهنم كأنما هو خالد فيها".
وأردف: "رغم تحريم الانتحار في الدين الإسلامي، فإن رجال الدين يتطوعون لغسل المنتحر ويقومون بتكفينه والصلاة عليه والدعاء له بالمغفرة، إلا في حالات نادرة جدا".
وأوضح أن "الواجب لا يقتضي أن يعاقب رجال الدين الشخص المنتحر، فالله هو صاحب العقاب، وهو أعلم بحال كل إنسان".
وشدد على "ضرورة معالجة أسباب هذه الجريمة المحرمة، فلا يصح ترك الإنسان للوصول إلى مستنقع اليأس من رحمة الله".
ودعا علماء الدين إلى القيام بحملات توعية في أوساط الناس، لتقريبهم من الله من خلال الدعاء والعبادة والصلاة، فالإيمان يقوي الإنسان ويجنبه اثم الانتحار والوقوع في الحرام".