في 30 يونيو السودانيون يحتجون والمصريون يحتفلون
يحظى تاريخ الـ30 من يونيو برمزية خاصة لدى الشعبين السوداني والمصري المتجاوريْن. ففي هذا اليوم يتدفق السودانيون إلى الشوارع والساحات العامة لمقاومة الانقلاب العسكري على المسار السياسي المدني. بينما يحتفل المصريون بذكرى دحر الإخوان عندما تم عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي بناء على ما طالب به المتظاهرون في مثل هذا اليوم سنة 2013.
في السودان، حددت تنسيقيات لجان المقاومة وجهتها إلى القصر الرئاسي للمطالبة بإبعاد الجيش عن السلطة السياسية في البلاد وتسليمها للمدنيين.
وتتزعم لجان المقاومة الحراك الثوري منذ وقوع انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ضد حكومة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وعكفت طيلة الأسابيع الماضية على تنظيم فعاليات وندوات وتظاهرات في إطار التعبئة والدعوة للمشاركة في مليونية الـ30 من يونيو.
وفي إطار التحشيد التعبوي، أشارت تنسيقيات لجان المقاومة في بيان إلى أن "مواكب الخميس الظافرة ستتوجه إلى القصر الرئاسي، وأنه لا عودة عن الطرقات حتى إسقاط الانقلابيين وأعوانهم".
وفاة متظاهر برصاصة في الصدر خلال مسيرات في شمال الخرطوم
وتتزامن هذه المليونية مع الذكرى الثالثة لتظاهرة 30 من يونيو 2019، التي استرجع المدنيون خلالها السلطة بعد وقوع مجزرة فض الاعتصام في الـ3 من الشهر نفسه. ولقي ما لا يقل عن 130 شخصا حتفهم في تلك المجزرة، فضلا عن مئات الجرحى وعشرات المفقودين.
وقتلت قوات الأمن السودانية عشية الاحتجاجات، متظاهرا خلال مسيرات نظمت مساء الأربعاء. وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إن المتظاهر توفي بعدما أُصيب "برصاصة في الصدر" خلال مسيرات في شمال الخرطوم.
وتقول اللجنة إن عدد قتلى المناهضين لانقلاب الـ25 من أكتوبر/ تشرين الأول بقيادة البرهان وصل إلى 103 منذ بداية الاحتجاجات.
ودعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بريتيس، الثلاثاء، السلطات إلى تجنب العنف في مواجهة الاحتجاجات. وكتب على "تويتر" "لن يتم التسامح مع العنف ضد المتظاهرين".
وتم إغلاق كافة الجسور المؤدية إلى الخرطوم، إضافة إلى إغلاق وسط المدينة بالكامل وإخلائه من المواطنين، بينما أكدت الشرطة أن قواتها ستتعامل بـ"القوة المدنية".
ودعت قوى الحرية والتغيير التي انقلب عليها البرهان، إلى التظاهر الخميس قائلة إن "30 يونيو طريقنا لإسقاط الانقلاب وقطع الطريق أمام أي بدائل وهمية".
وأشار تجمع المهنيين السودانيين في بيان له، إلى أن "الثوار سيخرجون من كل مكان ليؤكدوا على اللاءات الثلاث "لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية مع العسكر)، مؤكدا على أن "العدالة تبدأ بأن تقوم اللجنة الأمنية بتسمية المتهمين بقتل الثوار.
وحث حزب الأمة القومي الشعب السوداني على "المشاركة الفاعلة في مواكب 30 يونيو، من أجل استرداد حقوقه الضائعة"، معبرا عن حرصه على "استعادة الحكم المدني".
تجمع المهنيين السودانيين يجدد التأكيد على أنْ لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية مع العسكر
وحث حزب الأمة القومي الشعب السوداني على "المشاركة الفاعلة في مواكب 30 يونيو، من أجل استرداد حقوقه الضائعة"، معبرا عن حرصه على "استعادة الحكم المدني".
وحدد حزب المؤتمر السوداني الغاية من مليونية 30 يونيو، وهي "إسقاط الانقلاب واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي، وتشكيل حكومة مدنية كاملة، وإبعاد المؤسسة العسكرية نهائياً من الحياة السياسية". ودعا "جماهير الشعب السوداني إلى الخروج في المواكب من كل فج، وأن تملأ الشوارع بالهتاف لتزلزل عرش الطاغية وتدخل الرعب".
وفيما دعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى الاحتجاج تحت وسم "مليونية زلزال 30 يونيو"، يستبعد متابعون للشأن السوداني أن تكون تظاهرات الخميس حاسمة، لكنها ستمثل تهديدا للسلطة الحاكمة، وستقدم إثباتا على أن الشارع يتحرك ويرفض.
ومارست كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة دول شرق ووسط أفريقيا للتنمية (إيغاد)، ضغوطا طيلة الأسابيع الماضية، لإجراء حوار مباشر بين العسكريين وتحالف قوى الحرية والتغيير الذي رفض ذلك، قائلا إن الحوار "حل سياسي مزيف يضفي شرعية على الانقلاب".
وغاب عن دعوة الحوار حزب الأمة، أكبر الأحزاب السودانية إضافة إلى لجان المقاومة.
ومؤخرا، حذرت الأمم المتحدة من مغبة تعمّق الأزمة السياسية والاقتصادية بالسودان حيث يهدد نقص الغذاء ثلث سكان البلاد.
وفي مصر، يحتفل المواطنون بالذكرى التاسعة لثورتهم ضد تنظيم الإخوان المسلمين بالمضي قدما في سبيل بناء الجمهورية الجديدة.
وفي الـ30 من يونيو/ حزيران 2013، شهدت مصر مظاهرات شعبية ضد حكم الرئيس الإخواني محمد مرسي، قبل صدور بيان إقالته من الجيش الذي أعلنه في 3 يوليو/ تموز وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي.
وأعادت المواقع والصفحات المصرية اليوم منشور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على صفحت التواصل الاجتماعي العام الماضي الذي وصف فيه ثورة 30 يونيو بأنها "أرقى صيحات التعبير عن الانتماء والولاء للوطن".
السيسي يقول واجهنا تحالفا ملعونا أراد النيل من وطننا
قال وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي في تصريحات إعلامية، إن الاحتفال بذكري ثورة 30 يونيو، يتزامن مع "شبه اكتمال القوة الذاتية في مصر، مع توافر الإمكانات اللازمة كافة لبناء الجمهورية الجديدة.
وبينت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات، كيف مثّل تولي الإخوان مقاليد السلطة في مصر، "تهديدا غير مسبوق لكيان الدولة المصرية من رأس السلطة نفسها بتوجهه نحو أخونة مؤسسات الدولة، وممارسة الاستبداد السياسي بتحصين قراراته بإعلان دستورى معيب، وزرع الانقسام داخل المجتمع المصري بتهديد عناصر جماعته المستمر للأقباط ثم تعاونه وحمايته للجماعات الإرهابية في سيناء".
ونوهت صحيفة الأهالي المصرية، الناطقة باسم حزب التجمع اليساري المعارض، بالسياسة الخارجية لمصر منذ تولي السيسي مقاليد السلطة مشيرة إلى أن "الدبلوماسية المصرية نوعت ، بعد ثورة 30 يونيو من مصادر تسليح جيشها وشرطتها ومن علاقات مصر الدولية... وعادت لدورها التنموي فى دول القارة الإفريقية. ونجحت في أن تكون طرفا في حل الأزمة الليبية... وكانت ولا تزال الطرف المساند للقضية الفلسطينية... ورفضت التدخلات الخارجية في الأزمة السورية، وشكلت مع السعودية ودولة الإمارات، محورا للدفاع عن المصالح المشتركة".
واعتبرت صحيفة الوفد المصرية التابعة لحزب الوفد الليبرالي المحسوب على المعارضة، الرئيس المصري هو من "أنقذ الوطن من الضياع وقاد السفينة إلى بر الأمان، وحقق إنجازات عملاقة أصبحت حديث العالم، وما زال يبني ليصل بمصر إلى مكانها الذي تستحقه".
وتوجه السيسي اليوم الخميس بكلمة إلى الشعب المصري أكد فيها أن ثورة الـ30 من يونيو كانت "لحظة فارقة" في تاريخ مصر. وأضاف "واجهنا تحالفا ملعونا أراد النيل من وطننا".
وعلى إثر إطاحة مظاهرات 30 يونيو 2013 بحكم الإخوان وتسلّم السيسي مقاليد السلطة، تشكل حلف مناوئ للسياسة المصرية بزعامة تركيا وقطر اللتيْن قدما دعما ماليا وإعلاميا لفلول الإخوان.
وتمر العلاقات المصرية مع تركيا وقطر بفترة مصالحة. وبداية هذا الأسبوع وأثناء زيارة قام بها إلى مصر، هنأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الرئيس المصري بحلول ثورة 30 يونيو.
وبمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو أعلنت الحكومة المصرية اليوم الخميس إجازة رسمية مدفوعة الأجر للعاملين في القطاعين العام والخاص.
وفي مثل هذا اليوم من عام 2013، خرج ملايين المصريين في محافظات البلاد المختلفة في احتجاجات عارمة ضد حكم الإخوان الذي سجلت فيه البلاد تراجعا فادحا في مؤشرات الحريات والاقتصاد والأمن والسياسات الداخلية والخارجية. الأمر الذي نجمت عنه حالة استقطاب حادة كادت تنزلق بالبلاد نحو حرب أهلية.