السبسي يدعو لتعديل دستوري يقلص صلاحيات رئيس الحكومة

الرئيس التونسي يحمّل حكومة يوسف الشاهد المسؤولية عن تردي الوضع الاقتصادي الذي وصفه بـ"الخطير"، مشيرا إلى الكثير من المؤشرات السلبية.

الرئيس التونسي يحذّر من مؤشرات اقتصادية خطيرة
الرئيس التونسي لديه مقترحات جاهزة لتعديل الدستور
قائد السبسي: الأداء الحكومي ليس في الاتجاه الصحيح
دستور 2014 يمنح صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء وصلاحيات محدودة لرئيس الدولة

تونس - دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي اليوم الأربعاء إلى تعديل الدستور الذي لم يمض على صياغته سوى خمس سنوات قائلا إن السلطة التنفيذية أصبحت مجمعة بأيدي رئيس الوزراء في أحدث خلاف بين أعلى منصبين في الدولة.

والدستور الذي أقره البرلمان في عام 2014 بعد انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي قلص بشكل كبير من السلطات الواسعة السابقة للرئاسة ومنح رئيس الوزراء والبرلمان دورا أكبر بكثير.

وعزا الرئيس الرئيس التونسي الحاجة لهذا التعديل إلى وجود "اختلاف في تأويل بعض فصول الدستور"، مؤكدا على ضرورة معالجة هذا الخلل وحل الإشكال.

وأوضح أن المادة 71 من الدستور التونسي، تنص على أن "السلطة التنفيذية يمارسها رئيس الجمهورية وحكومة يرأسها رئيس حكومة"، مضيفا أن تشكيل الحكومة الأخيرة "جرى دون استشارة الرئيس وبتوافق بين رئيس الحكومة وحركة النهضة (إسلامية)".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، صوّت البرلمان بأغلبية مطلقة على منح الثقة لتعديل وزاري اقترحه رئيس الحكومة يوسف الشاهد دون استشارة الرئيس، تم بموجبه تعيين 13 وزيرا جديدا وخمسة كتاب دولة (سكرتير) برتبة وزير.

وأكد قائد السبسي أنه "لم يكن ضروريا الذهاب إلى المجلس (البرلمان لطلب الثقة على الحكومة) دون المرور برئيس الجمهورية"، مشدّدا على أن ذلك "مخالف للدستور". كما اعتبر أن السلطة التنفيذية أصبحت برأس واحد عكس ما ينص عليه الدستور.

وضمن حديثه عن دواعي إجراء التعديل، تطرق الرئيس التونسي إلى "الخلاف بينه وبين بعض الحساسيات السياسية حول قراءة النص الدستوري في خصوص المرجعية الدينية"، في إشارة إلى حركة النهضة الرافضة لمبادرة رئاسية لإقرار المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة.

وبحسب قائد السبسي، فإن "الدستور واضح في فصله الثاني وينص على أن تونس دولة مدنية"، فيما ترى حركة النهضة، أن المبادرة الرئاسية تتعارض مع الدستور في مادته الأولى التي تنص على أن "تونس دينها الإسلام".

واعتبر الرئيس التونسي أن طرح مبادرة المساواة في الميراث جاء لأن الدستور يخول ذلك، مؤكدا أنه رغم الخلافات، فإن "تونس لا يمكن أن تواصل مسيرتها إلا بالوحدة الوطنية".

وقال "حاولنا تجسيد الوحدة الوطنية وقطعنا في ذلك خطوة، لكن بعض الأحزاب انسحبت"، في إشارة إلى فشل حوارات اتفاق قرطاج 2 في الربيع الماضي والتي كان من المفترض أن تحدد أولويات الحكومة.

وأشار إلى أنه في حال "عاد إلينا الشاهد، فسنذهب يد بيد حتى نخرج من هذا المأزق (السياسي)"، دون أن يحدد ما إن كانت عودة الشاهد تعني استئناف عضويته المجمدة بحزب نداء تونس، أم أنه يقصد تحسن العلاقات بينهما عقب القطيعة الراهنة.

ومنذ الربيع الماضي حصلت قطيعة بين قائد السبسي والشاهد وتفاقمت بتأسيس مقربين من من رئيس الحكومة، حزب 'تحيا تونس' في الشهر الماضي.

وبرز الخلاف للعلن بين قصري القصبة (الحكومة) وقرطاج (الرئاسة) في العام الماضي حين اتهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد نجل الرئيس والمدير التنفيذي لحزب نداء تونس بتدمير الحزب الحاكم وتصدير مشاكله للدولة.

ودعا قائد السبسي حينها الشاهد للتخلي عن المنصب وهو ما رفضه رئيس الحكومة الذي تحداه وكوّن حكومة ائتلافية جديدة مع حزب النهضة الإسلامي التي شكّلت حزاما سياسيا قويا لرئيس الحكومة فيما انقسم حزب نداء تونس إلى شقين بين داعم ومعارض للشهاد.

وفي أوضح إشارة على احتجاجه على تقلص دوره لصالح رئيس الوزراء قال السبسي في خطاب بمناسبة عيد الاستقلال "سيكون من الأحسن التفكير في تعديل بعض فصول الدستور"، مضيفا أن رئيس الجمهورية ليست له مهام كبيرة وأن السلطة التنفيذية هي برأس واحد يسيطر عليها رئيس الحكومة.

وتفاقمت الخلافات بين الرجلين بعد عدم استشارة الشاهد للرئيس في تعديل حكومي أجراه العام الماضي. وجمّد حزب نداء تونس عضوية الشاهد بالحزب.

وأضاف الرئيس التونسي "رئيس الجمهورية لم تعد له سلطة كبيرة.. لدي تحوير للدستور جاهز".

ويعطي الدستور أغلب السلطات لرئيس الوزراء، بينما يمنح رئيس الدولة سلطات أقل تشمل فقط الدفاع والخارجية.

وحمّل قائد السبسي الحكومة المسؤولية عن تردي الوضع الاقتصادي الذي وصفه بالخطير، مشيرا إلى أن الأداء الحكومي تسبب في تفاقم الأزمة الاقتصادية، قائلا إنّ "الأداء الحكومي ليس في الاتجاه الصحيح"، مؤكدا أن "المؤشرات الاقتصادية تدل على ذلك".

علاقات متوترة بين يوسف الشاهد والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي
علاقات متوترة بين يوسف الشاهد والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي

وأضاف أن المؤشرات التي أطلعه عليها محافظ البنك المركزي مروان العباسي ووزير المالية محمد رضا شلغوم، تدل على أن الموضوع "خطير في حال لم نقم بتلافيه".

واستعرض جملة من المؤشرات الاقتصادية، قائلا إن "نسبة التضخم بلغت 7.3 بالمئة في 2018، بعد أن كانت 4.4 بالمائة في 2010".

أما نسبة الدين الخارجي، فقال إن المؤشر كان عند 40 بالمائة في 2010 (على أساس سنوي) قبل أن يقفز إلى 71.3 بالمائة في 2018.

وتابع أن إنتاج البلاد من الفوسفات انخفض من 8 ملايين طن في 2010، إلى 3 ملايين طن في العام الماضي، فيما تراجعت نسبة تغطية إنتاج النفط لاحتياجات البلاد من 92 إلى 42 بالمئة، خلال العامين المذكورين تباعا.

وبحسب الرئيس التونسي، فإن حملات احتجاجية انتظمت تحت شعار 'وينو البترول (أين النفط)'، دفعت الشركات الكبرى في مجال التنقيب إلى عدم التعامل مع تونس.

وفي مايو/ أيار 2015، أطلق نشطاء وأحزاب سياسية في تونس حملة "وينو البترول"، طالبت الحكومة بكشف كل المعطيات المتعلقة بالنفط في البلاد، على خلفية تقارير رقابية رسمية أشارت إلى وجود شبهات فساد تشوب القطاع.

وطالب قائد السبسي الحكومة بـ"الحزم والحضور والاهتمام بحماية الموارد الطبيعية".