هل يقلص القانون الانتخابي النفوذ السياسي لعشائر الأردن

القانون الجديد لا يستطيع أن يحجم من العشائرية من حيث إطارها الاجتماعي ومكانتها، لكن كلما اتسعت رقعة الأحزاب السياسية سيقل تأثيرها.

عمان - تمثل العشائر ركيزة أساسية في النظام السياسي والاجتماعي في الأردن، إذ لعبت دورا أساسيا ومؤثرا في مختلف المحطات التي مرت بها المملكة. ويعد الطابع العشائري السمة الأبرز في الحملات الانتخابية، خصوصا مع اقتراب موعد الترشح للبرلمان نهاية يوليو/تموز الجاري، مع توجه لتحجيم دور العشائر مقابل الأحزاب السياسية.

ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات المنتظرة في سبتمبر/أيلول المقبل بتطبيق قانون جديد خصص للأحزاب 41 مقعداً في مجلس النواب من أصل 138.

ويشهد الأردن منذ عام 2021 مسارا هاما لتحديث المنظومة السياسية، إذ قرر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني تشكيل لجنة مكلفة باقتراح تغييرات في شكل الحياة السياسية بهدف تعزيز المشاركة الشعبية وتطوير الحياة السياسية وتوسيع قاعدة التمثيل وتحقيق التوازن بين السلطات.

وفي يناير/كانون الثاني 2022، أقر البرلمان 26 تعديلا على الدستور من أصل 30 اقترحتهم اللجنة على قانوني الانتخاب والأحزاب.

تساؤلات عن جدوى وجود الأحزاب في ظل لجوء عدد منهم للعشائر لمساعدتهم على ترويج أنفسهم في حين أن قوتهم يجب أن تكون في برامجهم على الساحة الانتخابية

وتضمنت التعديلات تخصيص 41 مقعدا برلمانيا من أصل 138 لقوائم الأحزاب في انتخابات مجلس النواب المقبلة، على أن يرتفع العدد المخصص للأحزاب تدريجيا خلال الدورات الانتخابية اللاحقة حتى يصل إلى ما يعادل 65 بالمائة من إجمالي المقاعد بعد 12 عاما بما يُتيح في نهاية المطاف تشكيل حكومة برلمانية.

وفي انتخابات البرلمان الأخيرة التي شهدها الأردن عام 2020، اقتصرت أعداد مقاعد الأحزاب على 12 مقعدا من أصل 130، رغم مشاركتها الواسعة بواقع 47 حزبا من أصل 48 آنذاك فيما عددها الحالي 38 حزبا.

ويطرح الشارع الأردني تساؤلات عن جدوى وجود الأحزاب، في ظل لجوء عدد منهم للعشائر لمساعدتهم على ترويج أنفسهم، معتبرين أن قوتهم يجب أن تكون في برامجهم على الساحة الانتخابية.

وقال عامر بني عامر مدير مركز "راصد" المشرف على رقابة الانتخابات وأداء الحكومة والبرلمان إن "العشائرية في الأردن مبنية على نظام اجتماعي، وهذا له امتداد تاريخي"، مضيفا "لا قانون انتخاب يستطيع أن يحجمها من حيث إطارها الاجتماعي ومكانتها".

وأوضح بني عامر الذي انتخب مؤخرا عضوا في الشبكة العالمية لمراقبي الانتخابات، أن "هناك ما يسمى بالتدخل الانتخابي للعشائرية، وباعتقادي أنه جاء ونشأ واستمر لضعف الأحزاب السياسية"، متابعا "بما أن قانوني الانتخاب والأحزاب الجديدين يشجعان على العمل الحزبي فإنه كلما اتسعت رقعة الأحزاب السياسية سيقل تأثير العشائر على الانتخابات، ولكن ذلك يحتاج إلى وقت".

 وبشأن الانتخابات القادمة قال "سنرى مرشحين للعشيرة ضمن أحزاب مختلفة، وهذا سيؤدي إلى ضعف تأثيرها الانتخابي، وهو ما يؤسس إلى دور سياسي أقل للعشائرية لصالح الأحزاب السياسية"، معتبرا أن التحول قد بدأ، قائلا "نحن اليوم نرصد في كافة المحافظات وجود مرشحين في العشيرة نفسها لصالح الأحزاب ما يدل على أنها بدأت تتلمس طريقها". كما توقع  أن تسيطر 6 كتل حزبية على الأقل على البرلمان القادم وبالتالي سيتجاوز الحد المخصص للأحزاب داخل البرلمان، بنسبة ستفوق 50 بالمئة من العدد الإجمالي.

وفي أبريل/نيسان الماضي أصدر العاهل الأردني مرسوما ملكيا بإجراء انتخابات لاختيار مجلس نواب جديد مع انقضاء مدة المجلس الحالي وهي 4 سنوات منذ انتخابه في 2020. فيما حددت هيئة الانتخابات الأردنية يوم العاشر من سبتمبر/أيلول المقبل موعد اقتراع لانتخاب مجلس نواب جديد بالبلاد.

من جانبه قال رئيس قسم الإعلام والدراسات الاستراتيجية في جامعة الحسين بن طلال عيسى الشلبي إن "الأحزاب الأردنية بدأت بتحرك انتخابي ملحوظ، خاصة بعد إعلان الملك عبدالله الثاني عن إجراء الانتخابات من شمال المملكة إلى جنوبها، بحثاً عن المؤيدين والمؤازرين والمنتمين لهم وفق برامج قد لا تكون مقنعة إلى حد ما في هذه المرحلة، خاصة أنها مرحلة جديدة على المجتمع".

وأضاف الشلبي "لا نرى أن هناك قناعات للعديد من أبناء المجتمع الأردني في فكرة الأحزاب وبرامجها في وقتها الحالي"، لافتا الى أن العشائرية هي من تدعمها بشكل يكاد خجولا، ويتجلى ذلك في عدد المنتسبين اليها مقارنة بعدد أبناء العشائر الأردنية"، مستبعدا أن يتم إلغاء مفهوم العشائرية بالانتخابات.

وبحسب تصريح سابق لوزير الشؤون السياسة والبرلمانية حديثة الخريشة فإن عدد المنتسبين للأحزاب تجاوز 64 ألفا بموجب إحصائيات الهيئة المستقلة للانتخاب. وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات مجلس النواب الأخيرة عام 2020، 29.9 بالمئة بواقع مليون و387 ألفا و698 من أصل 4 ملايين و640 ألفا و643 ناخبا.