قانون قيصر يهوي بالليرة السورية الى مستوى تاريخي

العملة السورية تتخطى عتبة 2300 مقابل الدولار قبل بدء تطبيق العقوبات المالية ضمن القانون الاميركي الجديد.
قانون قيصر يفرض قيوداً مالية على سوريا، بما فيها وقف مساعدات إعادة الإعمار
ارتفاع الأسعار يهدّد بدفع مزيد من السوريين الى الجوع والفقر وتآكل القدرة الشرائية
العقوبات الجديدة تشمل الحكومات والشركات التي تتعامل مع دمشق وبينها شركات روسية

بيروت - سجّلت الليرة السورية تدهوراً قياسياً في قيمتها في السوق الموازية السبت لتتخطى عتبة 2300 مقابل الدولار، وفق ما قال تجار ومحللون، في انخفاض يسبق قرب تطبيق عقوبات أميركية جديدة عبر قانون قيصر.
وبينما سعر الصرف الرسمي يعادل 700 ليرة مقابل الدولار، تشهد الليرة منذ أيام انخفاضاَ غير مسبوق. وأكّد ثلاثة تجار في دمشق لوكالة الصحافة الفرنسية أن سعر صرف الدولار في السوق الموازية تجاوز 2300 ليرة السبت "لأول مرة في تاريخه".
وتشهد سوريا بعد تسع سنوات من الحرب أزمة اقتصادية خانقة فاقمتها مؤخراً تدابير التصدي لوباء كوفيد-19. كما زاد الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور، حيث يودع سوريون كثر أموالهم، الوضع سوءاً في سوريا.
وأوضح محللان أنّ المخاوف من تداعيات بدء تطبيق قانون قيصر في 17 حزيران/يونيو، والذي يفرض عقوبات على المتعاونين مع دمشق، يعدّ سبباً إضافياً في تراجع قيمة الليرة.
وقال الخبير الاقتصادي والباحث لدى "تشاثام هاوس" زكي محشي إنّ الشركات الأجنبية، بينها الروسية، اختارت أساساً عدم المخاطرة. ولفت إلى أنّ تحويل الأموال يحتاج أسبوعين إلى ثلاثة، "ما يعني أنّ التحويلات التي تحصل اليوم ستُدفع بعد 17 حزيران/يونيو".
وتوقّع مدير برنامج سوريا في مجموعة الأزمات الدولية هايكو ويمن أنّه مع دخول العقوبات حيّز التنفيذ، "سيصبح التعامل مع سوريا أكثر صعوبة ومحفوفاً بالمخاطر".

أزمة رامي مخلوف تخيف الأثرياء ويشعرون أنه لا أحد بأمان

ويفرض قانون قيصر، الذي ندّدت دمشق به الأربعاء، قيوداً مالية على سوريا، بما في ذلك وقف مساعدات إعادة الإعمار. ويفرض عقوبات على الحكومات والشركات التي تتعامل مع دمشق وبينها شركات روسية.
وبحسب الباحثين، فإن لصراع رجل الأعمال البارز رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد وأحد أعمدة نظامه اقتصادياً، مع السلطات تداعيات سلبية على عامل الثقة.
وقال ويمن إن أزمة مخلوف، الذي يملك أكبر شركة اتصالات في سوريا ومنعته السلطات مؤخراً من السفر وحجزت احتياطاً على أمواله "تخيف الأثرياء". وأضاف "يشعرون أنه لا أحد بأمان".
وحذّر محشي من أن انخفاض قيمة الليرة، وما ينتج عن ذلك من ارتفاع في الأسعار، سيكون له تداعيات "كارثية" على السوريين.
ويعيش غالبية السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، بينما تضاعفت أسعار السلع في أنحاء البلاد خلال العام الأخير.
وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي جيسيكا لاوسون إنّ أي انخفاض إضافي في قيمة الليرة سينعكس ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية الرئيسية التي يتمّ استيرادها كالأرز والباستا والعدس.
ونبّهت إلى أنّ ارتفاع الأسعار "يهدّد بدفع مزيد من السوريين الى الجوع والفقر وانعدام الأمن الغذائي فيما القدرة الشرائية تتآكل باستمرار".
وحذّر مصرف سوريا المركزي الشهر الماضي في بيان من أنّه "لن يتوانى عن اتخاذ أي إجراء بحق أي متلاعب بالليرة السورية سواء من المؤسسات أو الشركات أو الأفراد"، مؤكداً عزمه اتخاذ "كافة الإجراءات الكفيلة باستعادة ضبط أسعار الصرف".
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ العام 2011، تسبّب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.