قتيلان خلال محاولة فض إعتصام أمام مقر الجيش السوداني

لجنة أطباء السودان المركزية تتهم الأجهزة الأمنية بالغدر بالمعتصمين وذلك باستخدام الرصاص الحي وعدد من الأسلحة الخفيفة وتؤكد سقوط جرحى في صفوف المتظاهرين والجنود.
المتظاهران قتلا جراء طلق ناري بالصدر
بعض المصابين من الجيش والشرطة حالتهم حرجة
جنود يحرسون وزارة الدفاع يحاولون حماية المتظاهرين
وفاة مواطن متأثراً بجراحه نتيجة لتعرضه للضرب والتعذيب من قبل الأمن

الخرطوم - قالت لجنة طبية نقابية تابعة للمعارضة السودانية إن اثنين من المحتجين قتلا الثلاثاء خلال محاولة قوات أمنية فض الاعتصام أمام مقر الجيش بالخرطوم.
جاء ذلك في بيان نشرته "لجنة أطباء السودان المركزية" عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، فيما لم يصدر أي تعقيب سوداني رسمي بهذا الخصوص حتى الساعة 6:00 بتوقيت غرينتش.
وقالت اللجنة المنضوية في "تجمع المهنيين السودانيين"، وهو الجهة الأبرز التي تقود الاحتجاجات: "في وقت باكر من صباح اليوم غدرت الأجهزة الأمنية بالمعتصمين أمام قيادة الجيش مستخدمة الرصاص الحي وعدد من الأسلحة الخفيفة؛ ونتيجة لذلك ارتقى روح شهيدين".
وأضافت أن المحتجين "قتلا جراء طلق ناري بالصدر"، وأحدهما يدعى "النذير عبد الباقي" بينما الثاني مجهول الهوية.
وأشارت اللجنة إلى إصابة العديد من المعتصمين ومنسوبي الجيش (دون ذكر عدد)، وبعضهم حالته "حرجة".

وأظهر بث مباشر لتلفزيون الحدث سماع دوي إطلاق نار كثيف خلال احتجاج خارج مقر وزارة الدفاع في الخرطوم فيما قال نشطاء في بيان إن قوات الأمن تحاول تفريقهم بالقوة.

وجاء في البيان الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي أن جنود الجيش الذين يحرسون الوزارة يحاولون حماية المتظاهرين.

وفي وقت سابق من فجر الثلاثاء، حاولت قوات أمنية فض اعتصام الآلاف أمام مقر الجيش السوداني بالخرطوم.
وقال "تجمع المهنيين السودانيين" إن "قوات من الجيش السوداني تصدت للقوات الأمنية التي هاجمت المعتصمين بالرصاص والمئات من قنابل الغاز المسيل للدموع".

وقال شاهد موجود بالقرب من موقع التظاهرة إنّ "عناصر الأمن يُطلقون الغاز المسيّل للدّموع. أستطيع أن أرى متظاهرين يكحّون ويغطّون وجوههم بأيديهم وبأقنعة طبية".

وأضاف "يمكنني أيضاً سماع طلقات ناريّة، ولكن من غير الواضح مَن يُطلِق النار".

عناصر الأمن يُطلقون الغاز المسيّل للدّموع أستطيع أن أرى متظاهرين يكحّون ويغطّون وجوههم بأيديهم وبأقنعة طبية

وأعلن مصدر طبي سوداني، الاثنين، عن مقتل إثنين (مدني وعسكري) في الاحتجاجات بالعاصمة الخرطوم.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان اليوم الاثنين إن "سامي شيخ الدين من منسوبي القوات المسلحة توفى متأثراً بجراحه "أثناء محاولته الدفاع عن المعتصمين بعد تبادل لإطلاق النار مع قوات أمنية".
وأضاف البيان أن "المواطن إبراهيم عثمان (55 عاماً) توفي متأثراً بجراحه نتيجة لتعرضه للضرب والتعذيب من قبل الأمن".
وقال تجمع المهنيين السودانيين المعارض الاثنين في بيان عبر فيسبوك أن "عشرات من قوات الأمن تتجمع بالقرب من قيادة الجيش لفض الاعتصام مستخدمة كل أنواع القمع". وأضاف أن "وحدات وطنية من قوات الشعب المسلحة تصدت لمحاولة القوات الأمنية اقتحام شارع القيادة من عدة اتجاهات وفض الاعتصام بالقوة".
فيما أفاد شهود عيان أن مناشدة تجمع المهنيين للمتظاهرين بالتوجه إلى مقر قيادة الجيش لمساندة المعتصمين أدت إلى وصول المئات إلى مكان الاعتصام.

وانتشرت قوات الجيش السوداني الاثنين في محيط مقر القيادة العامة في الخرطوم، فأغلقت طرقا عدة مؤدية إلى المجمع المحصّن الذي يعتصم متظاهرون مناهضون للرئيس عمر البشير أمامه منذ ثلاثة أيام، بحسب ما أفاد شهود.
وقال شهود إن قوات الأمن السودانية حاولت فض اعتصام آلاف المتظاهرين أمام مبنى وزارة الدفاع بوسط العاصمة الخرطوم. وأضافوا إن قوات أمن على شاحنات صغيرة أطلقت الغاز المسيل للدموع بكثافة لدى توجهها صوب الاعتصام في حين قال شاهد طلب عدم الكشف عن هويته "بدأت قوات الأمن بعد ذلك إطلاق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين".
وشعر سكان حي راق في الخرطوم يقع على بعد نحو خمسة كيلومترات من المجمع الذي يضم وزارة الدفاع ومقر إقامة البشير، بانتشار الغاز المسيل.
وقال أحد السكان "خرجت إلى شرفة منزلي وسمعت صوت إطلاق عبوات الغاز وكان بإمكاني الشعور به في الهواء".
وبعد ساعات، أطلق عناصر الأمن الغاز المسيل للدموع مجددا على المتظاهرين، وفق شهود.

وقطعت السلطات السودانية الأحد الكهرباء في كامل البلاد كما لجأت إلى حظر أغلب مواقع التواصل الاجتماعي في خطوة تصعيدية من قبل النظام ضد استئناف المتظاهرين احتجاجاتهم في الخرطوم.
وقال الشهود إن الجنود نصبوا حواجز في الشوارع القريبة من المجمع الذي يضم وزارة الدفاع ومقر إقامة البشير لمنع السيارات من الاقتراب
وأعلنت وزارة الموارد المائية والري والكهرباء عن انقطاع كامل للكهرباء في السودان الأحد دون تقديم تفسيرات، لكن قالت في بيان "بدأ المهندسون والفنيون في إعادة تشغيل المحطات وتغذية الشبكة... تفاصيل أوفى لاحقا".
كما حجبت الحكومة ظهر الأحد مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، في خطوة تعد الثانية من نوعها منذ اندلاع التظاهرات في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي .
وفشل السودانيون ظهر الأحد في التواصل عبر مواقع واتساب وفيسبوك وتوتير بسبب حجبها ولجأ كثيرون لخدمات كسر الحظر الموجودة بالجوالات الحديثة.
وكانت الحكومة السودانية حجبت مواقع التواصل الاجتماعي في المرة الأولى لنحو شهرين، مع اندلاع التظاهرات في عدد من مدن السودان في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قبل أن تلغي الحظر.
وتجمّع آلاف السودانيين لليوم الثاني على التوالي الأحد خارج مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم مرددين شعارات مناهضة لحكومة الرئيس عمر البشير ومطالبين الجيش باتّخاذ موقف من الاحتجاجات المتواصلة منذ اربعة أشهر.
وهتف المتظاهرون الذين قضى العديد منهم ليلته خارج المجمع المحصّن الذي يضم وزارة الدفاع ومقر إقامة البشير "سلام، عدالة، حرية" و"السودان يتحرر، الجيش يتحرر".
وقال المتظاهر أسامة أحمد الذي قضى ليلته خارج المجمع "بعد ما قمنا به بالأمس، لن نغادر هذا المكان حتى ننجز مهمتنا". وأضاف متحدثا عن البشير "لن نغادر المكان حتى يستقيل".
وأغلق بعض المتظاهرين بصخور جسرا قريبا يربط الخرطوم بحي بحري، ما تسبب باختناقات مرورية ضخمة، وفق شهود.
وقال شهود إن شركات خاصة عدة أعلنت الأحد يوم عطلة، ونظمت شركات أخرى عمليات إيصال الماء والوجبات الخفيفة إلى المتظاهرين.
كما اعتقلت قوات الأمن الأحد مدير تحرير صحيفة "الصيحة" السودانية أبو عبيدة عبدالله من مقر الصحيفة في الخرطوم واقتادته إلى مكان غير معلوم، بحسب شهود عيان.

المحتجون في السودان
المحتجون يدعون الجيش لحمايتهم

وشارك الآلاف السبت في أكبر مسيرة مناهضة للحكومة منذ اندلعت الحركة الاحتجاجية في كانون الأول/ديسمبر، وصلوا خلالها للمرة الأولى إلى مقر القيادة العامة للجيش.
ولم يتدخل الجيش لكن عناصر شرطة مكافحة الشغب الذين انتشروا قرب المجمع أطلقوا الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين لتفريقهم بينما رد البعض بإلقاء الحجارة، وفق شهود عيان.
وفي مسيرة منفصلة السبت، قتل متظاهر في مدينة أم درمان، بحسب الشرطة.
وأفاد مسؤولون أن 32 شخصا قتلوا في أعمال عنف على صلة بالتظاهرات منذ اندلاعها في 19 كانون الأول/ديسمبر عقب قرار الحكومة رفع أسعار الخبز بثلاثة أضعاف. وتقدر منظمة هيومن رايتس ووتش من جهتها عدد القتلى بـ51 بينهم أطفال وموظفون في قطاع الصحة.
وسرعان ما تصاعدت وتيرة التحرك ليتحول إلى مسيرات في أنحاء البلاد ضد حكومة البشير التي يتّهمها المتظاهرون بسوء إدارة اقتصاد البلاد الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء في ظل النقص في الوقود والعملات الأجنبية.
وأقر البشير بأن المخاوف الاقتصادية التي تحدث عنها المتظاهرون مشروعة، إلا أنه فرض حالة الطوارئ بتاريخ 22 شباط/فبراير بعدما فشلت الحملة الأمنية للسلطات في البداية في ثني المتظاهرين عن الخروج إلى الشوارع.

واختار منظمو التظاهرات تاريخ 6 نيسان/أبريل للدعوة للاحتجاجات لإحياء ذكرى انتفاضة العام 1985 التي أطاحت بنظام الرئيس آنذاك جعفر النميري.
وكان منظّمو التظاهرات بقيادة "تجمّع المهنيين السودانيين" أعلنوا في وقت سابق أنّ المحتجّين سيخرجون السّبت لمطالبة المؤسّسة العسكرية باتّخاذ موقف إمّا مع الشعب أو مع النظام السوداني.
وقاد الحركة الاحتجاجّية في البداية "تجمّع المهنيّين السودانيّين"، لكنّ أحزابًا سياسيّة عدّة بينها حزب الأمّة المعارض الأبرز، رمت بثقلها لاحقا.
ويشير محلّلون إلى أنّ الحركة تحوّلت إلى أكبر تهديد يُواجه البشير.
وفي 22 شباط/فبراير، فرض البشير حال الطوارئ في أنحاء البلاد لمواجهة الاحتجاجات، بعدما فشلت حملة أمنيّة نفّذتها السُلطات في ثني المتظاهرين عن الخروج إلى الشوارع.
ومنذ دخول حال الطوارئ حيّز التنفيذ، اقتصرت التظاهرات بمعظمها على العاصمة ومدينة أمّ درمان، لكنّ المنظّمين دعوا إلى مسيرات واسعة وإلى التحرّك نحو مقرّ الجيش السّبت