قدرية الجهل.. عند بعض الجماعات الإسلامية

شكري مصطفى في كتاب الخلافة قد قرر هناك بشكل واضح أن الأمة الإسلامية حسب رؤيته قد قدر عليها الجهل وبما أننا كما يرى هو في المرحلة المكية أو مرحلة الاستضعاف فيجب أن نمارس هذه المرحلة كما مارسها صحابة الرسول في مكة.

بقلم: ناصر الحزيمي

جاء في محاضر محاكمة شكري مصطفى في قضية قتل الشيخ الذهبي ويتضمن رأي شكري مصطفى في العلم والمعرفة. حيث سألته رئاسة المحكمة عن تعليم الجماعة (جماعة التكفير والهجرة):

  • س: هل أمرت أحدا من جماعتك بترك كليته أو مدرسته؟
  • ج: نعم ولا ريب وباقتناعه... إن أمة الإسلام وهي خير أمة أخرجت للناس إنما هي أمة لا تكتب ولا تحسب، وأن يحرم تعلم الكتابة في الجماعة المسلمة إلا بقدر الحاجة العلمية والواقعية لما يتصل بالكتابة من حيث مصلحة تلك الجماعة، وأن تعلم الكتابة لذاته حرام.
  • س: وما قولك في قوله تعالى "الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم" وقوله "لتعلموا عدد السنين والحساب" وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل الفداء من الأسرى بتعليم المسلمين الكتابة بدلا من الفداء بالمال؟
  • ج: تعلم الكتابة لذاته حرام، وأحد سمات أمة المسلمين أنها لا تحسب ولا تكتب.

هذا الكلام هو ملخص مجمل رأي شكري مصطفى مهندس الزراعة الذي سجن في بداية الستينات مع مجموعة سيد قطب أو المجموعة القطبية. حيث كان في زنزانة واحدة مع محمد قطب ومحمد بديع وغيرهما ممن صنفوا بعد ذلك بالقطبيين.

وقد أفاض شكري مصطفى في هذه المسألة في كتاب الخلافة، والذي وصل لنا مكتوبا بخط اليد بسبب تحريمهم التعامل مع المخترعات العصرية.

ما أريد قوله أن شكري مصطفى في كتاب الخلافة قد قرر هناك بشكل واضح أن الأمة الإسلامية حسب رؤيته قد قدر عليها الجهل، وبما أننا كما يرى هو في المرحلة المكية أو مرحلة الاستضعاف فيجب أن نمارس هذه المرحلة كما مارسها صحابة الرسول في مكة و يجب ألا يساهم الكادر المنتمي (لجماعة المسلمين) (التكفير والهجرة) بأي مسعى يساهم في نهوض و تقدم المجتمع لذلك أفتى شكري مصطفى جماعته بعدم جواز العمل في أي منحى من مناحي الحياة من الممكن أن يرتقي المجتمع من خلاله، وأنا هنا لا أتحدث عن العمل الحكومي الذي هو محرم أصلا عندهم، وإنما أتحدث عن أعمال أهلية مثل البناء والتعليم والصحة والتجارة إلا في حدود ضيقة جدا، فقد أجاز شكري مصطفى لكوادره أن يعملوا في بيع الفصفص أو البسبوسة وذلك لأن هذه الأعمال لا تساهم في رقي الأمم و الغريب أن شكري مصطفى قد أجاز التعامل مع معمر القذافي في تلك الفترة ونفذ لصالح معمر القذافي عدة عمليات إرهابية، ومن المهم أن نعلم أن هذه الجماعة كانت متمسكة بشكل ظاهري صرف بالقرآن الكريم، وأحاديث السنة، وآراء سيد قطب في كتاب معالم في الطريق، وفي كتاب في ظلال القرآن.

كما أن جماعة التكفير والهجرة كانوا لا يرون الصلاة في جميع المساجد ما عدا المسجد الحرام ومسجد المدينة المنورة ومسجد قباء والمسجد الأقصى وما عدا هذه المساجد فشكري مصطفى يتوقف عن الحكم حولها، حتى يتبين له أنه مسجد أسس على التقوى، وكان يرى أن صلاة الجمعة غير واجبة عليه بسبب أنه في مرحلة الاستضعاف لهذا لم يكونوا يقيمون صلاة الجمعة المعروفة، وكما نعلم أن هذا الرأي كان يقول به سيد قطب.

فسيد قطب يرى أن المرحلة مرحلة استضعاف وأن مرحلة التمكين لم يحن موعدها بعد. وهنا أمر غريب فرؤية شكري مصطفى عن الوصول إلى مرحلة التمكين تختلف عن رؤية مرحلة سيد قطب، فسيد قطب كان يرى الوصول إلى مرحلة التمكين لا تتم إلا من خلال الانقلاب المسلح.

أما شكري مصطفى فلا يرى الوصول إلى مرحلة التمكين من خلال انقلاب بل كان ضد الانقلابات والتحزبات ذات الطابع السياسي الصرف، إلا أنه يمكن أن يمارس العنف في حال تعرضت المجموعة المؤمنة لخطر التهديد، كما أنهم يرون ممارسة العنف لإزالة منكر معين أو عدو ضد الجماعة. كما حدث في التفجيرات التي قامت بها الجماعة لصالح القذافي أو محاولتهم اغتيال حسن هلاوي وأخيه ونجاحهم بعد ذلك في اغتيال الشيخ الذهبي.

كما قلت في مقدمة هذه المقالة إن شكري مصطفى قد أكد بشكل مطول على أن هذه الأمة مقدر عليها الجهل. وهذا الرأي من أغرب الآراء التي مرت على فأنا لا أذكر أن هنالك أحدا قد ربط عدم المعرفة في المراحل المبكرة من الإسلام بالقدر.

كاتب سعودي