قصائد الحب وصورة الفقد تأثث بيت الشعر بالشارقة

منتدى الثلاثاء الشعري يستضيف الشعراء ناشد عوض وراد خضر وعبد الله عبد الصبور بحضور مدير البيت الشاعر محمد عبدالله البريكي وجمهور نوعي من المهتمين.

في إطار فعاليات منتدى الثلاثاء الذي يحتفي بالقصيدة والإبداع، نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية يوم الثلاثاء شارك فيها كل من الشعراء: د. ناشد عوض، وراد خضر، وعبد الله عبد الصبور، بحضور الشاعر محمد عبد الله البريكي مدير البيت، وجمهور غفير من النقاد والشعراء ومحبي الجمال، الذين تفاعلوا مع النصوص وصفقوا لها

قدم الأمسية الفنان لؤي شانا، الذي رفع أسمى آيات الشكر والعرفان إلـى صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ثم رحب بالحاضرين قائلا: " لم يتفق أحد على تعريف الشعر، لكنه حين يرى هذا الحضور الذي يملأ قاعات المكان، يعرف أن الشعر حياة، وأن أبيات الشاعر حين تمر على الآذان شجية عذبة، لا تتوقف إلا حين تفتح أبواب الوجدان، فتحرك الساكن، وتهز الأماكن".

افتتح القراءات الشاعر الدكتور ناشد عوض، الذي حملت قصائده دلالات وصورا شعرية عميقة، إذ تنوعت مواضيع نصوصه بين عاطفة الحب والغوص في ذات الشاعر وعلاقته بالكتابة، ففي قصيدته التي حملت عنوان "تَشْتَقُّهُ لُغَةٌ" يقول:

"هُنَاكَ يَحْفَلُ بِالْشَّمسِ الَّتي اقْتَرَحَتْ

فِيهِ السِّنِينَ فَخَطَّ الضَّوءَ وَانْتَشَرَا

يَنْدِي الوُرُودَ ويُهْدِي الرِّيحَ رَعْشَتَه

ومَا أَطَلَّ وَلَكِنْ مَا اِرْتَآهُ يُرَىٰ

هُنَاكَ لِلْفِكَرِ اللَّائِي اِنْفَرَطْنَ بِهِ

أَغْرَى الخَيَالَ فَشَادَ اللَّيْلَ وانْتَظَرَا

هُنَاكَ يَسْبَحُ فِي أفْلَاكِ دَهْشَتِهِ

لكِنَّهَ الآنَ لَا يَسْتَغْرِقُ الصُّوَرَا".

أما في قصيدة "سر حيث أنت"، فيقدم الشاعر حوارية عاطفية رقيقة، تمتزج فيها الأسئلة والأجوبة الروحية، إذ يقول:

" تقولُ هذا سَبيلِي " قُلْتُ : " مُنْعَطَفِي "

نِصْفُ الطَّريقِ أتَى، والنِّصفُ لمْ يَقِفِ

لِي وُجْهتَانِ ، وبِي خَطْوٌ يُحذِّرُنِي

 مِمَّا هناكَ ، وخطْوٌ قالَ لَا تَخَفِ

"مَاذَا نَوْيْتَ " سَلِي النِّسيانَ " قُلْتُ لها ؛

إنِّي المُوَارَبُ بِالذَّكرىٰ فَوَا أَسَفِي

قَالتْ : "ستلْقَفُ آلامًا وتَعْبُرُها " 

لكِنْ عليكَ سَيطْغَىٰ الوجْدُ قُلتُ: "صِفِي". 

 بعد ذلك، قدمت الشاعرة وراد نصوصا ذات طابع غزلي وإنساني، سبرت فيها أعماق العواطف والأحاسيس، ففي نصها "ما بيننا" تجعل من الشعر رفيقا للحب، فتقول:

"بيني وبينك لهفة و حنين

وقصيدة تختالُ حين نكون

تمشي الهوينى بيننا وكأنها

ليلى وأن خيالَنا المجنونُ

ولك القصيدة لن أبوح بسرّها

حسبي بأنّ حنينها موزون

راودت شعرك في جموح قصائدي

لكن بحري في هواك رزين".

ثم قرأت قصيدة أخرى بعنوان " عصفورة الشعر" تطرقت فيها إلى موضوع علاقتها بالكتابة والشعر، فتقول:

"عصفورة غضّ الخيالِ جناحُها

والدرب عاتيةُ الهبوبِ رياحُها

ناحت على الأغصان ثم تساءلت

 هل يفتح القفصَ الخفيّ نواحُها

في رحلة التحليق سرب قصائدٍ

لكنّ  بعداً  آخراً  يجتاحُها

مرّت على الآفاق قاب مذنّب

مذ صدّقت أنّ المدى ملاحُها".

واختتمت القراءات مع الشاعر عبد الله عبد الصبور، الذي انتهجت نصوصه منحى إنسانيا، ففي قصيدته التي حملت عنوان "إلى روح أبي" رسم بكلماته صورة فقد الآباء وحزن فراقهم واستعادة ذكراهم، فظهرت فيها معاني الوفاء والعرفان وتبجيل عاطفة الأبوة، إذ يقول:

"إِلَى شَاعِرٍ لَمْ يَطْرُقِ الحَظُّ بَابَهُ

                 وَلَا قَرَأَ التَّارِيخُ يَوْمًا كِتَابَهُ

عَلَى أَرْضِهِ نَادَى السَّحَابَ وَلَمْ يَجِئْ

                 فَأَلَّفَ بَيْنَ العَالَمِينَ سَحَابَهُ

وَخَطَّطَ أَنْهَارًا عَلَى شَكْلِ قَلْبِهِ

                 وَحَاكَ مِن الصَّبْرِ الجَمِيلِ ثِيَابَهُ

وَغَمَّسَ فِي شَمْسِ (الصَّعِيدِ) اسْمِرَارَهُ

                 وَشَكَّلَ مِنْ طِينِ الجَنُوبِ قِبَابَهُ".

أما في قصيدته "غابة الحظ" فتناول موضوع "الغربة" وتأثيراتها النفسية المؤلمة، ووصف ببلاغة آلامها وصعابها، ومما جاء فيها:

وَمَرَّ فِي غَابَةٍ لِلحَظِّ مَنْطِقُهَا 

        لَا يَعْرِفُ الفَرْقَ مَن مَاتُوا وَمَنْ وُلِدُوا

فِي غَابَةِ الحَظِّ أَرْضٌ فِي مَكَانِ سَمَا                                     

        وَكُلُّ شَكٍّ بِرَأْسِ النَّاسِ مُعْتَقَدُ

فِيهَا مَشَى نَحْوَ ضَوْءٍ جَارِفٍ فَدَنَا

        بِسُرْعَةٍ، فَجْأَةً... مُدَّتْ إِلِيهِ يَدُ

وَطَوَّقَتْهُ حَياةٌ حِضنُها يَبَسٌ                                                  

حَمَّالَةٌ حَطَبًا، فِي جِيدِهَا مَسَدُ".