قصة الاستعمار الاستيطاني والمقاومة في فلسطين

كتاب المؤرخ الفلسطيني الأميركي رشيد الخالدي يشكل فرصة للمساءلة والمراجعة للواقع المعقد الذي آلت إليه القضية الفلسطينية.
ترامب: رفَعنا القدس عن طاولة المفاوضات، ولا يجب علينا الحديث عنها بعد الآن
ستِّ نقاطِ تَحَوّلٍ في الصراع على فلسطين. تبدأ بوعد بلفور سنة 1917 

بيروت ـ يُشكل كتاب "حرب المئة عام على فلسطين: قصة الاستعمار الاستيطاني والمقاومة 1917-2017" لمؤلفه المؤرخ الفلسطيني الأميركي رشيد الخالدي، فرصة للمساءلة والمراجعة للواقع المعقد الذي آلت إليه القضية الفلسطينية في مختلف أبعاده وجوانبه بعد قرن من الحرب على الفلسطينيين انتهت باعتراف دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل قائلاً: "رفَعنا القدس عن طاولة المفاوضات، ولا يجب علينا الحديث عنها بعد الآن".
يُركز رشيد الخالدي في كتابه على ستِّ نقاطِ تَحَوّلٍ في الصراع على فلسطين. تبدأ هذه الأحداث الستة بوعد بلفور سنة 1917 الذي حدَّد مصير فلسطين، إلى حصار إسرائيل لغزة وحروبها المتكررة على أهل غزة في العَقد الأول من القرن الحادي والعشرين. تُسَلِّطُ هذه المراحلُ الضوءَ على الطبيعة الاستعمارية لحرب المئة عام على فلسطين، وعلى دَور القوى الخارجية الذي لا يمكن الاستغناء عنه في شَنِّ هذه الحرب. 
يسرد المؤلف "قصة حرب المئة عام الأصلية" بشكل جزئي من خلال تجارب فلسطينيين عاشوا تلك الحرب ويَنتمي كثيرٌ منهم إلى عائلته، الذين كانوا موجودين خلال بعض المراحل المذكورة. وقد أضاف ذكرياته الخاصة عن أحداث شَهدها بنفسه وكذلك مواد "وثائق" امتلكها وبعض العائلات بالإضافة إلى شهود عَيان متنوعين. وكان هَدَفه من كل ذلك السَّرد هو توضيح رؤيته التي يقول فيها: بأنّه يجب رؤية هذا الصراع بشكلٍ مختلف تماماً عن أغلب الروايات السائدة (...) التي رويَتْ فيها قصةُ فلسطين في معظم ما كُتِبَ عنها.
قَدَّم المؤلف لكتابه بتعريف يقول فيه: إن هذا الكتاب ليس "تَصَوُّراً باكياً" لمئة سنة مَضَتْ من تاريخ فلسطين، اقتباساً من النقد الرائع الذي كَتَبَهُ المؤرخُ الكبير سالو بارون Salo Baron عن روح الكتابات التاريخية اليهودية في القرن التاسع عشر. اتُهِمَ الفلسطينيون من طرفِ المتعاطِفين مع الذين اضطهَدوهم بأنهم منغمسون في الشعور بأنهم ضحايا. وفي الحقيقة، فقد واجه الفلسطينيون ظروفاً شاقة بل ومستحيلة أحياناً، مَثَلُهُم في ذلك مَثَل جميع السكان المَحَليين الأصليين الذين واجهوا حروباً استعمارية. كما أنهم تعرَّضوا لهزائم متكررة، وكانوا متفرِّقين غالباً ولم تتوفر لهم قيادة جيدة. ولا يعني كل ذلك أن الفلسطينيين لم يَنجَحوا أحياناً في التغلب على هذه المصاعب، أو أنهم في أوقات أخرى لم يتمكنَّوا من اتخاذ قرارات أفضَل. غير أننا لا نستطيع تجاهل القوى الدولية والإمبريالية التي تحالفتْ ضدهم والتي يُهمَلُ ولا يُقدَّرُ مَداها في أغلب الأحيان والتي استطاعوا على الرغم منها إظهار مرونةٍ وصمودٍ يستحق الإشادة. 
ويضيف: أملي أنّ هذا الكتاب سيوضِّح هذا الصمود والمرونة ويُساعد على استرجاع بعض ما تمت تَنحِيَتُهُ وتَجاهله في التاريخ من جهة أولئك الذين يُسيطِرون على كافة فلسطين التاريخية والسَّرد الذي يُحيطُ بها.     
صدر الكتاب عن الدار العربية للعلوم ناشرون، ترجمة د. عامر شيخوني، ومراجعة د. عماد يحيى الفَرَجي، وجاء في 360 صفحة.