قصف تركي عنيف لشمال سوريا ومواقع تحت سيطرة دمشق

تركيا حريصة على استمرار حالة الفوضى والقلاقل باعتبار أن استقرار منطقة شمال سوريا يعني استمرار التمويل" لـ"قسد" و"الوحدات ".
أضرار جسيمة لحقت بمحطات نفط شمال سوريا
الإدارة الذاتية تناشد التحالف الدولي إيقاف العدوان التركي

القامشلي (سوريا) - استهدف قصف تركي لأول مرة مواقع للنظام السوري في مدينة القامشلي ومحيطها الأحد ما أسفر عن وقوع قتلى، وذلك عقب إعلان أنقرة مقتل وإصابة عدة جنود من الجيش التركي، مساء الجمعة، في اشتباكات اندلعت مع مقاتلين لحزب العمال الكردستاني حاولوا التسلل إلى منطقة تضم قاعدة تركية شمالي العراق، ردت تركيا على إثرها بحملة عنيفة.

وقال المكتب الإعلامي لمجلس محافظة الحسكة عبر صفحته الرسمية في فيسبوك، إن طائرة مسيرة تركية استهدفت مفرزة ذبانة مخلفة قتيلين من الأمن العسكري في القامشلي.

وتشهد مناطق شمال وشرق سوريا تصعيدا واسعا بالضربات الجوية من جانب الجيش التركي قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ورغم أن الحالة ليست جديدة وسبق أن استهدفتها مرات عدة، إلا أنها مختلفة هذه المرة إذ تعد الأولى التي تستهدف بها تركيا مواقع تابعة للنظام السوري أو قريبة منه.

وقالت وكالة "هاوار" المقربة من "قسد" التي تسيطر على المنطقة، إن خمسة عناصر من قوات النظام قتلوا نتيجة استهداف طائرة مسيرة تابعة لتركيا مفرزة للأمن العسكري في قرية ذبانة جنوب شرق القامشلي.

وأحصت الإدارة الذاتية في بيان الإثنين انقطاع الكهرباء عن مئات البلدات والقرى وعدد من المدن الرئيسية جراء القصف التركي. وأفادت عن أضرار جسيمة لحقت بمحطات نفط، أخرجت إحداها من الخدمة. وندّدت بالهجمات التي "يشنّها العدوان التركي"، معتبرة أنها "لا تستند على أية مبررات ولا تأخذ بعين الاعتبار أية أعراف وقوانين".

وأحصت الإدارة الذاتية منذ الأحد استهداف ست محطات لتوليد الكهرباء، استهدفت إحداها مرتين، آخرها في مدينة القامشلي حيث شاهد مراسلو فرانس برس رجال إطفاء يعملون على إخماد ألسنة نيران ضخمة اندلعت من منشآت وخزانات داخل المحطة.

الهجمات وضعت في إطار "الدفاع عن النفس"، بعد مقتل تسعة جنود أتراك في هجوم استهدف قاعدة عسكرية تركية في شمال العراق، واتهمت حزب العمال الكردستاني بالوقوف خلفه.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره عن استهداف محطة سابعة في وقت لاحق الإثنين. وكانت بعض تلك المحطات تؤمن حوالي عشر ساعات فقط من التغذية بالتيار الكهربائي، قبل انقطاعها تماماً.

وناشد المسؤول في الإدارة الذاتية ياسر السليمان، دول التحالف الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة، كما روسيا "الوقوف إلى جانب الشعب السوري ومكوناته وإيقاف العدوان التركي على مناطقنا".

وأعلنت وزارة الدفاع التركية السبت والأحد تنفيذها عمليات جوية ضد عشرات "الأهداف الإرهابية" في شمال سوريا وشمال العراق، بينها قواعد ومخازن أسلحة لوحدات حماية الشعب الكردية.

ووضعت الهجمات في إطار "الدفاع عن النفس"، بعد مقتل الجنود الأتراك التسعة في هجوم استهدف قاعدة عسكرية تركية في شمال العراق، واتهمت حزب العمال الكردستاني بالوقوف خلفه.

وتتهم أنقرة قوات "قسد"، التي تقودها الوحدات الكردية وتعد الذراع العسكرية للإدارة الذاتية، بأنها تشكل امتداداً لحزب العمال الذي يخوض تمرداً ضدها منذ عقود. وتصنفه واشنطن وأنقرة على أنه منظمة إرهابية، وهو ما تنفيه "قسد"، رغم إقرار قائدها مظلوم عبدي في وقت سابق بوجود مقاتلين من الحزب ضمن صفوف قواته.

وشنّت تركيا في تشرين الأول/أكتوبر عملية جوية واسعة طالت عشرات المواقع العسكرية ومرافق البنية التحتية في شمال سوريا بعد هجوم استهدف مقر وزارة الداخلية في أنقرة وتبنّاه حزب العمال الكردستاني.

ومنذ تلك الفترة تحولت الضربات الجوية التركية ضد "قسد" إلى مرحلة تصدرها استهداف منشآت الطاقة وحقول تكرير النفط الخام، ومحطات أخرى لتوليد الطاقة.

وبالتوازي مع ذلك، واصل الجيش التركي الإعلان عن استهداف قادة كبار في "وحدات حماية الشعب"، عن طريق الطائرات المسيرة، أو "على يد عملاء ميدانيين"، كما تقول وسائل الإعلام المقربة من الحكومة.

ويرى محللون أن تركيا حريصة على استمرار حالة الفوضى والقلاقل في المنطقة حيث تدرك أن استقرار منطقة شمال سوريا يعني استمرار ديمومة التمويل" لـ"قسد" و"الوحدات"، وهو ما يدفعهم للقصف من أجل قطع الإمداد والتمويل عن منطقة الجبال.
وتريد إرسال رسالة للأطراف المعنية بصراعها مع حزب العمال ولاسيما الولايات المتحدة، بأنها لن تتردد في تصعيد وتيرة مكافحتها.

ومنذ سنوات تسيطر "قسد" على مناطق ومدن حدودية، وتنقسم ما بين شرق نهر الفرات وغربه. وفي الشرق تتصدر مدينة عين العرب (كوباني) مناطق نفوذ القوات الكردية وصولا إلى القامشلي والدرباسية والمالكية في أقصى المثلث الحدودي بين سوريا وتركيا والعراق.

أما في غرب الفرات، فتسيطر "قسد" على مدينة منبج (30 كيلومترا غربا)، الواقعة بريف حلب الشرقي، بالإضافة إلى جيب صغير يضم مناطق تل رفعت، وقرى وبلدات تحاذي منطقة عفرين التي خسرتها في 2018.

وفي حين تبدو هذه المناطق ككتل متباعدة ومتجاورة ضمن نطاق سيطرة "قسد" بالكامل، إلا أنها تشهد انتشارا لقوات أميركية وروسية وأخرى للنظام السوري، مع اختلاف التوزع ما بين شرق نهر الفرات وغربه.

ومنذ العام 2016، نفذت تركيا ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق في سوريا استهدفت بشكل رئيسي المقاتلين الأكراد الذين طالما أعلنت أنقرة سعيها لإبعادهم عن حدودها. وباتت القوات التركية وفصائل سورية موالية تسيطر على شريط حدودي واسع في سوريا.