قصف كركوك وبيجي يترك العراق عرضة لارتدادات توترات المنطقة
كركوك (العراق) - سقط صاروخان مساء الإثنين في الجزء العسكري من مطار كركوك الدولي في شمال العراق، ما تسبّب بإصابة عنصرَي أمن بجروح طفيفة، على ما أفاد مسؤول أمني رفيع، تزامنا مع هجوم بطائرة مسيرة استهدف مصفاة بيجي النفطية في محافظة صلاح الدين.
وتبرز هذه الهجمات المتزامنة التحديات الأمنية المستمرة التي تواجه القوات العراقية في فرض سيادة الدولة، كما تظهر هشاشة الوضع الأمني وتعقيدات المشهد السياسي في البلاد.
ويؤكد هذا الاعتداء، الذي لم تتبنه أي جهة بعد، ارتباط العراق الوثيق بما يجري في محيطه الإقليمي، ما يجعله عرضة لتلقي ارتدادات مختلف الهزات التي تجري ضمن بعض دول ذلك المحيط.
وقال المسؤول طالبا عدم الكشف عن هويته "سقط صاروخان من نوع كاتيوشا محليّا الصنع (...) على الجانب العسكري من مطار كركوك (...) وأدّى انفجار أحدهما إلى إصابة عنصرين أمنيين بجروح طفيفة" فيما لم ينفجر الثاني.
وأضاف أنّ "صاروخا ثالثا سقط على منزل في حيّ العروبة" في مدينة كركوك من دون أن يسفر عن خسائر بشرية.
ويضمّ الجزء العسكري من مطار كركوك الدولي مقارّ للجيش العراقي والشرطة الاتحادية وقوات الحشد الشعبي وهو تحالف فصائل عراقية موالية لطهران باتت منضوية في القوات الرسمية.
ورغم انضواء الحشد الشعبي تظل هناك ميليشيات مسلحة تتحرك بمعزل عن سلطة الدولة، مدفوعة باعتبارات طائفية وأجندات سياسية تتجاوز الحدود الوطنية، فهذه الجماعات ترتبط بعمق بإيران حيث يحتفظ الحرس الثوري بصلات متينة مع قادتها، لدرجة تصل إلى التبعية الكاملة وتنفيذ الأوامر، حتى لو تعارض ذلك مع التوجهات الرسمية للحكومة العراقية.
لقد تجلى هذا الواقع الشاذ بوضوح خلال الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل، عندما تحدت بعض الفصائل سياسة النأي بالنفس التي تبنتها حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وهددت بدخول الحرب على طريقتها الخاصة إلى جانب طهران، مكلّفة العراق ثمنًا باهظًا يتمثل في بقائه دائمًا ضمن دائرة التوتر وعدم الاستقرار، هذا الوضع المعقد يُلقي بظلاله على سيادة العراق ويُعيق جهوده نحو استقرار حقيقي.
وأكّدت إدارة مطار كركوك الدولي في بيان فجر الثلاثاء أن "مفاصل المطار كافة، من المدرج المدني إلى البنى التحتية والمرافق التشغيلية، لم تُسجَّل فيها أية أضرار أو اختلالات فنية"، مشيرة إلى أن "جدول الرحلات يسير بانسيابية تامة وفق التوقيتات المحددة".
ومن ناحيتها، نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن مصدر أمني قوله إنّ "صاروخين سقطا على قاعدة كركوك الجوية" وثالثا على "منزل مواطن" في حي العروبة من دون "تسجيل خسائر بالأرواح والمعدّات".
وتزامن إطلاق صاروخين على مطار كركوك الدولي مع هجوم بطائرة مسيّرة طال مصفاة بيجي النفطية في محافظة صلاح الدين، حيث كشف مصدر مطلع، اليوم الثلاثاء، عن فتح السلطات الأمنية العراقية تحقيقا فوريا بالهجمات.
وأوضح المصدر لوكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية أن توجيها صدر من المراجع العليا للأجهزة الأمنية بتشكيل لجنة رفيعة المستوى للتحقيق في ملابسات ما حدث ليلة الاثنين ضمن كركوك وقضاء بيجي، مشددا على أن اللجنة ستحقق أيضًا في مصدر وموقع انطلاق المقذوفات والمسيرات باتجاه مطار كركوك ومصفاة بيجي.
وكان مصدر أمني قد أفاد في وقت مبكر من صباح الثلاثاء بأن الدفاعات العراقية أسقطت طائرة مسيّرة مجهولة الهوية في محيط مصفاة بيجي، بمحافظة صلاح الدين، مما يشير إلى هجمات منسقة.
وأعلن محافظ كركوك، ريبوار طه، فجر الثلاثاء، عن تشكيل لجنة تحقيقية للوقوف على ملابسات الهجوم الصاروخي، مشيرا إلى أنه جاء بعد نجاح قوات الأمن في قتل عدد من عناصر تنظيم داعش.
وعلى الرغم من محاولة ربط الهجوم بالرد على عمليات مكافحة الإرهاب، إلا أن توقيت هذا الاعتداء يثير تساؤلات حول طبيعة الفاعلين.
ويشهد العراق استقرارا أمنيا نسبيا بعد أربعة عقود من النزاعات والحروب، ولكن هذه الهجمات تهدد بتقويض هذا الاستقرار الهش.
وقبل ساعات من دخول وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيّز التنفيذ بعد حرب استمرّت 12 يوما، استهدفت مسيّرات مجهولة الهوية أنظمة الرادارات في قاعدتَين عسكريتين في بغداد (وسط) والناصرية (جنوب).
ولم تتبنّ أيّ جهة تلك الهجمات، فيما أعلنت الحكومة العراقية فتح
ورغم عدم تبني أي جهة لتلك الهجمات أيضًا، وإعلان الحكومة العراقية فتح تحقيق لجلاء ملابسات هذا القصف، فإن تزامن الاعتداءات على مواقع حساسة في العراق مع هذه التوترات الإقليمية يشير إلى تحديات كبيرة أمام سيادة الدولة واستقرارها.