قضايا خلافية تسمم زيارة أردوغان لواشنطن

أكثر من ملف سيكون مطروحا خلال لقاء مرتقب الأسبوع القادم بين ترامب وأردوغان على وقع خلافات محورها تواطؤ تركي محتمل في دعم الإرهاب ومنظومة صواريخ اس 400 الروسية إضافة إلى ملف أكراد سوريا.

أردوغان قلّل من أهمية قضاء واشنطن على زعيم داعش
أردوغان يشكك في تنفيذ واشنطن تعهدها بسحب المقاتلين الأكراد
توقعات تشير إلى أن ترامب سيؤنب أردوغان بسبب عناده وتحديه لواشنطن

اسطنبول - يخيم التوتر على لقاء مرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان الذي يزور الأسبوع المقبل واشنطن على وقع خلافات مع الولايات المتحدة حول الملف السوري ومنظومة الصواريخ الروسية اس 400 التي تسلمت أنقرة أجزاء منها في المدة الأخيرة وأيضا على ضوء اعتراف الكونغرس الأميركي بارتكاب الإمبراطورية العثمانية إبادة جماعية بحق الأرمن.

ويرجح أن يكون ملف تنظيم الدولة الإسلامية حاضرا بقوة في مباحثات ترامب وأردوغان المرتقبة خاصة بعد الانتقادات التي وجهها الرئيس التركي لواشنطن بأن أشار إلى أنها أثارت ضجة كبيرة حول عملية تصفية أبوبكر البغدادي زعيم التنظيم المتطرف.

وحاول أردوغان التقليل من أهمية الدور الأميركي في القضاء على زعيم أخطر تنظيم إرهابي في العالم في الوقت الذي كان فيه ترامب يستثمر هذا الانجاز في حملته الانتخابية.

تركيا تزايد على واشنطن في عملية تصفية البغدادي زعيم أخطر تنظيم ارهابي في العالم
تركيا تزايد على واشنطن في عملية تصفية البغدادي زعيم أخطر تنظيم ارهابي في العالم

وأعلنت أنقرة أنها اعتقلت شخصيات مقربة من زعيم داعش من ضمنهم أحد أبنائه وأرملته وشقيقته وصهره، مشيرة إلى "كنز من المعلومات" سيفيد في مكافحة التنظيم الإرهابي ويساعد على تفكيك خلاياه في الغرب وتحديدا في أوروبا التي نفذ فيها موالون لداعش أسوأ الاعتداءات الإرهابية.

ويخوض ترامب حملة انتخابية هي الأصعب على وقع دفع ديمقراطي لعزله بتهمة انتهاك الدستور وهو بحاجة إلى انجاز يرمم به الشروخ التي أحدثتها سياساته الخارجية بما فيها تساهله مع ممارسات الرئيس التركي ذاته ومنها شراء منظومة اس 400 الروسية وأيضا انتهاك تركيا للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وينظر القضاء الأميركي في قضية بنك خلق التركي الذي سهّل خرق العقوبات على إيران، فيما عبرت أنقرة عن دعمها لمسؤول مصرفي تركي يحاكم في هذه القضية معتبرة أن القضية مسيسة.

وأبدى أردوغان أيضا تعاطفا مع إيران في مواجهة حزمة عقوبات أميركية قاسية. وسعى إلى فتح منافذ من شأنها مساعدة طهران على الالتفاف على العقوبات الأميركية.

وأثار التقارب التركي الإيراني غضب الولايات المتحدة التي رأت فيه محاولة تركية لإضعاف العقوبات على الجمهورية الإسلامية.  

وقد استبق اردوغان زيارته لواشنطن بالتشكيك في وفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها في ما يتعلق بسحب المسلحين الأكراد من المنطقة التي فرضت عليها أنقرة سيطرتها خلال الهجوم الأخير على شمال شرق سوريا.

وقال الرئيس التركي إنه سيثير هذه المسألة مع نظيره الأميركي حين يجتمع معه الأسبوع المقبل، لكن من المتوقع أن يسمع في المقابل تأنيبا أميركيا في أكثر من ملف خلافي بين البلدين الحليفين.

تركيا تسلمت أجزاء من منظومة اس 400 الروسية متاجهلة التحذيرات الأميركية
صفقة اس 400 الروسية سممت العلاقات الأميركية التركية

ومرت العلاقات الأميركية التركية بموجات فتور بداية بقضية القس الأميركي أندرو برونسون الذي احتجزته أنقرة لفترة بتهمة الإرهاب وأفرجت عنه العام الماضي بعد فرض ترامب عقوبات اقتصادية على تركيا دفعت الليرة التركية إلى هوة عميقة، ما أجبر أردوغان على الرضوخ للتهديدات الأميركية.

كما توترت العلاقات بين الحليفين على خلفية قضايا أخرى منها ملف قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المسلحون الأكراد عمودها الفقري والتي شكّلت رأس الحربة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية.

إلا أن الموقف الأميركي من هذا الملف يحمل في طياته الكثير من التناقضات فبعد أن تخلى ترامب عن المسلحين الأكراد بسحب قواته التي كانت تشكل ضمانة عسكرية للحيلولة دون أي هجوم تركي عليهم، عاد وحذّر تركيا التي شنت في 9 أكتوبر/تشرين الأول هجوما على مناطق سيطرتهم في شمال سوريا، من تجاوز الخطوط الحمراء.

ولوحت واشنطن بفرض عقوبات مالية قاسية على تركيا قبل أن تقوم بوساطة قادها نائب الرئيس الأميركي مايك بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو وانتهت بوقف أنقرة عدوانها على الأكراد مقابل ضمان الطرف الأميركي انسحاب القوات الكردية من منطقة آمنة بعمق 30 كلم وبطول 120 كلم.

وتشكل ملفات أخرى مركز توتر لم يهدأ بين أنقرة وواشنطن بداية بشراء تركيا منظومة الصواريخ الروسية اس 400 متجاهلة كل التحذيرات الأميركية من إتمام الصفقة. ومن المتوقع أن يكون هذا الملف حاضرا بقوة في اللقاء المرتقب بين ترامب وأردوغان.

انتهاك تركيا للعقوبات الأميركية على ايران سيكون حاضرا بقوة في لقاء ترامب وأردوغان في واشنطن
قضية بنك خلق التركي الذي انتهك العقوبات على إيران ستكون حاضرة في مباحثات ترامب وأردوغان

ويواجه الرئيس الأميركي انتقادات داخلية حتى من داخل معسكره ومن النواب المقربين منه بسبب ما يعتبرونه تساهلا مع الحليف التركي الذي تجاوز الخطوط الحمراء في أكثر من قضية خلافية.

وسيناقش أردوغان تطبيق الاتفاق مع ترامب في واشنطن يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني بعد أن تأكدت زيارته للولايات المتحدة عقب اتصال هاتفي بين الرئيسين الليلة الماضية.

وقال في مؤتمر صحفي "بينما نحن نتحدث، لم يف الذين وعدونا بأن وحدات حماية الشعب الكردية ستنسحب خلال 120 ساعة من هنا بوعدهم" مشيرا إلى موعد نهائي محدد في الاتفاق المبرم الشهر الماضي.

وفي وقت سابق قال مسؤولون أتراك إن أردوغان ربما يلغي زيارته إلى الولايات المتحدة احتجاجا على تصويت مجلس النواب الأميركي بالاعتراف بالقتل الجماعي للأرمن قبل قرن مضى بوصفه إبادة جماعية والسعي لفرض عقوبات على تركيا.

وبعد الاتفاق مع واشنطن توصلت أنقرة إلى اتفاق أيضا مع موسكو تنسحب بموجبه وحدات حماية الشعب الكردية لعمق 30 كيلومترا بطول الحدود الشمالية الشرقية لسوريا مع تركيا.

لكن أردوغان قال إن هذا الاتفاق لم يتم الوفاء به أيضا إذ لا يزال مقاتلو وحدات حماية الشعب بالشريط الحدودي، مضيفا أنه سيعقد محادثات مع بوتين بشأن الأمر.

وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية في وقت متأخر من يوم الأربعاء إن قتالا يدور في المنطقة الواقعة جنوب شرقي بلدة رأس العين السورية الحدودية، مضيفا هناك "خلاف ما" بشأن إذا كانت المنطقة تخضع للاتفاق مع الولايات المتحدة أم روسيا.

وقال المسؤول "وحدات حماية الشعب الكردية وجميع القوى المسلحة انسحبت بالتأكيد من غالبية منطقتنا"، مضيفا "أردوغان لم يكن محددا في تصريحاته الهجومية إذا كان يقصدنا أم يقصد أحدا آخر".

وقال الرئيس التركي للصحفيين قبل السفر في زيارة إلى المجر إن الاشتباكات في سوريا مستمرة وإن 11 مقاتلا من فصيل الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا سقطوا قتلى اليوم الخميس.

وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا محور خلاف أميركي تركي
وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا محور خلاف أميركي تركي

وقال "هؤلاء الإرهابيين يهاجمون الجيش الوطني السوري والجيش الوطني السوري يرد بالمثل. سقط 11 شهيدا من الجيش الوطني السوري هذا الصباح. وقتل عدد أكبر من الطرف الآخر".

ووفق الاتفاقين الثنائيين أوقفت أنقرة هجومها مقابل انسحاب مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية. وقامت قوات تركية وروسية مشتركة بتسيير دوريتين مشتركتين قرب الحدود لمراقبة تطبيق ما هو متفق عليه.

وتصنف أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية جماعة إرهابية بسبب علاقاتها بالمسلحين الذين يشنون تمردا في جنوب شرق تركيا منذ 1984. وتسبب دعم الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب التي كانت حليفا رئيسا في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في غضب تركيا.

وبدأت أنقرة هجومها على وحدات حماية الشعب بعدما أعلن ترامب انسحابا مفاجئا لألف جندي أميركي من شمال سوريا في أوائل شهر أكتوبر/تشرين الأول. ومنذ ذلك الحين قال الرئيس الأميركي إن بعض القوات ستستمر هناك.

وتقول مصادر تركية إن ترامب وأردوغان تجمعهما صلة قوية رغم الغضب في الكونغرس من هجوم تركيا على سوريا وشرائها لنظام دفاع صاروخي روسي ورغم ما تراه أنقرة تصريحات متباينة من الرئيس الأميركي ذاته.

وقد تكون هذه العلاقة الشخصية بالغة الأهمية بعد شراء تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي نظام إس-400 الدفاعي من موسكو وهو ما يستوجب فرض عقوبات ضدها وفق القانون الأميركي.

واستُبعدت تركيا بالفعل من المشاركة في برنامج طائرات إف-35 كمنتج ومشتر، ومهد هجومها على القوات الكردية في شمال شرق سوريا في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول للمزيد من الإجراءات الأميركية بحقها.

وقال أونال شفيق أوز نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، إن أردوغان سيطلب في الأغلب من ترامب نزع سلاح وحدات حماية الشعب الكردية لضمان عدم عودتها إلى منطقة الحدود، مضيفا "ليس هناك انسجام تام بين توجهات الولايات المتحدة وتركيا بشأن المستنقع السوري".