قضية مرفأ بيروت تعود إلى مربع التعطيل

اجتماعات القضاة المسؤولين عن الملف لم تفلح بإحداث أي خرق حقيقي يؤدي إلى استئناف التحقيقات المجمدة في ملف انفجار المرفأ.

بيروت – عادت قضية مرفأ بيروت إلى مربع التعطيل والفشل في الوصول إلى الحقيقة التي ينتظرها اللبنانيون منذ أربع سنوات، وتؤكد مصادر مطلعة بأن طريق رئيس النيابة العامة التمييزية القاضي جمال الحجار وعرة، وأن اللقاءات المتعددة التي جمعته بالمحقق العدلي القاضي طارق بيطار، فشلت بالوصول إلى حل يؤدي إلى استئناف التحقيق مع وجود عقبات قانونية وألغام سياسية.

وذكرت المصادر أن اجتماعاً عقد الخميس الماضي بين الحجار والبيطار في مكتب رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، انتهى إلى فشل تام وإقرار صريح بانسداد الأفق على أي حلّ قانوني.

ووفق المعلومات فإن النائب العام التمييزي صارح البيطار بأن "المخرج الوحيد للأزمة يكمن في تجزئة الملف، أي إحالة الشبهات المتعلقة برئيس الحكومة السابق حسان دياب والنواب والوزراء على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وإحالة الشقّ المتعلّق بالقضاة المدعى عليهم على محكمة خاصة وملاحقتهم وفق إجراءات قانونية محددة، ومن ثمّ المضي بالتحقيق العدلي بما يخصّ باقي المدعى عليهم من موظفين ومدنيين".

لكن البيطار رفض بشكلٍ قاطع هذه الطرح باعتبار أن هذا الملفّ جزء لا يتجزّأ، وأن قرار مجلس الوزراء الذي أحال القضية على المجلس العدلي أسقط ضمناً الحصانة عن أي شخصية تحوم حوله الشبهات سواء كان رئيساً أو وزيراً أو نائباً أو مسؤولاً أمنياً، وإن الاجتهاد الذي وضعه في يناير/كانون الثاني 2023 لا يزال ساري المفعول ولا لزوم لرفع الحصانات عنهم، كما أن دعاوى الردّ والمخاصمة المقامة ضدّه لا قيمة لها، لأن المحقق العدلي لا يمكن ردّه أو مخاصمته.

وبالنتيجة فإن اللقاءات الأربعة التي جمعت الحجار والبيطار لم تفلح بإحداث أي خرق حقيقي يؤدي إلى استئناف التحقيقات المجمدة في ملف انفجار مرفأ بيروت، جراء عشرات دعاوى الرد والمخاصمة التي أقامها سياسيون مدعى عليهم ضد البيطار.

كما أن رعاية القاضي عبود الذي يمثل رأس هرم السلطة القضائية للاجتماع الأخير، لم تساهم في تقريب وجهات النظر ولا في طرح أفكار مشتركة. وتشير المصادر إلى أنه أمام انسداد الأفق على حل وسط يؤدي إلى إخراج الملف من التعقيدات القانونية والألغام السياسية، فإن رفض البيطار لمقترحاته لا يحمله مسؤولية الاستمرار في تجميد التحقيق.

وأكدت المصادر أن الحجار "لن يقبل اتهامات من أي طرف بتعطيل التحقيق، وأنه ملتزم بما وعد به لجهة تتويج مسيرته القضائية باستكمال التحقيق والوصول إلى الحقيقة، لكن ليس وحده من يقرر ذلك، مشيرة إلى أن النائب العام التمييزي قد يجد نفسه مضطرا إلى التنحي عن هذا الملف ليقطع الطريق على تحميله مسؤولية التعطيل، ولديه الكثير من الأسباب القانونية والموضوعية لذلك".

وأفادت معلومات متداولة في أروقة قصر العدل في بيروت بأن البيطار "بدأ يتردد إلى مكتبه مرة أو مرتين في الأسبوع، ويعكف على تنظيم مستنداته استعدادا لاتخاذ إجراءات تتيح له استئناف التحقيق".

واستباقاً لـلذكرى الرابعة لانفجار المرفأ التي تحل في الرابع من أغسطس/آب فإنه ثمّة معلومات تفيد بأن النائب العام التمييزي سيعلن موقفه، وقد يطلع الرأي العام على ما حصل خلال الأشهر الماضية التي سعى خلالها للإفراج عن التحقيق، فيما كشفت أوساط مطلعة في قصر العدل أن البيطار "سيكون له موقف مهمّ يتخذه خلال الساعات المقبلة، وربما يعلن استئناف عمله، وتحديد مواعيد لاستجواب المدعى عليهم الذين لم يمثلوا أمامه بعد".

وهذه الخطوة ستكون الأخيرة في مسار الملفّ بعدها يعلن البيطار ختم التحقيق وإحالته على النيابة العامة التمييزية لإبداء مطالعتها بالأساس على أن يصدر بعدها القرار الاتهامي. وفي حال امتنعت النيابة العام عن وضع المطالعة، فإن المحقق العدلي قد لا يتردد بإصدار قراره الاتهامي وإحالة القضية برمتها على المجلس العدلي، على أن يقرر الأخير ما إذا كانت إجراءات البيطار قانونية أم لا.