قطر المتهمة بانتهاك حقوق العمال تتجمل بمؤتمر لحماية العمال

الدوحة تستضيف مؤتمرا يشارك فيه عشرات الخبراء لدراسة مخاطر ارتفاع الحرارة على العمّال وصحّة ملايين الأشخاص الذين يعملون في درجات حرارة قاسية.

الدوحة - تستضيف الدوحة هذا الأسبوع مؤتمرا حول مخاطر ارتفاع الحرارة على العمّال وصحّة ملايين الأشخاص الذين يعملون في درجات حرارة قاسية، في حدث استثنائي لجهة المكان الذي سيعقد فيه المؤتمر حيث تواجه الإمارة الخليجية انتقادات دولية حادة بسبب سجلها في انتهاك حقوق العمال خاصة خلال فترة تحضيرها للمنشآت الرياضية لمونديال 2022 الذي انتهت فعالياته بنجاح تنظيمي لكن بقيت الاتهامات تلاحق الدوحة.

ويأتي هذا المؤتمر فيما تسعى قطر لتسحين صورتها في الخارج بعد أن تعرضت لسيل من الضغوط والانتقادات وتحميلها مسؤولية وفاة عشرات العمال الأجانب بسبب تشغيلهم في درجات حرارة مرتفعة جدا.

وقطعت الدوحة خطوات كبيرة في مجال حماية العمال وتحسين أوضاعهم، لكن خبراء ومنظمات دولية معنية بحقوق الإنسان تعتبر أن الإجراءات على أهميتها ليست كافية.

ويأتي عقد المؤتمر الذي من المقرر أن يشارك فيه عشرات الخبراء، بعد نحو خمسة أيام من تعرض الدوحة لانتقادات جديدة واتهامات بترحيل وتعذيب وسجن عشرات من عمال الأمن الأجانب الذين وظفتهم خلال مونديال 2022 للمساعدة في حماية أمن الملاعب والجماهير.

ويرجح أن اختيار العاصمة القطرية لعقد هذا المؤتمر يأتي في محاولة لتخفيف الانتقادات الدولية التي تتعرض لها الإمارة الخليجية وأيضا للترويج للإجراءات التي اتخذتها في السنوات الماضية والمتعلقة بسوق العمل.

ويهدّد ارتفاع درجات الحرارة حياة وصحّة ملايين الأشخاص الذين يعملون في درجات حرارة قاسية، حسب ما حذر خبراء سيشاركون في مؤتمر يُعقد هذا الأسبوع في قطر، الدولة الخليجية الثرية المعنية بالأمر بشكل خاص.

ويجتمع متخصصون منذ الثلاثاء في العاصمة القطرية، حيث تصل درجة الحرارة إلى حوالي 40 درجة مئوية كما هي الحال عادة في فصل الربيع في هذه المنطقة الحارة والرطبة.

وأشار هؤلاء إلى أنّ عشرات الآلاف من العمّال حول العالم لقوا حتفهم بسبب أمراض الكلى المزمنة وغيرها من الأمراض المرتبطة بالحرارة الشديدة في العقود الأخيرة.

وقالت المديرة الإقليمية للدول العربية في منظمة العمل الدولية ربى جرادات، خلال المؤتمر المخصّص للإجهاد الحراري في العالم المهني المرتبط إلى حدّ كبير بتغيّر المناخ "العلم يخبرنا بأنّ كل الدول يمكنها أن تفعل المزيد".

وكانت بطولة العالم لكرة القدم التي أُقيمت العام الماضي في قطر، ألقت الضوء على الظروف التي يشتغل فيها العمّال، في درجات حرارة تصل أحيانا إلى 50 درجة مئوية في الصيف في دول الخليج.

وكانت الحكومة القطرية التي تفخر بأنّها تبنّت أكثر الإصلاحات تقدّما في العالم العربي، تحت ضغط دولي، قد منعت منذ العام 2021 العمل في الخارج خلال ذروة الحر في النهار، من يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول، لكنّ الخبراء والمنظمات غير الحكومية يعتقدون بأنّ الدولة الغنية بالغاز يمكن أن تتخذ مزيدا من الإجراءات.

وفقا للباحثين تسبّب الحرارة الشديدة والإشعاع الشمسي ضربة شمس وأمراض الكلى والقلب والرئة وتزيد من معدّلات الإصابة بالسرطان. ويقول الخبراء إنّ نحو مليار عامل زراعي وعشرات ملايين العمّال في الهواء الطلق معرّضون.

ويمكن أن يتعرّض عمّال البناء لما يكفي من الأشعة فوق البنفسجية لمدة ثلاثين إلى أربعين عاما، الأمر الذي يضاعف بشكل أكبر خطر الإصابة بسرطان الجلد غير الميلانيني.

وفي دراسة أُجريت العام 2020، حذّر باحثون تايوانيون من أنّ أمراض الكلى الناتجة من الحرارة الشديدة يمكن أن تصبح "واحدة من أولى الأوبئة بسبب الاحتباس الحراري". ومع ذلك، لا يوجد حتى الآن معيار دولي لهذه المشكلة، رغم المخاوف بشأن تغيّر المناخ.

وتعهّدت الإدارة الأميركية بوضع قواعد جديدة في العام 2021 بعد موجة حرّ، كانت "السبب الرئيسي للوفيات المرتبطة بالطقس في البلاد"، بحسب تعبيرها.

أمّا الأوروبيون الذي يتأثّرون أيضا بموجات الحر، فلم يتخذوا الكثير من الإجراءات الملموسة، ما عدا قبرص التي تحدّد ساعات العمل وتفرض فترات راحة وملابس واقية عندما تتجاوز درجات الحرارة 35 درجة مئوية.

من جهة أخرى توفي أكثر من 20 ألف عامل في أميركا الوسطى، كما توفي حوالي 25 ألفا في سريلانكا من أمراض الكلى خلال عقد واحد، حسب ما يقول جاستن غلايزر رئيس "شبكة لا إيسلا"، وهي مركز أبحاث متخصّص.

مع ذلك، فإنّ الحلول موجودة. وأظهر تعاون بين "شبكة لا إيسلا" وشركات السكر في أميركا الوسطى أنّ العمّال كانوا يقطعون 4.75 أطنان من قصب السكر في تسع ساعات. ويرتفع هذا الرقم إلى 6.2 في أربع ساعات فقط، مع استراحات أفضل و ظلال ومياه، وفقا لتوصيات الخبراء.

وفي آسيا، يعاني مئات الآلاف من مزارعي الملح الهنود ارتفاع معدّل الإصابة بأمراض الكلى، من بين أمراض أخرى، وفقاً لفيديا فينوغوبال أستاذة الصحة المهنية في معهد سري راماشاندرا في مدراس، وهي مدينة تقع في الجنوب معنية بشكل خاص بهذه المسألة.

وتقول الباحثة "ليس لديهم تغطية صحية". وفي الصيف، يعاني 80 في المئة منهم أمراضا مرتبطة بالحر. كما تضيف أنّ ملايين العمّال في الشمال الصناعي في الهند يواجهون الخطر أيضا.

ووفق الباحثة، فإنّ الهند وغيرها من الدول الفقيرة لا يمكنها الانتظار، إذ أنّ "أناسا يموتون وأناسا يمرضون"، مضيفة "علينا تبنّي كل الإجراءات المتخذة من قبل الآخرين وتكييفها مع ثقافتنا الخاصة".

وفي السياق، تشير فيديا فينوغوبال إلى مسؤولية رؤساء الشركات الذين يرفضون "خسارة الإنتاجية"، وتؤكّد أنّ "ذلك يجب أن يتغيّر".