قطر ترد الجميل لإيران بدفع تعويضات كارثة الطائرة الأوكرانية

مصادر إيرانية تكشف أن أمير قطر سيقدم لروحاني حوالى 3 مليارات دولار كتعويضات لضحايا الطائرة الأوكرانية التي اعترفت طهران السبت بإسقاطها.

طهران - وصل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد إيران الاحد في زيارة تعد الأولى له رسميا منذ توليه الحكم، في وقت يجد فيه النظام الإيراني نفسه في ورطة جديدة بعد اعترافه المتأخر بإسقاط الطائرة الأوكرانية التي راح ضحيتها 176 شخصًا وكانت سببا إضافيا لاستعادة المظاهرات الشعبية الزخم في المدن الإيرانية.

وقالت مصادر إيرانية إن أمير قطر سيقدم لروحاني حوالى 3 مليارات دولار كتعويضات لضحايا الطائرة الأوكرانية التي اعترفت طهران السبت بإسقاطها بعد أيام من نفيها وإنكارها ذلك.

وقال الشيخ تميم الذي اجتمع بمرشد ايران علي خامنئي والرئيس الايراني حسن روحاني ان "لقاءه مع الرئيس الإيراني، وعلى مستوى وفدي البلدين، كان جيدا ومثمرا، حيث تم استعراض العلاقات المتميزة بين البلدين وسبل تطويرها".

واضاف ان "العلاقة التي تربط دولة قطر وإيران علاقة تاريخية وشهدت تطورات كبيرة، ودائما كانت هناك قنوات مفتوحة ونقاش مع الأشقاء في إيران حتى لو كانت هناك خلافات".
وكان أمير قطر اجرى الخميس اتصالا هاتفيا بروحاني وسط تصاعد التوتر في المنطقة منذ اغتالت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في بغداد.

 ونسبت الرئاسة الإيرانية في بيان للشيخ تميم قوله إن "قطر لن تنسى موقف إيران من العقوبات المفروضة على الدوحة"، في ما اعتبره مراقبون تصريحا ضمنيا يمهد لتحمل الدوحة تعويضات الطائرة الأوكرانية التي اعترفت إيران بإسقاطها، في ظل العقوبات الاقتصادية المسلطة عليها من قبل الولايات المتحدة.

وانتقد نشطاء إيرانيون المحاولة القطرية لإسعاف النظام الإيراني واصفين ذلك "بالتستر على جريمة".

وأقرّت الجمهورية الإسلامية السبت بمسؤوليتها عن هذه الكارثة التي أودت بحياة 176 شخصاً وأثارت موجة تنديد في إيران، بعد نفي السلطات على مدى ثلاثة أيام لفرضية إصابة الطائرة بصاروخ التي طرحتها أوتاوا منذ مساء الأربعاء، ما يعزز فرض عقوبات عليها وإجبارها على دفع تعويضات على الحادثة.

طهران اتخذت الدوحة بوابة لكسر العقوبات وتدفق الأموال إلى الداخل الإيراني تحت مبرر "كسر المقاطعة" المفروضة عليها من قبل جيرانها منذ 2017

وأشارت تغريدات على تويتر إلى أن عشرات المحتجين احتشدوا لليوم الثاني على التوالي في إيران اليوم الأحد مرددين هتافات مناهضة للسلطات في أعقاب إقرار الجيش بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية عن طريق الخطأ بعدما ظل لأيام ينفي مسؤوليته.

وحذّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب النظام الإيراني من ارتكاب "مجزرة أخرى بحقّ متظاهرين سلميّين"، بعد تفريق تجمّع لطلّاب في طهران مساء السبت إحياءً لذكرى ضحايا الطائرة.

وأطلق الرئيس الأميركي التحذير، الذي أشار فيه إلى طريقة تعاطي السلطات الإيرانية مع حركة الاحتجاجات التي خرجت في تشرين الثاني/نوفمبر، في حين كانت الشرطة تفرّق طلّاباً تجمعوا في طهران تكريماً لـ176 شخصًا، معظمهم إيرانيّون وكنديّون أو يحملون الجنسيتين، قُتلوا جرّاء تحطّم الأوكرانيّة بعيد إقلاعها قرب العاصمة.

وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قدّم اعتذارات بلاده عن الكارثة بدون أن يعفي واشنطن من المسؤولية. وكتب ظريف في تغريدة أن "خطأ بشريّاً في فترة الأزمة التي تسببت بها نزعة المغامرة الأميركية أدّت إلى الكارثة".

وطالما كانت قطر بوابة لكسر العقوبات وتدفق الأموال إلى الداخل الإيراني تحت مبرر "كسر المقاطعة" المفروضة عليها من قبل جيرانها منذ 2017.

وقال روحاني في وقت سابق تعليقا على الاتصال مع أمير قطر إن "تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة مهم جدا بالنسبة لإيران"، معتبرا أن "السبيل الوحيد للحفاظ على أمن المنطقة هو توطيد أواصر الصداقة والتعاون بين الجيران ومنع تدخلات الأجانب".

وتأتي زيارة أمير قطر إلى إيران بعد أن فشلت محاولة أولى لوزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني للتوسط في تهدئة التوتر بين طهران وواشنطن بعد اغتيال الأخيرة لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في بغداد في 3 يناير الجاري.

ووصفت زيارة وزير الخارجية القطري في الرابع من الشهر الحالي لطهران والتي التقى خلالها نظيره الإيراني محمد جواد ظريف وروحاني، بمحاولة لتبرير موقفها واسترضاء لإيران للحيلولة دون الانتقام منها بعد ورود تقارير تحدثت عن انطلاق الطائرة المسيرة التي استهدفت سليماني من قاعدة العديد في قطر والتي تعد أكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط.

ودعا الشيخ محمد عبدالرحمن إلى حل سلمي للخلافات بعد مقتل سليماني لكن الحرس الثوري هدد حلفاء الولايات المتحدة الذين يستقبلون قواعد أميركية باستهداف تلك القواعد إذا انطلق منها هجوم ضد مواقع إيرانية.

وللخروج من عزلتها عن محيطها زادت الدوحة في إظهار الولاء والدعم للسياسات الإيرانية، بما في ذلك التي تمس من الأمن القومي لدول الخليج مثل استهداف السفن التجارية أو ناقلات للنفط، فضلا عن المنشآت النفطية التي استهدفتها الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

ويرى مراقبون أن الدوحة التي حاولت طهران مساندتها وساعدتها لتخطي تبعات المقاطعة الرباعية التي فرضتها السعودية والبحرين والإمارات ومصر عليها، تحاول تسديد الدين لإيران الآن لاسترضائها بمساعدتها وانتشالها من ورطة إسقاط الطائرة الأوكرانية في وقت تستعيد فيه المظاهرات في المدن الإيرانية زخمها فيما تحذر واشنطن النظام من قمعها مرة أخرى.

وأسهمت العقوبات الأميركية على إيران في تمتين تقارب طهران والدوحة خصوصاً في جانبها الاقتصادي، لكن يبدو أن قطر ستجد نفسها في مواجهة إدارة أميركية متشددة هذه المرة ومستعدة لمعاقبة أي جهة مهما كانت حليفة لواشنطن، إذا وجدت أنها تتحالف مع طهران ضد مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة.