قطر تسترضي أردوغان بإقالة مدير المدينة الإعلامية

صحيفة ديلي صباح التركية المقربة من أردوغان طالبت بمحاسبة المسؤولين في قناة الجزيرة إنكليزية بسبب تقرير عن التدخل العسكري التركي في شمال سوريا.

الدوحة - يبدو أن الدوحة لا يمكنها أبدا إغضاب حليفها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كشفت مصادر أن الأمير القطري عزل رئيس مجلس إدارة المدينة الإعلامية ومدير مكتب الاتصال الحكومي، لاسترضائه بعد هجوم حاد شنته صحيفة مقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا على قناة الجزيرة القطرية.

ومنذ الاثنين، دخلت الأوساط الإعلامية والسياسية في قطر حالة من الفوضى والارتباك على إثر التهديد والوعيد الذي تضمنته افتتاحية صحيفة "صحيفة ديلي" صباح التركية التي عنونت مقالا عايرت فيه الدوحة بمساعدتها لتخطي أزمة مقاطعة جيرانها "الجزيرة إنكليزية: تهديد للتحالف التركي-القطري".

وقالت مصادر صحفية إن النظام القطري رضخ للضغط التركي وقدم سيف بن أحمد آل ثاني رئيس مجلس إدارة المدينة الإعلامية ومدير مكتب الاتصال الحكومي، ككبش فداء حفاظا على العلاقات الاستراتيجية مع أنقرة والتي أصبحت الدوحة تعول عليها للخروج من أزمتها وعزلتها أمام جيرانها الذين لازالوا يقاطعونها منذ 2017.

وفي تلميح واضح إلى ضرورة محاسبة بعض المسؤولين في قناة الجزيرة إنكليزية الذين عرضوا الشراكة التركية القطرية إلى الخطر، وصفت الصحيفة التركية تقرير القناة القطرية بالـ"خيانة"، مشددة على أن تمويلها يأتي من حكومة قطر، في إشارة إلى أن ذلك يسمح بتدخل الأمير شخصيا لمعاقبة "مقترفي الخيانة".

ويأتي قرار العزل تزامنا مع إعلان وزارة الخارجية القطرية عن اعتزام الدوحة تعزيز تعاونها مع أنقرة إلى "مرحلة الشراكة الاستراتيجية الشاملة".

وقالت الوزارة أمس الثلاثاء على تويتر أن القرار اتخذ خلال الاجتماع الوزاري للجنة الاستراتيجية العليا القطرية التركية الذي انعقد في الدوحة.

قرار العزل يتزامن مع إعلان وزارة الخارجية القطرية عن اعتزام الدوحة تعزيز تعاونها مع أنقرة إلى "مرحلة الشراكة الاستراتيجية الشاملة"

ويرى مراقبون أن القرار يعكس الخوف القطري من مواجهة أثر مقاطعة الرباعي إذا ما تواصل الغضب التركي على إعلامها وتسبب في تقويض العلاقات التي سعت الدوحة لنسجها مع أنقرة في السنوات الأخيرة، وذلك حتى لا تضطر للرضوخ إلى تحقيق المطالب التي اشترطتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر لعودة العلاقات معها وهي التوقف عن دعم التنظيمات المتشددة والإرهاب.

وبذلت قطر جهودا حثيثة لربط علاقات استثنائية مع أردوغان للخروج من عزلتها، كان آخرها التأييد المخجل للهجوم التركي الذي استباح الأراضي السورية، حيث تباهت قطر بشكل علني باصطفافها مع حليفتها تركيا رغم الإدانات العربية والدولية الكبيرة التي لحقت العملية العسكرية.

وشكر وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الأحد الماضي، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على الدور التي لعبته قطر في دعم الهجوم التركي في سوريا الذي وصفه كثيرون بأنه "اعتداء سافر" على الأراضي السورية وعلى الأكراد.

وغداة هذا الشكر اتهمت الصحيفة التركية قناة الجزيرة إنكليزية بأنها "تنشر دعاية مضادة لتركيا تحت ادعاء الصحافة المستقلة والحيادية"، بعد أن نشرت أخبارا عن عمليات الترحيل القسري التي يتعرض له المدنيون السوريون بسبب العملية العسكرية التي أمر أردوغان الجيش التركي والميليشيات التي تقاتل في صفوفه بشنها ضد الأكراد في شمال شرق سوريا.

وانتقد نشطاء على مواقع الواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ #أردوغان_يهين-القطريين، الرضوخ القطري لتهديدات الصحيفة التركية التي كشفت "زيف السيادة" القطرية على حد تعبيرهم، ونصح بعض المغردين النظام القطري بالرجوع إلى الصف الخليجي بعد تأكد الدوحة من حقيقة أردوغان الإنتهازي.

وغرد ناشط على تويتر "السيادة التي تحدث عنها تميم بن حمد تهاوت أمام اهانات الصحافة التركية والتي نعرف أنها ما كانت لتتجرأ وتتطرق لشؤون سياسية الا بإيعاز مباشر من أردوغان".

وأضاف "أردوغان يهين القطريين ويبتزهم ويهددهم بسحب القوات التركية من الدوحة وتركهم أمام الدول العربية إذا لم ينفذوا أوامره!".

وكتب مغرد "أردوغان استولى على قطر مهما حاول أميرها التحدث في كل مناسبة عن السيادة فدفع رواتب للعسكر الترك واستخدام الجزيرة بما يخدم مصالح أردوغان وتمويل عملية "نبع الدم" كلها تشير على تحكم أردوغان بقطر ولعل التقرير الأخير للصحيفة التركية".

ووصل التقرب القطري من الأتراك إلى مجالات حساسة في الفترة الأخيرة وصلت إلى ملفات تخص سيادة الدولة الخليجية الصغيرة، فتعدت مجال السياسة والاقتصاد لتصل إلى ملفات الأمن والجيش، وأول أمس الاثنين، نشرت وكالة الأناضول، صورا لمجموعة من القوات القطرية الخاصة وهم يتدربون على أيدي جنود وخبراء أتراك في مدرسة الدرك للقوات الخاصة الكوماندوز في مدينة إزمير غربي تركيا.

وقالت الأناضول إنّ الوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا" هي من أشرفت على تنظيم الدورة التدريبية لمجموعة القوات الخاصة القطرية لتعليمهم آليات القنص وأساليب التخفي والاستهداف وآليات تقنية أخرى.

وساندت أنقرة الدوحة بعد أن قطعت السعودية ودول عربية أخرى العلاقات الدبلوماسية والتجارية وروابط السفر مع قطر في 2017 واتهمتها بتمويل الإرهاب.