قطر تفتعل نقاط توتر في أجواء التهدئة الخليجية

بعد اكثر من اسبوعين على "اختراق مقاتلات بحرينية" أجواء قطر، الدوحة تحتج لدى مجلس الأمن الدولي وتتبنى لهجة هجومية ضد المنامة.
قطر تسعى الى تحقيق مكاسب وفرض شروط في المصالحة الخليجية المنتظرة
الدوحة تريد ان تبعث بإشارة الى انها ستخرج قوية من سنوات المقاطعة
الهجمات الاعلامية القطرية لم تتوقف والتقرب من ايران على حاله

لندن – اختارت الدوحة الخميس توجيه رسالة احتجاج الى مجلس الامن الدولي على ما اسمته "اختراقا بحرينيا" لأجوائها حدث قبل أكثر من اسبوعين، في حين يسود التفاؤل والتهدئة مواقف الدول الخليجية، بما فيها قطر، إزاء حدوث انفراجة في الأزمة المستمرة منذ حوالي ثلاث سنوات.
وتتجه الانظار حاليا الى قمة مجلس التعاون الخليجي التي تستضيفها الرياض في الخامس من كانون الثاني/يناير. ومن المتوقع ان تعتمد نتائجها على مدى الالتزام بالتهدئة وما سيتم انجازه في الايام التي تسبق القمة والبناء على الوساطة الكويتية التي اعلنت اوائل ديسمبر/كانون الاول.
لكن بعثة قطر في الامم المتحدة وجهت إلى الأمين العام أنطونيو غوتيريش ورئيس مجلس الأمن الدولي، رسالة قالت فيها ان "اربع مقاتلات بحرينية اخترقت الاجواء القطرية فوق المياه في التاسع من ديسمبر" كانون الاول.
ولم تُعرف اسباب التأخر القطري كل هذه المدة في التعبير عن الاحتجاج لكن الدوحة دأبت في الاونة الاخيرة على ارسال اشارات متناقضة حول المصالحة الخليجية بدءا من استمرار الهجمات الاعلامية على دول المقاطعة (السعودية والامارات والبحرين ومصر) ثم مواقف الدوحة الملتبسة تجاه ايران، التي هي جزء من الخلاف بين قطر وجيرانها الخليجيين.

ليس من المتوقع ان تتوقف الدوحة عن سياسة المغامرة بالمواقف المزدوجة، التي يمكن ان تقوض جهود الحل من اساسه

وتبنت رسالة قطر الى الامم المتحدة لهجة هجومية ووصفت الاختراق البحريني المزعوم بأنه "يدلل على استهتار البحرين بالالتزامات الدولية بشكل لا يمكن السكوت عليه".
غير ان هذا الموقف لا ينسجم مع ما صدر عن قطر في الايام الاخيرة من تهدئة معلنة، خصوصا تصريحات وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في موسكو الاربعاء حين قال ان "التصعيد ليس في مصلحة أي طرف".
وقال ايضا "لا معوقات على المستوى السياسي أمام جهود حل الأزمة الخليجية".
لكن قطر تبدو على هذه الحال بانها تسعى الى تحقيق مكاسب وفرض شروط في المصالحة الخليجية المنتظرة او انها تريد ان تبعث بإشارة الى انها ستخرج قوية من سنوات المقاطعة.
وتحاول دول الخليج عبر الوساطة الكويتية المدعومة من واشنطن الوصول الى تفاهمات بشأن المطالب الرئيسية لرباعي المقاطعة المتمثلة في وقف الدعم القطري للجماعات المتطرفة، وخصوصا جماعة الاخوان المسلمين، والانسجام مع الموقف الخليجي من ايران وايضا الكف عن الحملات الاعلامية التي تتبناها وسائل الاعلام التابعة للدوحة.
ولا يُنتظر الاتفاق التام على هذه القضايا خلال الايام القادمة، لكن من المتوقع في احسن الاحوال التوصل الى تفاهمات أولية تخفف او تنهي مقاطعة قطر مقابل التزامها بالعودة التدريجية
وقال متابعون ان قطر تعمّدت اثارة قضية الاختراق البحريني لأجوائها رغم مرور وقت طويل على حدوثها، كجزء من المناورات القطرية خلال فترة ما قبل القمة. 
وفي هذا السياق، تواصل وسائل الاعلام القطرية هجماتها على دول المقاطعة وبث تقارير من شأنها توتير الاجواء، في سلوك وصفته الامارات الثلاثاء بانه "ظاهرة غريبة وصعبة التفسير".
اما على صعيد العلاقات مع ايران، فلم يصدر عن قطر ما يمكن ان يمثل تحولا ممكنا في موقفها من الجمهورية الاسلامية التي تتدخل عسكريا وسياسيا في العراق ولبنان وسوريا، واليمن حيث يقاتل الحوثيون الموالون لها القوات الحكومية المدعومة من السعودية.
ودعا وزير الخارجية القطري دول الخليج الاربعاء الى حوار مع ايران، التي تقربت الدوحة منها اكثر على مدى السنوات الماضية.
غير ان الوحدة الخليجية في مواجهة ايران هي مطلب اميركي ملحّ مع تولي ادارة جو بايدن الرئاسة العام القادم.
وفي حين من الواضح ان الايام القليلة القادمة ستمثل اختبارا لنوايا قطر تجاه المصالحة، لا يتوقع كثيرون ان تتوقف الدوحة عن سياسة المغامرة بالمواقف المزدوجة، التي يمكن ان تقوض جهود الحل من اساسه.