قطر تلجأ دعائيا للسترات المبردة للعمال لاحتواء ضغوط دولية

الدوحة توزع سترات مبردة للجسم لنحو 3500 عامل فقط من آلاف العمال في منشآت المونديال لضمان استمرار العمل بوتيرة أعلى وللالتفاف على انتقادات دولية حول ظروف العمل القاسية التي ترقى في معظمها إلى مستوى السخرة والاسترقاق.

ما مصير آلاف العمال ممن لم يحصلوا على سترات مبردة
السترات المبردة لبعض عمال المونديال تلامس أصل المشكلة ولا تعالجها
الإجراء القطري دعائي أكثر منه بحثا عن حماية وضمان سلامة العمال

الدوحة - وزعت قطر في خطوة دعائية أكثر منها محاولة لمعالجة مشكلة ظروف العمل القاسية في المنشآت الرياضية، على 3500 من العاملين من أصل 26 ألف عامل في الملاعب المخصصة لاستضافة كأس العالم في نسخته لـ2022، "سترات مبردة" لمساعدتهم على العمل وسط الظروف المناخية الحارة في الإمارة الخليجية وذلك بحسب اللجنة العليا للمشاريع والإرث المنظمة لمونديال 2022.

وتأتي هذه الخطوة لاحتواء انتقادات دولية لظروف العمل في منشآت المونديال وسط اتهامات صريحة للدوحة بانتهاك حقوق العمال وعدم احترام ابسط معايير العمل وسلامة العمال.

وقد ينفع هذا الإجراء في "تبريد" مؤقت للانتقادات الدولية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في سياق الحلول التسكينية، ما مصير 22500 عامل لم يحصلوا على سترات مبردة.

ولجأت قطر للسترات المبردة لضمان استمرار العمل في المنشآت الرياضية التي تعكف على إنشائها لاستضافة فعاليات مونديال 2022، إلا أنه يبدو حلا ظرفيا لا يعالج أساس المشكلة المتعلقة بانتهاك حقوق العمالة.

ويرجح أن الدوحة التي تواجه ضغوطا شديدة في ما يتعلق بظروف العمل في المنشآت الرياضية لجأت لهذا الإجراء (السترات المبردة) لاحتواء الانتقادات الدولية.

وأشارت اللجنة القطرية إلى أن بإمكان هذه السترات "المتطورة جدا" المصممة من قبل خبراء الملابس في شركة "تكنيش" البريطانية في خفض درجة حرارة جسم العامل بمعدل 15 درجة مئوية.

 وقالت "ستعود هذه المبادرة بالنفع الكبير على عمال الحديد والصلب والنجارين وعمال البناء ومشرفي العمال ومشرفي الرافعات وغيرهم من العاملين في مواقع استادات البطولة".

وقال محمود قطب المدير التنفيذي لإدارة رعاية العمال وكبير مستشاري المشاريع الخاصة في اللجنة العليا، إن "السترات المبردة ستسهم بشكل فعال في تحسين ظروف عمالنا المهنية. لقد أمضينا عامين في دراسة الآلية المثلى لتوظيف منتجات تبريد مختلفة وتطويعها لرعاية العمال، إلا أن كثيرا منها لم يلب احتياجات البيئة القطرية".

وتعمل سترات التبريد بفعالية بعد غمرها بالمياه لامتصاص أكبر قدر ممكن من الماء، ثم تقوم مراوح صغيرة بتبخير المياه، بينما تحبس ألياف البوليمر المصنوع منها نسيج السترة المياه لفترة قد تصل لثماني ساعات وهو ما يبطئ عملية التبخير وبالتالي تبريد جسم المستخدم وتخفيض درجة الحرارة بمعدل 15 درجة مئوية لمدة زمنية طويلة.

ويتم تصنيع هذه السترات التي صممت خصيصا للعمال في قطر بحسب اللجنة، من نسيج مقاوم للماء من الداخل لمنع تسرب المياه لجسم المستخدم.

وقال جيمس روسل المدير التنفيذي لشركة "تكنيش"، إن السترة المبردة تعتبر المنتج الأكثر ابتكارا من نوعه في العالم، إذ تستخدم التكنولوجيا المتطورة لخدمة المستفيدين بفعالية".

السترات المبردة حل يلامس المشكلة ولا يعالجها
السترات المبردة حل يلامس المشكلة ولا يعالجها

ويعمل حاليا قرابة 26 ألف عامل في الملاعب الثمانية المقترحة لاستضافة نهائيات قطر 2022.

والعام الماضي، أشارت دراسة لمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية إلى أن الآلاف من عمال البناء يتعرضون لحرارة قد تهدد حياتهم.

وأجرت قطر مراجعة لظروف العمل في المنشآت الرياضية بعد تعرضها لسيل من الانتقادات الدولية على اثر وفاة عدد من العمال بسبب ظروف العمل القاسية التي ترقى إلى مستوى السخرة والاسترقاق.

وتحت وطأة الضغوط الدولية فرضت قطر قيودا في الصيف على فترات العمل، حيث بات يمنع العمال من العمل في الخارج بين الساعة 11:30 قبل الظهر والثالثة بعد الظهر، في الفترة الممتدة بين 15 يونيو/حزيران وآخر أغسطس/اب.

واعتبرت تلك الإجراءات غير كافية لحماية العمال الذين يعانون من ظروف قاسية. ورغم أن هذه القيود تصبح لاغية بدءا من الأول من سبتمبر/ايلول، فإن توقعات الأحوال الجوية للأيام الأولى من الشهر المقبل، قدرت درجات الحرارة فيها بحوالي 40 درجة مئوية.

وكانت اللجنة المشرفة على تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم المقررة في قطر، قالت في 2016 إن العمال الأجانب الذين يبنون الملاعب في ظل الحر الشديد سيتسلمون خوذات مبردة لتقليل درجة حرارة أجسادهم وخطر إصابتهم بضربات الشمس.

وفي فصل الصيف تصل الحرارة في قطر إلى 50 درجة أحيانا وتفرض الدوحة حظرا على العمل خارج المباني لعدة ساعات يوميا خلال شهور الصيف.

لكن عمالا مهاجرين شكوا من الإنهاك بسبب الحرارة والجفاف أثناء العمل في الصيف.

وستقام نهائيات كأس العالم 2022 في الفترة بين نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول على عكس موعدها المعتاد في الصيف وذلك لتفادي درجات الحرارة المرتفعة، على رغم أن قطر ستنشئ ملاعب مكيفة.