قطع التمويل عن الأونروا يفاقم مأساة الفلسطينيين

غوتيريش يناشد الدول المانحة "ضمان استمرارية" عمليات التمويل للمنظمة متعهدا بالتحقيق في المزاعم التي طالت 12 من موظفيها.

نيويورك– تعهد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد بمحاسبة "أي موظف في المنظمة الدولية ضالع في أعمال إرهابية"، مناشدا الدول المانحة "ضمان استمرارية" عمليات التمويل التي تعد شريان حياة لملايين الفلسطينيين، وذلك بعد مزاعم عن اشتراك بعض موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في هجمات السابع من أكتوبر التي شنتها حركة حماس على إسرائيل.

وعلقت الكثير من الدول تمويلها للمنظمة "مؤقتا"،  من بينها الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإيطاليا وبريطانيا وفنلندا وألمانيا وأخيرا هولندا، بسبب الاتهامات الاسرائيلية.قررت فرنسا، الأحد، تعليق مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الربع الأول من العام الجاري.

وكتب فيليب لازاريني المفوض العام للأونروا على منصة إكس “الفلسطينيون في غزة لم يكونوا بحاجة إلى هذا العقاب الجماعي الإضافي. هذا يطالنا جميعا”.

وتشكل المنظمة حجر أساس في دعم ملايين اللاجئين الفلسطينيين منذ إنشائها في 1949، وشريان حياة بالنسبة إلى أهل غزة لاسيما وسط الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع، وتعهدت بالتحقيق في المزاعم التي طالت 12 من موظفيها.

وأوضح غوتيريش في بيان "فيما أفهم قلقهم وقد روعت أنا أيضا بهذه الاتهامات، أناشد الحكومات التي علقت مساهماتها أن تضمن على الأقل استمرارية عمليات الأونروا”.

وصرفت الأونروا موظفين عدة بعد الاتهامات الإسرائيلية واعدة بتحقيق شامل في الاتهامات فيما تعهدت إسرائيل منع الأونروا من العمل في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الحالية.

وقال غوتيريش في البيان "الأفعال الشنيعة التي قد يكون ارتكبها هؤلاء الموظفون يجب أن تكون لها عواقب. لكن يجب عدم معاقبة عشرات آلاف الرجال والنساء الذين يعملون لحساب الأونروا، الكثير منهم في بعض من أخطر الظروف للعاملين في المجال الإنساني". وأكد "يجب تلبية الحاجات الملحة للسكان اليائسين الذين يقدمون الخدمات لهم".

وشدد على أن "مليوني مدني في غزة يعتمدون على مساعدة الأونروا الحيوية لاستمراريتهم لكن التمويل الحالي للأونروا لن يسمح بتلبية كل الحاجات في شباط/فبراير".

وأكد غوتيريش ورود أسماء 12 موظفا من الأونروا في الاتهامات الإسرائيلية التي فتحت الأمم المتحدة تحقيقا فيها. وأوضح أن تسعة منهم طردوا وقتل واحد "فيما يتم التحقق من هوية اثنين آخرين". وقال في بيان "أي موظف في الأمم المتحدة ضالع في أعمال إرهابية سيحاسب بما في ذلك من خلال الملاحقة الجنائية.. الأمانة العامة مستعدة للتعاون مع سلطة مختصة قادرة على محاكمة الأفراد بما يتماشى مع الإجراءات العادية للأمانة العامة لمثل هذا التعاون".

وتشارك العديد من الدول في دعم هذه المنظمة الأممية، إلا أن حصة الأسد تعود إلى دول الاتحاد الأوروبي، التي شاركت في 443 بالمئة من إجمالي تعهدات الوكالة البالغة 117 مليار دولار.

وتشكل الولايات المتحدة بدورها مساهماً فردياً مهماً في الأونروا، وتبلغ مساعدتها المالية السنوية نحو 300 مليون دولار، تليها في الترتيب كل من ألمانيا والسويد فضلا عن النرويج. وفق وكالة فرانس برس.

أما الأموال التي تحصل عليها الوكالة من الميزانية العادية للأمم المتحدة ومن المساهمات من الكيانات الأممية الأخرى، فبلغت 44.6 مليون دولار فقط. عام 2022 لأن تمويلها يتم بشكل كامل تقريبا من التبرعات الطوعية، باستثناء وحيد هو الإعانة المحدودة جدا التي تؤخذ من الميزانية العادية للأمم المتحدة وتستخدم حصرا لتغطية التكاليف الإدارية.

ومثلت تبرعات الحكومات حول العالم سنة 2022 على سبيل المثال 94.9 بالمئة من إجمالي التبرعات.

وجاء 44.3 بالمئة من إجمالي تعهدات الوكالة البالغة 1.17 مليار دولار من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي تبرعت بمبلغ 520.3 مليون دولار سنة 2022، بما في ذلك تلك التي أتت من خلال المفوضية الأوروبية.

وهناك حوالي 5.9 ملايين فلسطيني مسجّلين لدى الأونروا ويمكنهم الاستفادة من خدماتها التي تشمل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والبنى التحتية للمخيّمات والتمويلات الصغيرة والمساعدات الطارئة، بما في ذلك خلال الفترات التي تشهد نزاعاً مسلّحاً.

وتعترف الوكالة الأممية بما مجموعه 58 مخيماً للاجئين ، بينها 19 مخيّماً في الضفة الغربية، الأرض الفلسطينية التي تحتلّها إسرائيل عسكرياً منذ 50 عاماً. ويدرس أكثر من 540 ألف طفل في مدارس الأونروا.
وأتى ذلك إثر قرار صدر عن محكمة العدل الدولية في لاهاي طلب من إسرائيل الجمعة العمل على منع حصول أعمال إبادة محتملة في النزاع والسماح بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع.

وأعلنت إسرائيل، السبت، أنّها لم تعد ترغب في أن تؤدي الوكالة التابعة للأمم المتحدة أيّ دور في غزة بعد الحرب. بينما نددت حماس ب"التهديدات" الإسرائيلية ودعت "الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية إلى عدم الرضوخ لتهديدات وابتزازات" الدولة العبرية.

وأدّى الهجوم المباغت الذي شنّته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر إلى مقتل أكثر من 1140 شخصاً في إسرائيل، معظمهم مدنيّون، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيليّة رسميّة.

ورداً على ذلك، تعهّدت إسرائيل "القضاء" على حماس وباشرت عمليّة عسكريّة واسعة خلّفت 26257 قتيلا، غالبيّتهم من النساء والأطفال والفتية، وفق وزارة الصحّة.