قمة جدة تبدد فكرة التحالف الإقليمي مع إسرائيل

في ختام جولته الإقليمية، بايدن يعلن التزام إدارته القوي بأمن الشرق الاوسط: الولايات المتحدة لن تذهب بعيدا.

جدة (السعودية) - قال الرئيس الأميركي جو بايدن أمام قمة عربية السبت إن الولايات المتحدة ستظل ملتزمة بقوة بدورها تجاه حلفائها في الشرق الأوسط وإنها "لن تذهب بعيدا"، في الوقت الذي ضغط فيه من أجل إرساء أسس تحالف أمني إقليمي من شأنه دمج إسرائيل بالمنطقة.
وقدم بايدن، الذي بدأ أول جولة له بالشرق الأوسط منذ توليه الرئاسة بزيارة إسرائيل، رؤيته واستراتيجيته لدور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
كما سعى إلى استغلال التجمع في جدة لدمج إسرائيل ضمن محور جديد مدفوع إلى حد كبير بمخاوف مشتركة إزاء إيران.
لكن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ذكر السبت في مؤتمر صحافي بعد اختتام القمة، إنه ليس لديه علم بأي مناقشات بشأن إقامة تحالف دفاعي خليجي-إسرائيلي وإن السعودية لا تشارك في مثل هذه المحادثات.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية "نعتقد أن هناك قيمة كبيرة في حشد أكبر قدر ممكن من القدرات في هذه المنطقة، وبالتأكيد إسرائيل تمتلك قدرات دفاعية جوية وصاروخية كبيرة بما يتماشى مع احتياجاتها. لكننا نجري هذه المناقشات على المستوى الثنائي مع هذه الدول".
وصب بايدن تركيزه خلال الجولة على القمة التي جمعته مع زعماء ست دول خليجية ومصر والأردن والعراق لكنه قلل من أهمية لقائه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وأثارت تلك المقابلة انتقادات في الولايات المتحدة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان.
وقال بايدن "لا يوجد بلد يصيب طوال الوقت، أو حتى في معظم الأوقات، بما فيها الولايات المتحدة. لكن شعبنا هو مصدر قوتنا. وبلداننا ستزداد قوة بما تملك من ثقة في التعلم من أخطائها".
وأضاف "لذا اسمحوا لي أن أختتم بإيجاز كل هذا في جملة واحدة. الولايات المتحدة تستثمر في بناء مستقبل إيجابي في المنطقة، بالشراكة معكم جميعا، والولايات المتحدة لن تذهب بعيدا".
وكان بايدن قد وعد بجعل المملكة العربية السعودية "منبوذة" على الصعيد العالمي بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 على يد فريق من ضباط مخابرات سعوديين، لكنه قرر في النهاية أن المصالح الأميركية تفرض إعادة تقويم وليس قطيعة في العلاقات مع أكبر مُصدر للنفط في العالم.
وقال الرئيس الأميركي إنه أثار قضية مقتل خاشقجي في اجتماعه مع ولي العهد السعودي الجمعة وإن الصمت بشأن حقوق الإنسان هو "شيء يتعارض مع طبيعتنا ومع طبيعتي".
وقال مسؤول سعودي إن ولي العهد أبلغ بايدن بأن السعودية تحركت للحيلولة دون حدوث أخطاء مثل مقتل خاشقجي لكن الولايات المتحدة ارتكبت أخطاء أيضا، مثل ما حدث في في العراق.
وذكر المسؤول، في بيان حول المحادثات التي أجريت الجمعة بين الزعيمين، أن ولي العهد السعودي قال إن محاولة فرض قيم معينة بالقوة على بلدان أخرى قد يأتي بنتائج عكسية.
ويحتاج بايدن إلى مساعدة السعودية في وقت ترتفع فيه أسعار النفط الخام ويشهد مشاكل أخرى تتعلق بالصراع الروسي الأوكراني، كما أنه يشجع الجهود المبذولة لإنهاء حرب اليمن بعد التوصل إلى هدنة مؤقتة. وتريد واشنطن أيضا كبح نفوذ إيران في المنطقة ونفوذ الصين العالمي.
وقالت الرئاسة المصرية إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ناقش في أول لقاء له مع بايدن الأمن الغذائي واضطرابات إمدادات الطاقة.
وتوترت العلاقات بين مصر والولايات المتحدة في الأشهر الأولى من فترة رئاسة بايدن في ظل خلافات بشأن حقوق الإنسان، لكن جهود مصر للتوسط في وقف لإطلاق النار في غزة في مايو/أيار 2021 أعادت مد جسور التواصل بين واشنطن والقاهرة.
وقال مسؤول كبير آخر في الإدارة الأميركية إن بايدن سيعلن تخصيص الولايات المتحدة مليار دولار في صورة مساعدات جديدة على المدى القريب والمدى البعيد للأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع التزام دول الخليج أيضا بتقديم ثلاثة مليارات دولار على مدار العامين المقبلين في مشروعات تتماشى مع شراكات الولايات المتحدة في البنية التحتية العالمية والاستثمار.
وتسعى دول الخليج، التي رفضت الوقوف في صف الغرب ضد روسيا فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، بدورها إلى الحصول على تعهدات ملموسة من الولايات المتحدة حول التزامها بالعلاقات الاستراتيجية التي توترت بسبب ما ترى أنه توجه أميركي لفك الارتباط مع المنطقة.
وأصيبت الرياض وأبوظبي بالإحباط بسبب الشروط الأميركية بشأن مبيعات الأسلحة واستبعادهما من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 الذي يرون أنه معيب لعدم معالجة المخاوف الإقليمية بشأن برنامج طهران الصاروخي وتدخلاتها في دول المنطقة.
وشجعت إسرائيل، التي تشاركهما المخاوف بشأن إيران، رحلة بايدن إلى المملكة على أمل أن تعزز الدفء بين الرياض وإسرائيل ضمن تقارب عربي أوسع بعد أن أقامت الإمارات والبحرين علاقات مع إسرائيل في اتفاقيات توسطت فيها الولايات المتحدة وباركتها الرياض.
وقالت السعودية الجمعة إنها ستفتح مجالها الجوي لجميع شركات الطيران، مما يمهد الطريق أمام مزيد من الرحلات من وإلى إسرائيل.
لكن وزير الخارجية السعودي اعلن السبت في مؤتمره الصحافي أن قرار فتح الاجواء ليس إشارة الى أي دفع باتجاه إقامة علاقة مستقبلية مع اسرائيل، مضيفا أنه "ليس في أي حال من الأحوال تمهيدا لخطوات لاحقة".
وسيكون من الصعب ترويج مثل هذه الخطة للدول العربية التي ليس لها علاقات مع إسرائيل وترفض أن تكون جزءا من تحالف يُنظر إليه على أنه ضد إيران التي أسست شبكة قوية من الوكلاء في جميع أنحاء المنطقة بما في ذلك العراق ولبنان واليمن.